كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 42)
مَا يُشْتَرَطُ فِيهِ تَعْيِينُ الْمَنَوِيِّ:
19 - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى اشْتِرَاطِ تَعْيِينِ النِّيَّةِ فِي عِبَادَةٍ لاَ تَلْتَبِسُ بِغَيْرِهَا مِنْ جِنْسِهَا مِنَ الْعِبَادَاتِ، وَهَذَا فِي الْجُمْلَةِ، وَلَهُمْ وَرَاءَ الإِْجْمَال تَفْصِيلٌ:
قَال ابْنُ نُجَيْمٍ: الأَْصْل عِنْدَنَا أَنَّ الْمَنْوِيَّ إِمَّا أَنْ يَكُونَ مِنَ الْعِبَادَاتِ أَوْ لاَ. فَإِنْ كَانَ عِبَادَةً:
فَإِنْ كَانَ وَقْتُهَا ظَرْفًا لِلْمُؤَدَّى، بِمَعْنَى أَنَّهُ يَسَعُهُ وَغَيْرَهُ، فَلاَ بُدَّ مِنَ التَّعْيِينِ، كَالصَّلاَةِ، كَأَنْ يَنْوِيَ الظُّهْرَ، فَإِنْ قَرَنَهُ بِالْيَوْمِ كَظُهْرِ الْيَوْمِ صَحَّ وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ، أَوْ قَرَنَهُ بِالْوَقْتِ وَلَمْ يَكُنْ خَرَجَ الْوَقْتُ صَحَّ أَيْضًا، فَإِنْ خَرَجَ وَنَسِيَهُ لاَ يُجْزِئُهُ فِي الصَّحِيحِ. . . وَعَلاَمَةُ التَّعْيِينِ لِلصَّلاَةِ بِحَيْثُ يَكُونُ لَوْ سُئِل: أَيُّ صَلاَةٍ يُصَلِّي؟ يُمْكِنُهُ أَنْ يُجِيبَ بِلاَ تَأَمُّلٍ.
وَإِنْ كَانَ وَقْتُهَا مِعْيَارًا لَهَا، بِمَعْنَى أَنَّهُ لاَ يَسَعُ غَيْرَهَا كَالصَّوْمِ فِي يَوْمِ رَمَضَانَ، فَإِنَّ التَّعْيِينَ لَيْسَ بِشَرْطٍ إِنْ كَانَ الصَّائِمُ صَحِيحًا مُقِيمًا، فَيَصِحُّ بِمُطْلَقِ النِّيَّةِ وَبِنِيَّةِ النَّفْل وَوَاجِبٍ آخَرَ؛ لأَِنَّ التَّعْيِينَ فِي الْمُتَعَيِّنِ لَغْوٌ، وَإِنْ كَانَ مَرِيضًا فَفِيهِ رِوَايَتَانِ، وَالصَّحِيحُ وُقُوعُهُ عَنْ رَمَضَانَ سَوَاءٌ نَوَى وَاجِبًا آخَرَ أَوْ نَفْلاً، وَأَمَّا الْمُسَافِرُ فَإِنْ نَوَى عَنْ وَاجِبٍ آخَرَ وَقَعَ عَمَّا نَوَاهُ لاَ عَنْ
رَمَضَانَ، وَفِي النَّفْل رِوَايَتَانِ.
وَإِنْ كَانَ وَقْتُهَا مُشْكِلاً كَوَقْتِ الْحَجِّ - يُشْبِهُ الْمِعْيَارَ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ لاَ يَصِحُّ فِي السَّنَةِ إِلاَّ حَجَّةٌ وَاحِدَةٌ، وَيُشْبِهُ الظَّرْفَ بِاعْتِبَارِ أَنَّ أَفْعَالَهُ لاَ تَسْتَغْرِقُ وَقْتَهُ - فَيُصَابُ بِمُطْلَقِ النِّيَّةِ نَظَرًا إِلَى الْمِعْيَارِيَّةِ، وَإِنْ نَوَى نَفْلاً وَقَعَ عَمَّا نَوَى نَظَرًا إِلَى الظَّرْفِيَّةِ.
وَلاَ يَسْقُطُ التَّعْيِينُ فِي الصَّلاَةِ بِضِيقِ الْوَقْتِ لأَِنَّ السَّعَةَ بَاقِيَةٌ، بِمَعْنَى أَنَّهُ لَوْ شَرَعَ مُتَنَفِّلاً صَحَّ وَإِنْ كَانَ حَرَامًا.
وَلاَ يَتَعَيَّنُ جُزْءٌ مِنْ أَجْزَاءِ الْوَقْتِ بِتَعْيِينِ الْعَبْدِ قَوْلاً، وَإِنَّمَا يَتَعَيَّنُ بِفِعْلِهِ.
وَأَمَّا فِي الْقَضَاءِ فَلاَ بُدَّ مِنَ التَّعْيِينِ صَلاَةً أَوْ صَوْمًا أَوْ حَجًّا.
وَأَمَّا إِذَا كَثُرَتِ الْفَوَائِتُ فَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي اشْتِرَاطِ التَّعْيِينِ لِتَمْيِيزِ الْفُرُوضِ الْمُتَّحِدَةِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ، وَالأَْصَحُّ: أَنَّهُ إِنْ كَانَ عَلَيْهِ قَضَاءٌ مِنْ رَمَضَانَ وَاحِدٍ فَصَامَ يَوْمًا نَاوِيًا عَنْهُ، وَلَكِنْ لَمْ يُعَيِّنْ أَنَّهُ صَائِمٌ عَنْ يَوْمِ كَذَا، فَإِنَّهُ يَجُوزُ، وَلاَ يَجُوزُ مِنْ رَمَضَانَيْنِ مَا لَمْ يُعَيِّنْ أَنَّهُ صَائِمٌ عَنْ رَمَضَانَ سَنَةَ كَذَا.
وَقَالُوا فِي الْمُتَيَمِّمِ: لاَ يَجِبُ التَّمْيِيزُ بَيْنَ الْحَدَثِ وَالْجَنَابَةِ، حَتَّى لَوْ تَيَمَّمَ الْجُنُبُ يُرِيدُ بِهِ
الصفحة 75