كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 42)
وَاشْتَرَطَ الْمَالِكِيَّةُ لِلنِّيَّةِ ثَلاَثَةَ شُرُوطٍ، هِيَ:
أ - أَنْ يَتَعَلَّقَ بِمُكْتَسَبِ النَّاوِي، فَإِنَّهَا مُخَصِّصَةٌ، وَتَخْصِيصُ غَيْرِ الْمَعْقُول لِلْمُخَصِّصِ مُحَالٌ.
ب - أَنْ يَكُونَ الْمَنَوِيُّ مَعْلُومَ الْوُجُوبِ أَوْ مَظْنُونَهُ، فَإِنَّ الْمَشْكُوكَ تَكُونُ فِيهِ النِّيَّةُ مُتَرَدِّدَةً فَلاَ تَنْعَقِدُ، وَلِذَلِكَ لاَ يَصِحُّ وُضُوءُ الْكَافِرِ وَلاَ غُسْلُهُ قَبْل انْعِقَادِ الإِْسْلاَمِ؛ لأَِنَّهُمَا غَيْرُ مَعْلُومَيْنِ وَلاَ مَظْنُونَيْنِ.
ج - أَنْ تَكُونَ النِّيَّةُ مُقَارِنَةً لِلْمَنْوِيِّ؛ لأَِنَّ أَوَّل الْعِبَادَةِ لَوْ عَرَا عَنِ النِّيَّةِ لَكَانَ أَوَّلُهَا مُتَرَدِّدًا بَيْنَ الْقُرْبَةِ وَغَيْرِهَا، وَآخِرُ الصَّلاَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَوَّلِهَا وَتَبَعٌ لَهُ، بِدَلِيل أَنَّ أَوَّلَهَا إِنْ نَوَى نَفْلاً أَوْ وَاجِبًا أَوْ قَضَاءً أَوْ أَدَاءً كَانَ آخِرُهَا كَذَلِكَ، فَلاَ تَصِحُّ (1) .
وَقْتُ النِّيَّةِ:
13 - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّ وَقْتَ النِّيَّةِ هُوَ
__________
(1) الذخيرة للقرافي 1 / 246 - 248، ومواهب الجليل 1 / 233، والفروق للقرافي وتهذيبه 1 / 202 - 203.
أَوَّل الْعِبَادَاتِ، أَوْ أَنَّ الأَْصْل أَنَّ أَوَّل وَقْتِهَا أَوَّل الْعِبَادَاتِ، فَيَجِبُ - كَمَا عَبَّرَ بَعْضُهُمْ - أَنْ تَقْتَرِنَ النِّيَّةُ بِأَوَّل كُل عِبَادَةٍ إِلاَّ أَنْ يَشُقَّ مُقَارَنَتُهَا إِيَّاهَا.
وَاسْتَثْنَوْا مِنْ ذَلِكَ صُوَرًا مِنَ الْعِبَادَاتِ خَرَجَتْ عَنْ هَذَا الأَْصْل، وَأَضَافُوا أَحْكَامًا تَتَعَلَّقُ بِالأَْوَّل الْحَقِيقِيِّ وَالنِّسْبِيِّ أَوِ الْحُكْمِيِّ لِلْعِبَادَاتِ، وَبِاشْتِرَاطِ بَقَاءِ النِّيَّةِ أَثْنَاءَ الْعِبَادَاتِ أَوْ عَدَمِ اشْتِرَاطِ ذَلِكَ اكْتِفَاءً بِاسْتِصْحَابِهَا مِنْ أَوَّل الْعِبَادَاتِ، وَهَذَا وَغَيْرُهُ فِي الْجُمْلَةِ، وَلَهُمْ - بَعْدَ ذَلِكَ - تَفْصِيلٌ:
14 - أَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَقَدْ قَالُوا: الأَْصْل أَنَّ وَقْتَ النِّيَّةِ أَوَّل الْعِبَادَاتِ، وَلَكِنَّ الأَْوَّل حَقِيقِيٌّ وَحُكْمِيٌّ، فَقَالُوا فِي الصَّلاَةِ: لَوْ نَوَى قَبْل الشُّرُوعِ. . فَعِنْدَ مُحَمَّدٍ: لَوْ نَوَى عِنْدَ الْوُضُوءِ أَنَّهُ يُصَلِّي الظُّهْرَ أَوِ الْعَصْرَ مَعَ الإِْمَامِ وَلَمْ يَشْتَغِل بَعْدَ النِّيَّةِ بِمَا لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الصَّلاَةِ، إِلاَّ أَنَّهُ لَمَّا انْتَهَى إِلَى مَكَانِ الصَّلاَةِ لَمْ تَحْضُرْهُ النِّيَّةُ. . . جَازَتْ صَلاَتُهُ بِتِلْكَ النِّيَّةِ، وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ. . . كَذَا فِي الْخُلاَصَةِ، وَفِي التَّجْنِيسِ: إِذَا تَوَضَّأَ فِي مَنْزِلِهِ لِيُصَلِّيَ الظُّهْرَ ثُمَّ حَضَرَ الْمَسْجِدَ فَافْتَتَحَ بِتِلْكَ النِّيَّةِ، فَإِنْ لَمْ يَشْتَغِل بِعَمَلٍ آخَرَ يَكْفِيهِ ذَلِكَ - هَكَذَا قَال مُحَمَّدٌ فِي الرُّقَيَّاتِ -
الصفحة 69