كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 42)
الْحَدَثِ الأَْصْغَرِ عَمْدًا لَمْ تَرْتَفِعْ جَنَابَتُهُ لِتَلاَعُبِهِ، أَوْ غَلَطًا ارْتَفَعَتْ عَنْ أَعْضَاءِ الأَْصْغَرِ لأَِنَّ غَسْلَهَا وَاجِبٌ فِي الْحَدَثَيْنِ وَقَدْ غَسَلَهَا بِنِيَّتِهِ، إِلاَّ الرَّأْسَ فَلاَ تَرْتَفِعُ عَنْهُ لأَِنَّ غَسْلَهُ وَقَعَ عَنْ مَسْحِهِ الَّذِي هُوَ فَرْضٌ فِي الأَْصْغَرِ، وَهُوَ إِنَّمَا نَوَى الْمَسْحَ وَهُوَ لاَ يُغْنِي عَنِ الْغَسْل، بِخِلاَفِ غَسْل بَاطِنِ لِحْيَةِ الرَّجُل الْكَثِيفَةِ فَإِنَّهُ يَكْفِي لأَِنَّ غَسْل الْوَجْهِ هُوَ الأَْصْل، فَإِذَا غَسَلَهُ فَقَدْ أَتَى بِالأَْصْل، أَمَّا غَيْرُ أَعْضَاءِ الأَْصْغَرِ فَلاَ تَرْتَفِعُ جَنَابَتُهُ لأَِنَّهُ لَمْ يَنْوِهِ، وَلَوِ اجْتَمَعَ عَلَى الْمَرْأَةِ غُسْل حَيْضٍ وَجَنَابَةٍ كَفَتْ نِيَّةُ أَحَدِهِمَا قَطْعًا.
وَتُجْزِئُ نِيَّةُ اسْتِبَاحَةِ مُفْتَقِرٍ إِلَى الْغُسْل، كَأَنْ يَنْوِيَ اسْتِبَاحَةَ الصَّلاَةِ أَوِ الطَّوَافِ مِمَّا يَتَوَقَّفُ عَلَى غُسْلٍ، فَإِنْ نَوَى مَا لاَ يَفْتَقِرُ إِلَيْهِ كَالْغُسْل لِيَوْمِ عِيدٍ لَمْ يَصِحَّ، وَقِيل: إِنْ نُدِبَ لَهُ صَحَّ.
وَتَكْفِي نِيَّةُ أَدَاءِ فَرْضِ الْغُسْل، أَوْ فَرْضِ الْغُسْل، أَوِ الْغُسْل الْمَفْرُوضِ، أَوْ أَدَاءِ الْغُسْل، وَكَذَا الطَّهَارَةُ لِلصَّلاَةِ. . . أَمَّا إِذَا نَوَى الْغُسْل فَقَطْ فَإِنَّهُ لاَ يَكْفِي (1) .
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: النِّيَّةُ وَاجِبَةٌ فِي الْغُسْل، فَيَنْوِي رَفْعَ الْحَدَثِ الأَْكْبَرِ، أَوِ اسْتِبَاحَةَ الصَّلاَةِ وَنَحْوِهَا.
__________
(1) مغني المحتاج 1 / 72، والمجموع 2 / 181، وروضة الطالبين 1 / 78.
وَإِذَا اغْتَسَل يَنْوِي الطَّهَارَتَيْنِ مِنَ الْحَدَثَيْنِ أَجْزَأَ عَنْهُمَا وَلَمْ يَلْزَمْهُ تَرْتِيبٌ وَلاَ مُوَالاَةٌ؛ لأَِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ الْجُنُبَ بِالتَّطَهُّرِ وَلَمْ يَأْمُرْ مَعَهُ بِوُضُوءٍ، وَلأَِنَّهُمَا عِبَادَتَانِ فَتَدَاخَلَتَا فِي الْفِعْل كَمَا تَدْخُل الْعُمْرَةُ فِي الْحَجِّ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَسْقُطُ مَسْحُ الرَّأْسِ اكْتِفَاءً بِغَسْلِهَا وَإِنْ لَمْ يُمِرَّ يَدَهُ، وَقَال أَبُو بَكْرٍ: يَتَدَاخَلاَنِ إِنْ أَتَى بِخَصَائِصِ الصُّغْرَى كَالتَّرْتِيبِ وَالْمُوَالاَةِ وَالْمَسْحِ.
وَإِنْ نَوَى رَفْعَ الْحَدَثَيْنِ وَأَطْلَقَ - فَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِالأَْكْبَرِ وَلاَ بِالأَْصْغَرِ - أَجْزَأَ عَنْهُمَا لِشُمُول الْحَدَثِ لَهُمَا، أَوْ نَوَى اسْتِبَاحَةَ الصَّلاَةِ، أَوْ نَوَى أَمْرًا لاَ يُبَاحُ إِلاَّ بِوُضُوءٍ وَغُسْلٍ كَمَسِّ مُصْحَفٍ وَطَوَافٍ أَجْزَأَ عَنْهُمَا لاِسْتِلْزَامِ ذَلِكَ رَفْعَهُمَا، وَسَقَطَ التَّرْتِيبُ وَالْمُوَالاَةُ لِدُخُول الْوُضُوءِ فِي الْغُسْل فَصَارَ الْحُكْمُ لِلْغُسْل.
وَإِنْ نَوَى مَنْ عَلَيْهِ غُسْلٌ بِالْغُسْل اسْتِبَاحَةَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ ارْتَفَعَ الْحَدَثُ الأَْكْبَرُ فَقَطْ لأَِنَّ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ إِنَّمَا تَتَوَقَّفُ عَلَى رَفْعِهِ لاَ عَلَى رَفْعِ الأَْصْغَرِ.
وَإِنْ نَوَى الْجُنُبُ وَنَحْوُهُ رَفْعَ أَحَدِ الْحَدَثَيْنِ - الأَْكْبَرِ أَوِ الأَْصْغَرِ - لَمْ يَرْتَفِعْ غَيْرُهُ لِقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ". . . وَإِنَّمَا لِكُل امْرِئٍ مَا نَوَى.
وَإِنْ نَوَتْ مَنِ انْقَطَعَ حَيْضُهَا أَوْ نِفَاسُهَا
الصفحة 99