كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 42)

وَذَكَرَ فِي كَشْفِ الأَْسْرَارِ أَنَّ الأَْدَاءَ يَصِحُّ بِنِيَّةِ الْقَضَاءِ حَقِيقَةً، وَعَكْسُهُ، وَالصِّحَّةُ فِيهِ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ أَتَى بِأَصْل النِّيَّةِ وَلَكِنَّهُ أَخْطَأَ فِي الظَّنِّ، وَالْخَطَأُ فِي مِثْلِهِ مَعْفُوٌّ عَنْهُ.
وَأَمَّا الْحَجُّ: فَيَنْبَغِي أَنْ لاَ تُشْتَرَطَ فِيهِ نِيَّةُ التَّمْيِيزِ بَيْنَ الأَْدَاءِ وَالْقَضَاءِ (1) .
وَنَصَّ الْمَالِكِيَّةُ عَلَى أَنَّ النِّيَّةَ الْكَامِلَةَ هِيَ الْمُتَعَلِّقَةُ بِأَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ: تَعْيِينِ الصَّلاَةِ، وَالتَّقَرُّبِ بِهَا، وَأَدَائِهَا، وَاسْتِشْعَارِ الإِْيمَانِ يُعْتَبَرُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ، فَهَذِهِ هِيَ النِّيَّةُ الْكَامِلَةُ، فَإِنْ سَهَا عَنِ الإِْيمَانِ أَوْ وُجُوبِ الصَّلاَةِ أَوْ كَوْنِهَا أَدَاءً، أَوِ التَّقَرُّبِ بِهَا لَمْ تَفْسَدْ إِذَا عَيَّنَهَا لاِشْتِمَال التَّعْيِينِ عَلَى ذَلِكَ (2) .
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: فِي اشْتِرَاطِ الأَْدَاءِ وَالْقَضَاءِ فِي الصَّلاَةِ أَوْجُهٌ:
أَحَدُهَا: الاِشْتِرَاطُ، وَاخْتَارَهُ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ: طَرْدًا لِقَاعِدَةِ الْحِكْمَةِ الَّتِي شُرِعَتْ لَهَا النِّيَّةُ؛ لأَِنَّ رُتْبَةَ إِقَامَةِ الْفَرْضِ فِي وَقْتِهِ تُخَالِفُ رُتْبَةَ تَدَارُكِ الْفَائِتِ، فَلاَ بُدَّ مِنَ التَّعَرُّضِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا لِلتَّمْيِيزِ.
وَالثَّانِي: تُشْتَرَطُ نِيَّةُ الْقَضَاءِ دُونَ الأَْدَاءِ؛
__________
(1) الأشباه والنظائر لابن نجيم ص 38.
(2) الذخيرة 2 / 135.
لأَِنَّ الأَْدَاءَ يَتَمَيَّزُ بِالْوَقْتِ بِخِلاَفِ الْقَضَاءِ.
وَالثَّالِثُ: إِنْ كَانَ عَلَيْهِ فَائِتَةٌ اشْتُرِطَ فِي الْمُؤَدَّاةِ نِيَّةُ الأَْدَاءِ، وَإِلاَّ فَلاَ، وَبِهِ قَطَعَ الْمَاوَرْدِيُّ.
وَالرَّابِعُ، وَهُوَ الأَْصَحُّ: لاَ يُشْتَرَطَانِ مُطْلَقًا، لِنَصِّ الشَّافِعِيِّ عَلَى صِحَّةِ صَلاَةِ الْمُجْتَهِدِ فِي يَوْمِ الْغَيْمِ وَصَوْمِ الأَْسِيرِ إِذَا نَوَى الأَْدَاءَ فَبَانَا بَعْدَ الْوَقْتِ.
وَقَدْ بَسَطَ الْعَلاَئِيُّ الْكَلاَمَ فِي ذَلِكَ فَقَال: مَا لاَ يُوصَفُ مِنَ الْعِبَادَاتِ بِأَدَاءٍ وَلاَ قَضَاءٍ فَلاَ رَيْبَ فِي أَنَّهُ لاَ يَحْتَاجُ إِلَى نِيَّةِ أَدَاءٍ وَلاَ قَضَاءٍ، وَيَلْحَقُ بِذَلِكَ مَا لَهُ وَقْتٌ مَحْدُودٌ وَلَكِنَّهُ لاَ يَقْبَل الْقَضَاءَ كَالْجُمُعَةِ فَلاَ يَحْتَاجُ فِيهَا إِلَى نِيَّةِ الأَْدَاءِ إِذْ لاَ يَلْتَبِسُ بِهَا قَضَاءٌ فَتَحْتَاجَ إِلَى نِيَّةٍ مُمَيِّزَةٍ، وَأَمَّا سَائِرُ النَّوَافِل الَّتِي تُقْضَى فَهِيَ كَبَقِيَّةِ الصَّلَوَاتِ فِي جَرَيَانِ الْخِلاَفِ.
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: إِذَا نَوَى قَضَاءَ الصَّلاَةِ وَهِيَ أَدَاءٌ أَوِ الْعَكْسَ وَهُوَ عَالِمٌ بِذَلِكَ، فَلاَ تَصِحُّ صَلاَتُهُ قَطْعًا؛ لِتَلاَعُبِهِ.
وَأَمَّا الصَّوْمُ فَالَّذِي يَظْهَرُ تَرْجِيحُهُ أَنَّ نِيَّةَ الْقَضَاءِ لاَ بُدَّ مِنْهَا دُونَ الأَْدَاءِ لِتَمْيِيزِهِ بِالْوَقْتِ.
قَال السُّيُوطِيُّ: وَقَدْ ذَكَرَ الشَّيْخَانِ فِي الصَّوْمِ الْخِلاَفَ فِي نِيَّةِ الأَْدَاءِ.

الصفحة 85