كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 42)
الاِسْتِنَابَةِ بِوَظِيفَةٍ تَقْبَل الإِْنَابَةَ كَالتَّدْرِيسِ بِخِلاَفِ التَّعَلُّمِ، وَحَيْثُ تَحَرَّرَ الْجَوَازُ فَلاَ فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَنَابُ مُسَاوِيًا لِلنَّائِبِ فِي الْفَضِيلَةِ أَوْ فَوْقَهُ أَوْ دُونَهُ.
وَاشْتَرَطَ أَبُو السُّعُودِ لِجَوَازِ الاِسْتِنَابَةِ الْعُذْرَ الشَّرْعِيَّ، وَكَوْنَ الْوَظِيفَةِ مِمَّا يَقْبَل النِّيَابَةَ كَالإِْفْتَاءِ وَالتَّدْرِيسِ، وَكَوْنَ النَّائِبِ مِثْل الأَْصِيل أَوْ خَيْرًا مِنْهُ، وَأَنَّ الْمَعْلُومَ بِتَمَامِهِ يَكُونُ لِلنَّائِبِ لَيْسَ لِلأَْصِيل مِنْهُ شَيْءٌ (1) .
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى جَوَازِ الاِسْتِنَابَةِ فِي أَيَّامِ الْعُذْرِ وَقَالُوا: جَازَ لِلْمُسْتَنِيبِ تَنَاوُل رِيعِ الْوَقْفِ وَأَنْ يُطْلِقَ لِنَائِبِهِ مَا أَحَبَّ مِنْ ذَلِكَ الرِّيعِ، وَأَمَّا فِي غَيْرِ أَوْقَاتِ الأَْعْذَارِ فَلاَ تَجُوزُ الاِسْتِنَابَةُ عِنْدَهُمْ فِي الْوَظَائِفِ، قَال فِي الْمَسَائِل الْمَلْقُوطَةِ: مَنْ وَلاَّهُ الْوَاقِفُ عَلَى وَظِيفَةٍ بِأُجْرَةٍ، فَاسْتَنَابَ فِيهَا غَيْرَهُ وَلَمْ يُبَاشِرِ الْوَظِيفَةَ بِنَفْسِهِ، فَإِنَّهُ لاَ يَجُوزُ لَهُ تَنَاوُل الأُْجْرَةِ وَلاَ لِنَائِبِهِ؛ لأَِنَّهُ لَمْ يُبَاشِرِ الْوَظِيفَةَ بِنَفْسِهِ، وَمَا عُيِّنَ لَهُ النَّاظِرُ لاَ يَسْتَحِقُّهُ إِلاَّ بِمُبَاشَرَتِهِ بِنَفْسِهِ، وَلَمْ يُعَيِّنِ النَّاظِرُ النَّائِبَ فِي الْوَظِيفَةِ، فَمَا تَنَاوَلاَهُ حَرَامٌ (2) .
وَاخْتَلَفَ الشَّافِعِيَّةُ فِي جَوَازِ الاِسْتِنَابَةِ فِي
__________
(1) ابن عابدين 3 / 408.
(2) مواهب الجليل 6 / 37، والفروق 3 / 4.
الْوَظَائِفِ، فَقَدْ جَاءَ فِي حَاشِيَةِ الْقَلْيُوبِيِّ: الاِسْتِنَابَةُ فِي الْوَظَائِفِ الَّتِي تَقْبَل النِّيَابَةَ جَائِزَةٌ إِذَا كَانَ النَّائِبُ مِثْل الْمُسْتَنِيبِ أَوْ أَعْلَى، وَيَسْتَحِقُّ الْمُسْتَنِيبُ جَمِيعَ الْمَعْلُومِ وَإِنْ جَعَل لِلنَّائِبِ شَيْئًا وَجَبَ دَفْعُهُ.
وَجَاءَ فِي حَاشِيَةِ عَمِيرَةَ مَا يُفِيدُ أَنَّ الاِسْتِنَابَةَ فِي الْوَظَائِفِ غَيْرُ جَائِزَةٍ، وَلاَ يَسْتَحِقُّ الْمُسْتَنِيبُ وَلاَ النَّائِبُ شَيْئًا، لَكِنْ تَجُوزُ الاِسْتِنَابَةُ إِذَا كَانَتْ بِإِذْنِ الْوَاقِفِ (1) .
أَمَّا الْحَنَابِلَةُ فَقَدْ قَال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: النِّيَابَةُ فِي الأَْعْمَال الْمَشْرُوطَةِ مِنْ تَدْرِيسٍ وَإِمَامَةٍ وَخَطَابَةٍ وَأَذَانٍ وَغَلْقِ بَابٍ وَنَحْوِهَا جَائِزَةٌ، إِذَا كَانَ النَّائِبُ مِثْل مُسْتَنِيبِهِ فِي كَوْنِهِ أَهْلاً لِمَا اسْتُنِيبَ فِيهِ، ثُمَّ قَال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: مَنْ أَكَل أَمْوَال النَّاسِ بِالْبَاطِل قَوَّمَ لَهُمْ رَوَاتِبَ أَضْعَافَ حَاجَاتِهِمْ وَقَوَّمَ لَهُمْ جِهَاتٍ مَعْلُومُهَا كَثِيرٌ يَأْخُذُونَهُ وَيَسْتَنِيبُونَ فِيهَا بِيَسِيرٍ مِنَ الْمَعْلُومِ لأَِنَّ هَذَا خِلاَفُ غَرَضِ الْوَاقِفِينَ (2) .
__________
(1) حاشيتي القليوبي وعميرة 3 / 132.
(2) كشاف القناع 4 / 268، والإنصاف 7 / 69.
الصفحة 48