كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 42)
النَّسَبِ وَالنِّيَاحَةُ عَلَى الْمَيِّتِ (1) ، وَالْمَقْصُودُ كُفْرُ النِّعْمَةِ إِنْ لَمْ يَقَعْ مَعَ الاِسْتِحْلاَل، وَإِلاَّ فَهُوَ رِدَّةٌ، وَكِلاَهُمَا حَرَامٌ بِلاَ شَكٍّ.
وَمِنْهَا مَا رُوِيَ عَنْ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: نُهِيتُ عَنْ صَوْتَيْنِ أَحْمَقَيْنِ فَاجِرَيْنِ: صَوْتٌ عِنْدَ نِعْمَةٍ لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَمَزَامِيرُ شَيْطَانٍ، وَصَوْتٌ عِنْدَ مُصِيبَةٍ خَمْشُ وُجُوهٍ وَشَقُّ جُيُوبٍ وَرَنَّةُ شَيْطَانٍ (2) .
وَمِنْهَا مَا رُوِيَ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَال: أُغْمِيَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَجَعَلَتْ أُخْتُهُ تَبْكِي وَتَقُول: وَاجَبَلاَهُ، وَاكَذَا وَاكَذَا، تُعَدِّدُ عَلَيْهِ، فَقَال ابْنُ رَوَاحَةَ حِينَ أَفَاقَ: مَا قُلْتِ شَيْئًا إِلاَّ وَقَدْ قِيل لِي: أَنْتَ كَذَلِكَ؟ (3) .
وَمِنْهَا مَا وَرَدَ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ أَنَّهُ قَال: النَّائِحَةُ إِذَا لَمْ تَتُبْ قَبْل مَوْتِهَا تُقَامُ
__________
(1) حديث: " اثنتان في الناس هما بهم كفر. . . " أخرجه مسلم (1 / 82 ط الحلبي) .
(2) حديث: " نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين. . . " أخرجه ابن سعد في الطبقات (1 / 138 ط دار صادر) والترمذي (3 / 328 ط الحلبي) واللفظ لابن سعد وقال الترمذي: حسن.
(3) حديث النعمان بن بشير: " أغمي على عبد الله بن رواحة - رضي الله عنه - فجعلت أخته تبكي: واجبلاه. . . " أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى (3 / 529 ط بيروت) .
يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَعَلَيْهَا سِرْبَالٌ مِنْ قَطِرَانٍ وَدِرْعٌ مِنْ جَرَبٍ (1) .
وَمِنْهَا مَا رَوَتْهُ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ: لَمَّا جَاءَ قَتْل ابْنِ حَارِثَةَ وَجَعْفَرٍ وَابْنِ رَوَاحَةَ جَلَسَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْرَفُ فِيهِ الْحُزْنُ، وَأَنَا أَطَّلِعُ مِنْ شِقِّ الْبَابِ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَال: يَا رَسُول اللَّهِ، إِنَّ نِسَاءَ جَعْفَرٍ. . . . وَذَكَرَ بُكَاءَهُنَّ، فَأَمَرَهُ بِأَنْ يَنْهَاهُنَّ. فَذَهَبَ الرَّجُل، ثُمَّ أَتَى، فَقَال: قَدْ نَهَيْتُهُنَّ، وَذَكَرَ أَنَّهُنَّ لَمْ يُطِعْنَهُ، فَأَمَرَهُ الثَّانِيَةَ أَنْ يَنْهَاهُنَّ، فَذَهَبَ ثُمَّ أَتَى فَقَال: وَاللَّهِ لَقَدْ غَلَبْنَنِي (أَوْ: غَلَبْنَنَا) الشَّكُّ مِنْ أَحَدِ رُوَاةِ الْحَدِيثِ - فَزَعَمْتُ (2) أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: " فَاحْثُ فِي أَفْوَاهِهِنَّ التُّرَابَ "، فَقُلْتُ (3) : أَرْغَمَ اللَّهُ أَنْفَكَ، فَوَاللَّهِ مَا أَنْتَ بِفَاعِلٍ، مَا تَرَكْتَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْعَنَاءِ (4) . قَال الْقُرْطُبِيُّ فِيمَا نَقَلَهُ عَنْهُ ابْنُ حَجَرٍ: هَذَا يَدُل عَلَى أَنَّهُنَّ رَفَعْنَ أَصْوَاتَهُنَّ بِالْبُكَاءِ، فَلَمَّا لَمْ يَنْتَهِينَ أَمَرَهُ أَنْ يَسُدَّ أَفْوَاهَهُنَّ
__________
(1) حديث: " النائحة إذا لم تتب قبل موتها. . . " أخرجه مسلم (2 / 644 ط عيسى الحلبي) في حديث أبي مالك الأشعري.
(2) الزعم قد يطلق على القول المحقق وهو المراد هنا (فتح الباري 3 / 130) .
(3) القائل هو عائشة رضي الله عنها
(4) حديث: " فاحث في أفواههن التراب. . . " أخرجه البخاري (فتح الباري 3 / 176 ط السلفية) ومسلم (2 / 644 - 645 ط عيسى الحلبي) .
الصفحة 52