كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 42)
بِصَاحِبِهِ، فَهَذَا يَجُوزُ دَفْعُهُ لِمَا فِيهِ مِنَ الْمَصْلَحَةِ (1) .
وَأَمَّا مَا يُفْرَضُ عَلَى النَّاسِ ظُلْمًا فَلاَ يَجِبُ دَفْعُهُ، وَمَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَتَخَلَّصَ مِنْ ذَلِكَ كَانَ أَفْضَل، يَقُول ابْنُ عَابِدِينَ: إِنَّ إِعْطَاءَ النَّوَائِبِ الَّتِي بِغَيْرِ حَقٍّ يُعْتَبَرُ إِعَانَةً لِلظَّالِمِ عَلَى ظُلْمِهِ، فَإِنَّ أَكْثَرَ النَّوَائِبِ فِي زَمَانِنَا بِطَرِيقِ الظُّلْمِ، فَمَنْ تَمَكَّنَ مِنْ دَفْعِ الظُّلْمِ عَنْ نَفْسِهِ فَذَلِكَ خَيْرٌ لَهُ؛ وَلأَِنَّ مَا حَرُمَ أَخْذُهُ حَرُمَ إِعْطَاؤُهُ إِلاَّ لِضَرُورَةٍ، فَإِذَا كَانَ الظَّالِمُ لاَ بُدَّ مِنْ أَخْذِهِ الْمَال عَلَى كُل حَالٍ فَلاَ يَكُونُ الْعَاجِزُ عَنِ الدَّفْعِ عَنْ نَفْسِهِ آثِمًا بِالإِْعْطَاءِ، بِخِلاَفِ الْقَادِرِ فَإِنَّهُ بِإِعْطَائِهِ مَا يَحْرُمُ أَخْذُهُ يَكُونُ مُعِينًا عَلَى الظُّلْمِ بِاخْتِيَارِهِ (2) .
وَفِي فَتَاوَى الشَّيْخِ عُلَيْشٍ سُئِل الدَّاوُدِيُّ فَقِيل لَهُ: هَل تَرَى لِمَنْ قَدِرَ أَنْ يَتَخَلَّصَ مِنْ دَفْعِ هَذَا الَّذِي يُسَمَّى بِالْخَرَاجِ إِلَى السُّلْطَانِ أَنْ يَفْعَل؟ قَال: نَعَمْ يَحِل لَهُ ذَلِكَ، قِيل لَهُ: فَإِنْ وَظَّفَهُ السُّلْطَانُ عَلَى أَهْل بَلَدٍ وَأَخَذَهُمْ بِمَالٍ مَعْلُومٍ يُؤَدُّونَهُ عَلَى أَمْوَالِهِمْ، هَل لِمَنْ قَدَرَ عَلَى الْخَلاَصِ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَفْعَل، وَهُوَ إِذَا خَلَصَ أُخِذَ سَائِرُ أَهْل بَلَدِهِ بِتَمَامِ مَا جُعِل عَلَيْهِمْ؟ قَال:
__________
(1) الحطاب 2 / 496، 497، ونهاية المحتاج 3 / 241، 242
(2) الدر المختار وحاشية ابن عابدين عليه 2 / 56
ذَلِكَ لَهُ (1) لِقَوْل اللَّهِ تَعَالَى: {إِنَّمَا السَّبِيل عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ (2) } .
وَلَوْ جَاءَتْ مَغْرَمَةٌ عَلَى جَمَاعَةٍ، وَقَدَرَ أَحَدُهُمْ عَلَى الدَّفْعِ عَنْ نَفْسِهِ، لَكِنَّ حِصَّتَهُ تُؤْخَذُ مِنْ بَاقِيهِمْ، فَهَل لَهُ ذَلِكَ؟ قَال الدَّاوُدِيُّ: لَهُ ذَلِكَ، وَقَال الشَّيْخَانِ: يُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ، وَقَال ابْنُ الْمُنِيرِ: يَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَعَزَاهُ فِي الْمَوَّاقِ لِسُحْنُونٍ.
فَإِنْ تَحَقَّقَ أَنَّ حِصَّتَهُ لاَ تُؤْخَذُ مِنْ بَاقِيهِمْ كَانَ لَهُ الدَّفْعُ عَنْ نَفْسِهِ قَوْلاً وَاحِدًا، وَعَمِل فِيمَا يَأْخُذُهُ الْمَكَّاسُ مِنَ الْمُرَكَّبِ بِتَوْزِيعِهِ عَلَى الْجَمِيعِ؛ لأَِنَّهُمْ نَجَوْا بِهِ (3) .
ج ـ - الْكَفَالَةُ بِالنَّوَائِبِ:
7 - النَّائِبَةُ بِمَعْنَى: مَا يُفْرَضُ عَلَى بَعْضِ النَّاسِ مِنْ أَمْوَالٍ إِنْ كَانَتْ بِحَقٍّ كَالَّذِي يَفْرِضُهُ الإِْمَامُ لِلْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ، فَهَذِهِ يَجُوزُ الْكَفَالَةُ بِهَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ بِالاِتِّفَاقِ بَيْنَهُمْ؛ لأَِنَّهَا وَاجِبَةٌ عَلَى كُل مُسْلِمٍ مُوسِرٍ بِإِيجَابِ طَاعَةِ وَلِيِّ الأَْمْرِ فِيمَا فِيهِ مَصْلَحَةُ الْمُسْلِمِينَ وَلَمْ يَلْزَمْ بَيْتُ الْمَال، أَوْ لَزِمَهُ وَلاَ شَيْءَ فِيهِ (4) .
__________
(1) فتح العلي المالك 2 / 186 ط الحلبي
(2) سورة الشورى / 42
(3) حاشية الدسوقي 3 / 225
(4) حاشية ابن عابدين 4 / 282
الصفحة 9
426