كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 43)

وَوُجُوبُ الْحِفْظِ عَلَيْهِ، وَلُزُومُ الرَّدِّ عِنْدَ الطَّلَبِ.
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِيمَا يَلِي:

أَوَّلاً: كَوْنُ الْوَدِيعَةِ أَمَانَةً:
18 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَالثَّوْرِيُّ وَالأَْوْزَاعِيُّ وَالنَّخَعِيُّ وَرَبِيعَةُ وَالْقَاضِي شُرَيْحٌ وَغَيْرُهُمْ إِلَى أَنَّ الْوَدِيعَةَ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْوَدِيعِ، فَإِنْ تَلِفَتَ مِنْ غَيْرِ تَعَدِّيهِ أَوْ تَفْرِيطِهِ فَلاَ ضَمَانَ عَلَيْهِ، حَتَّى وَلَوْ كَانَتْ بَيْنَ مَالِهِ وَلَمْ يَذْهَبْ مَعَهَا شَيْءٌ مِنْهُ. (1)
قَال ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ أَكْثَرُ أَهْل الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الْمُودِعَ إِذَا أَحْرَزَ الْوَدِيعَةَ، ثُمَّ تَلِفَتْ مِنْ غَيْرِ جِنَايَتِهِ أَنْ لاَ ضَمَانَ عَلَيْهِ (2) .
__________
(1) الْبَحْرُ الرَّائِقِ 7 / 273، وَرَوْضَةُ الْقُضَاةِ 2 / 608، وَرَدُّ الْمُحْتَارِ 4 / 494، وَالتَّفْرِيعُ لاِبْنِ الْجَلاَّبِ 2 / 269، وَالْكَافِي لاِبْنِ عَبْدِ الْبَرِّ ص 403، وَبِدَايَةُ الْمُجْتَهِدِ 2 / 310، وَالتَّاجُ وَالإِْكْلِيل 5 / 250، وَشَرْحُ الزُّرْقَانِيِّ 6 / 114، وَالأُْمُّ 4 / 62، وَالإِْشْرَافُ لاِبْنِ الْمُنْذِرِ 1 / 251، وَأَسْنَى الْمَطَالِبِ 3 / 76، وَتُحْفَةُ الْمُحْتَاجِ 7 / 105، وَشَرْحُ مُنْتَهَى الإِْرَادَاتِ 2 / 450، الْمُبْدِعُ 5 / 233، وَكَشَّافُ الْقِنَاعِ 4 / 186، وَالْمُغْنِي 9 / 257.
(2) الإِْشْرَافُ عَلَى مَذَاهِبِ أَهْل الْعِلْمِ لاِبْنِ الْمُنْذِرِ 1 / 251.
أَمَّا إِذَا تَعَدَّى الْوَدِيعُ عَلَيْهَا أَوْ فَرَّطَ فِي حِفْظِهَا، فَعَلَيْهِ ضَمَانُهَا. قَال ابْنُ قُدَامَةَ: بِغَيْرِ خِلاَفٍ نَعْلَمُهُ، لأَِنَّهُ مُتْلِفٌ لِمَال غَيْرِهِ، فَضَمِنَهُ كَمَا لَوْ أَتْلَفَهُ مِنْ غَيْرِ اسْتِيدَاعٍ (1) .
وَاسْتَدَل الْفُقَهَاءُ عَلَى كَوْنِهَا أَمَانَةً بِالسُّنَّةِ وَقَوْل الصَّحَابَةِ وَالإِْجْمَاعِ وَالْمَعْقُول:
فَأَمَّا السُّنَّةُ: فَبِمَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: مَنْ أَوْدَعَ وَدِيعَةً فَلاَ ضَمَانَ عَلَيْهِ " (2) .
وَبِمَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: لَيْسَ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ غَيْرِ الْمُغِل ضَمَانٌ، وَلاَ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ غَيْرِ الْمُغِل ضَمَانٌ " (3) . وَالْمُغِل هُوَ الْخَائِنُ.
وَأَمَّا قَوْل الصَّحَابَةِ: فَبِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَجَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَنَّ
__________
(1) الْمُغْنِي 9 / 258.
(2) حَدِيثُ: " مَنْ أَوْدَعَ وَدِيعَةً فَلاَ ضَمَانَ عَلَيْهِ ". أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ (2 / 802 ـ ط الْحَلَبِيِّ) ، وَضَعَّفَ إِسْنَادَهُ الْبُوصِيرِيُّ فِي مِصْبَاحِ الزُّجَاجَةِ (2 / 42 ـ ط دَارِ الْجِنَانِ) لِضَعْفِ رَاوِيَيْنِ فِي إِسْنَادِهِ.
(3) حَدِيثُ: " لَيْسَ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ غَيْرِ الْمُغِل ضَمَانٌ. . . " أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ (3 / 401 ـ ط دَارِ الْمَحَاسِنِ) ، وَذَكَرَ أَنَّ فِي إِسْنَادِهِ رَاوِيَيْنِ ضَعِيفَيْنِ.

الصفحة 22