كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 43)

أُجْرَةً مَوْضِعَ الْحِفْظِ أَيِ الْحِرْزِ، إِذْ لاَ يَلْزَمُهُ بَذْل مَنْفَعَةِ حِرْزِهِ بِدُونِ عِوَضٍ. (1) أَمَّا حِفْظُ الْوَدِيعَةِ، فَلاَ أُجْرَةَ لَهُ عَلَيْهِ إِنْ لَمْ يَأْخُذْهَا مِثْلَهُ، أَوْ يَشْتَرِطْهَا فِي الْعَقْدِ، أَوْ يَجْرِ بِهَا عُرْفٌ، وَذَلِكَ لاِطِّرَادِ الْعَادَةِ بِاطِّرَاحِهَا، وَأَنَّ الْوَدِيعَ لاَ يَطْلُبُ أَجْرًا عَلَى ذَلِكَ، بِخِلاَفِ مَا إِذَا اتَّفَقَا عَلَى أُجْرَةِ الْحِفْظِ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ ذَلِكَ ـ لأَِنَّ الْمَذْهَبَ جَوَازُ الأُْجْرَةِ عَلَى الْحِرَاسَةِ ـ أَوْ جَرَتْ بِذَلِكَ الْعَادَةُ أَوْ كَانَ طَالِبُهَا مِمَّنْ يَكْرِي نَفْسَهُ لِلْحِرَاسَةِ وَيَأْخُذُ أَجْرًا عَلَى حِفْظِ الْوَدَائِعِ؛ لأَِنَّ الْمَعْرُوفَ عُرْفًا كَالْمَشْرُوطِ شَرْطًا (2) .
ج) وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى عَدَمِ جَوَازِ اشْتِرَاطِ الْعِوَضِ لِلْوَدِيعِ، وَقَالُوا: إِنَّ الأَْجْرَ إِنَّمَا يَكُونُ فِي الإِْجَارَةِ عَلَى الْحِفْظِ دُونَ الْوَدِيعَةِ. (3)

أَرْكَانُ الْوَدِيعَةِ:
10 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ إِلَى أَنَّ أَرْكَانَ عَقْدِ الْوَدِيعَةِ هِيَ:
__________
(1) التَّاجُ وَالإِْكْلِيل لِلْمَوَّاقِ 5 / 266.
(2) الزُّرْقَانِيِّ عَلَى خَلِيلٍ وَحَاشِيَةُ الْبُنَانِيِّ عَلَيْهِ 6 / 125، وَالْمُقَدِّمَاتُ الْمُمَهِّدَاتُ 2 / 467، الْقَوَانِينُ الْفِقْهِيَّةُ لاِبْنِ جَزِّي 380، وَبِدَايَةُ الْمُجْتَهِدِ وَنِهَايَةُ الْمُقْتَصِدِ 2 / 312.
(3) كَشَّافُ الْقِنَاعِ 4 / 185، وَشَرْحُ مُنْتَهَى الإِْرَادَاتِ 2 / 449.
1) الصِّيغَةُ (وَهِيَ الإِْيجَابُ وَالْقَبُول) .
2) الْعَاقِدَانِ (وَهُمَا الْمُودِعُ وَالْمُسْتَوْدَعُ) .
3) الْمَحَل (وَهُوَ الْعَيْنُ الْمُودَعَةُ (1)) .
وَخَالَفَهُمُ الْحَنَفِيَّةُ فِي ذَلِكَ التَّقْسِيمِ، إِذِ اعْتَبَرُوا رُكْنَ الْوَدِيعَةِ الصِّيغَةَ الْمُؤَلَّفَةَ مِنَ الإِْيجَابِ وَالْقَبُول الدَّالَّيْنِ عَلَى التَّرَاضِي.

أَوَّلاً: الصِّيغَةُ (الإِْيجَابُ وَالْقَبُول)
11 - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ الأَْصْل فِي الْعُقُودِ هُوَ التَّرَاضِي وَطِيبُ النَّفْسِ، وَأَنَّ الْوَدِيعَةَ لاَ تَصِحُّ إِلاَّ بِالْمُرَاضَاةِ، وَإِلاَّ كَانَتْ قَسْرًا عَلَى الْحِفْظِ أَوْ غَصْبًا لِلْمَال.
وَالصِّيغَةُ، هِيَ الإِْيجَابُ وَالْقَبُول كَأَنْ يَقُول لِغَيْرِهِ: أَوْدَعْتُكَ هَذَا الشَّيْءَ، أَوِ احْفَظْ هَذَا الشَّيْءَ، أَوْ خُذْ هَذَا الشَّيْءَ وَدِيعَةً عِنْدَكَ، وَمَا يَجْرِي مَجْرَاهُ، وَيَقْبَل الآْخَرُ. فَإِذَا وَجَدَ ذَلِكَ فَقَدْ تَمَّ عَقْدُ الْوَدِيعَةِ. (2)
غَيْرَ أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي كَوْنِ الإِْيجَابِ وَالْقَبُول مُنْحَصِرًا بِلَفْظِهِمَا وَحْدَهُ، بَيْنَ مُشْتَرِطٍ لِذَلِكَ
__________
(1) مَوَاهِبُ الْجَلِيل 5 / 252، وَأَسْنَى الْمَطَالِبِ 3 / 75، وَكِفَايَةُ الطَّالِبِ الرَّبَّانِيِّ وَحَاشِيَةُ الْعَدَوِيّ عَلَيْهِ 2 / 253، تُحْفَةُ الْمُحْتَاجِ 7 / 98، وَكَشَّافُ الْقِنَاعِ 4 / 186، وَبِدَايَةُ الْمُجْتَهِدِ 2 / 302.
(2) بَدَائِعُ الصَّنَائِعِ 6 / 207.

الصفحة 13