كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 42)

الْمُوجِبِ لِلْوَسْوَاسِ، وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ تُجْزِئُ نِيَّةٌ فَرْدَةٌ مَقْرُونَةٌ بِالتَّكْبِيرِ، كَمَا تُجْزِئُ فِي الصَّوْمِ وَالزَّكَاةِ وَالْكَفَّارَاتِ وَالاِعْتِكَافِ وَالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ نِيَّةٌ فَرْدَةٌ.
وَقَال: وَتَصِحُّ الْعِبَادَةُ بِنِيَّةٍ تَقَعُ فِي أَثْنَائِهَا، وَلَهُ صُوَرٌ:
إِحْدَاهَا: أَنْ يَنْوِيَ الْمُتَنَفِّل رَكْعَةً وَاحِدَةً، ثُمَّ يَنْوِيَ أَنْ يَزِيدَ عَلَيْهَا رَكْعَةً أَوْ أَكْثَرَ، فَتَصِحُّ الرَّكْعَةُ الأُْولَى بِالنِّيَّةِ الأُْولَى وَيَصِحُّ مَا زَادَ عَلَيْهَا بِالنِّيَّةِ الثَّانِيَةِ، وَلَيْسَ هَذَا كَتَفْرِيقِ النِّيَّةِ عَلَى الصَّلاَةِ؛ لأَِنَّ الْمُفَرِّقَ يَنْوِي مَا لاَ يَكُونُ صَلاَةً مُفْرَدَةً، وَهَاهُنَا قَدْ نَوَى بِالنِّيَّةِ الأُْولَى الرَّكْعَةَ الأُْولَى وَهِيَ صَلاَةٌ عَلَى حِيَالِهَا، وَنَوَى الزِّيَادَةَ بِنِيَّةٍ ثَانِيَةٍ وَهِيَ صَلاَةٌ أَيْضًا عَلَى حِيَالِهَا، وَلَيْسَ كَمَنْ نَوَى تَكْبِيرَةً أَوْ قَوْمَةً، أَوْ نَوَى مِنَ الظُّهْرِ رَكْعَةً عَلَى انْفِرَادِهَا، فَإِنَّ الرَّكْعَةَ الْمُنْفَرِدَةَ لاَ تَكُونُ ظُهْرًا.
الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ: إِذَا نَوَى الاِقْتِصَارَ فِي الصَّلاَةِ عَلَى الأَْرْكَانِ وَالشَّرَائِطِ ثُمَّ نَوَى التَّطْوِيل الْمَشْرُوعَ أَوِ السُّنَنَ الْمَشْرُوعَةَ، فَإِنَّ ذَلِكَ يُجْزِئُهُ لاِشْتِمَال النِّيَّةِ الأُْولَى عَلَى الأَْرْكَانِ وَالشَّرَائِطِ، وَالثَّانِيَةِ عَلَى السُّنَنِ التَّابِعَةِ، فَإِنَّهَا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ صَلاَةً مُسْتَقِلَّةً فَقَدْ ثَبَتَ لِلتَّابِعِ مَا لاَ يَثْبُتُ لِلْمَتْبُوعِ.
الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ: إِذَا نَوَى الْمُسَافِرُ الْقَصْرَ ثُمَّ نَوَى الإِْتْمَامَ، فَإِنَّ الرَّكْعَتَيْنِ الأُْولَيَيْنِ تُجْزِئَانِهِ بِالنِّيَّةِ الأُْولَى، وَتُجْزِئُهُ الرَّكْعَتَانِ الأُْخْرَيَانِ بِالنِّيَّةِ الثَّانِيَةِ؛ لأَِنَّ الْمَقْصُودَ بِالنِّيَّتَيْنِ تَمْيِيزُ رُتْبَةِ الصَّلاَةِ - الظُّهْرِ - عَنْ غَيْرِهَا، وَقَدْ تَحَقَّقَ ذَلِكَ بِالنِّيَّتَيْنِ.
الصُّورَةُ الرَّابِعَةُ: إِذَا اقْتَرَنَ بِصَلاَةِ الْقَاصِرِ مَا يُوجِبُ الإِْتْمَامَ أَوْ طَرَأَ عَلَيْهَا مَا يُوجِبُ إِتْمَامَهَا - وَهُوَ لاَ يَشْعُرُ بِهِ فِي أَثْنَاءِ الصَّلاَةِ - فَإِنَّهُ يُتِمُّ الصَّلاَةَ بِالنِّيَّةِ الثَّانِيَةِ، وَقَدْ قَال بَعْضُ أَصْحَابِنَا: تُجْزِئُهُ بِالنِّيَّةِ الأُْولَى.
الصُّورَةُ الْخَامِسَةُ: إِذَا مَاتَ الأَْجِيرُ فِي الْحَجِّ قَبْل إِتْمَامِهِ الْحَجَّ، وَجَوَّزْنَا الْبِنَاءَ عَلَيْهِ فَاسْتَأْجَرْنَا مَنْ يَبْنِي عَلَيْهِ، وَقَدْ وَقَعَ مَا تَقَدَّمَ بِنِيَّةِ الأَْجِيرِ الأَْوَّل وَمَا تَأَخَّرَ بِنِيَّةِ الأَْجِيرِ الثَّانِي، فَيُؤَدَّى الْحَجُّ بِنِيَّتَيْنِ مِنْ شَخْصَيْنِ: إِحْدَاهُمَا فِي ابْتِدَائِهِ، وَالثَّانِيَةُ فِي انْتِهَائِهِ (1) .
17 - وَقَال الْحَنَابِلَةُ: يَجِبُ الإِْتْيَانُ بِالنِّيَّةِ عِنْدَ أَوَّل وَاجِبٍ فِي الْوُضُوءِ أَوِ الْغُسْل أَوِ التَّيَمُّمِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْعِبَادَاتِ؛ لأَِنَّ النِّيَّةَ شَرْطٌ لِصِحَّةِ وَاجِبَاتِهَا، فَيُعْتَبَرُ كَوْنُهَا كُلُّهَا بَعْدَ
__________
(1) قواعد الأحكام 1 / 176، 181 - 185، ومغني المحتاج 1 / 47 - 50، والأشباه للسيوطي 24 - 30.

الصفحة 73