كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 43)

إِبْرَاءٌ عَمَّا لَمْ يَجِبْ، وَهَذَا فِي صَحِيحِ الْوَدِيعَةِ وَفَاسِدِهَا. (1)

ب - قَبُول قَوْل الْوَدِيعِ فِي هَلاَكِ الْوَدِيعَةِ:
20 - فَرَّعَ الْفُقَهَاءُ عَلَى كَوْنِ الْوَدِيعَةِ أَمَانَةً فِي يَدِ الْوَدِيعِ قَبُول قَوْلِهِ فِي بَرَاءَةِ نَفْسِهِ عِنْدَ ادِّعَاءِ هَلاَكِهَا أَوْ ضَيَاعِهَا بِغَيْرِ تَعَدِّيهِ أَوْ تَفْرِيطِهِ إِذَا كَذَّبَهُ الْمَالِكُ، سَوَاءٌ قَبَضَهَا بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِغَيْرٍ بَيِّنَةٍ، وَعَلَى ذَلِكَ نَصَّ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ. (2)
وَعَلَّل الْكَاسَانِيُّ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: إِنَّ الْمَالِكَ يَدَّعِي عَلَى الأَْمِينِ أَمْرًا عَارِضًا، وَهُوَ التَّعَدِّي، وَالْوَدِيعُ مُسْتَصْحِبٌ لِحَال الأَْمَانَةِ، فَكَانَ مُتَمَسِّكًا بِالأَْصْل، فَكَانَ الْقَوْل قَوْلَهُ لَكِنْ مَعَ الْيَمِينِ؛ لأَِنَّ التُّهْمَةَ قَائِمَةٌ فَيُسْتَحْلَفُ دَفْعًا لِلتُّهْمَةِ (3) .
وَفَصَّل الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي الْمَسْأَلَةِ فَقَالُوا: إِذَا ادَّعَى تَلَفَ الْوَدِيعَةِ بِسَبٍّ ظَاهِرٍ ـ
__________
(1) رَوْضَةُ الْقُضَاةِ 2 / 617، وَحَاشِيَةُ الرَّمْلِيِّ عَلَى أَسْنَى الْمَطَالِبِ 3 / 76.
(2) رَوْضَةُ الْقُضَاةِ 2 / 624، وَالْبَدَائِعُ 6 / 211 وَالْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةُ 4 / 357، وَالْقَوَانِينُ الْفِقْهِيَّةُ ص 379، وَالْمُقَدِّمَاتُ الْمُمَهِّدَاتُ 2 / 459، وَبِدَايَةُ الْمُجْتَهِدِ 2 / 310، وَكِفَايَةُ الطَّالِبِ الرَّبَّانِيِّ 2 / 254، التَّفْرِيعُ لاِبْنِ الْجَلاَّبِ 2 / 270، وَالْكَافِي لاِبْنِ عَبْدِ الْبَرِّ ص 402، وَالتَّاجُ وَالإِْكْلِيل 5 / 264، وَمَيَّارَة عَلَى تُحْفَةِ ابْنِ عَاصِمٍ 2 / 190، الزُّرْقَانِيِّ عَلَى خَلِيلٍ 6 / 123.
(3) بَدَائِعُ الصَّنَائِعِ 6 / 211.
كَحَرِيقٍ وَغَرَقٍ وَغَارَةٍ ـ لَمْ يُقْبَل قَوْلُهُ حَتَّى يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى وُجُودِ ذَلِكَ السَّبَبِ فِي تِلْكَ النَّاحِيَةِ، (1) فَإِنْ لَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً بِهِ ضَمِنَ؛ لأَِنَّهُ لاَ يَتَعَذَّرُ إِقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ، وَالأَْصْل عَدَمُهُ.
أَمَّا إِذَا ادَّعَى الْهَلاَكَ بِسَبَبٍ خَفِيٍّ ـ كَسَرِقَةٍ وَضَيَاعٍ ـ أَوْ لَمْ يُبَيِّنِ السَّبَبَ، فَالْقَوْل قَوْلُهُ فِي هَلاَكِهَا، لِتَعَذُّرِ إِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى ذَلِكَ، فَلَوْ لَمْ يُقْبَل قَوْلُهُ، لاَمْتَنَعَ النَّاسُ عَنْ قَبُول الْوَدَائِعِ مَعَ مَسِيسِ الْحَاجَّةِ إِلَيْهَا (2) .
وَحَيْثُ كَانَ الْقَوْل لِلْوَدِيعِ فِي دَعْوَى التَّلَفِ، فَهَل يُكْتَفَى بِقَوْلِهِ دُونَ يَمِينِهِ، أَمْ لاَ بُدَّ مِنْ يَمِينِهِ مَعَهُ؟ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي ذَلِكَ عَلَى ثَلاَثَةِ أَقْوَالٍ:
الأَْوَّل: لِجُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ فِي غَيْرِ الْمَشْهُورِ وَالْحَنَابِلَةِ وَهُوَ أَنَّ الْقَوْل قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ. (3) قَال الْكَاسَانِيُّ:
__________
(1) تُحْفَةُ الْمُحْتَاجِ 7 / 126، وَأَسْنَى الْمَطَالِبِ 3 / 85، وَكَشَّافُ الْقِنَاعِ 4 / 199.
(2) رَوْضَةُ الطَّالِبِينَ 6 / 346، وَأَسْنَى الْمُطَالِبِ 3 / 85، وَالْمُهَذَّبُ 1 / 369، تُحْفَةُ الْمُحْتَاجِ 7 / 126، شَرْحُ مُنْتَهَى الإِْرَادَاتِ 2 / 456، وَكَشَّافُ الْقِنَاعِ 4 / 199.
(3) التَّفْرِيعُ لاِبْنِ الْجَلاَّبِ 2 / 270، وَالإِْشْرَافُ لاِبْنِ الْمُنْذِرِ 1 / 254، وَالْقَوَانِينُ الْفِقْهِيَّةُ ص 379، وَرَوْضَةُ الْقُضَاةِ 2 / 624، وَالْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةُ 4 / 357، وَالْبَدَائِعُ 6 / 211، وَالْعُقُودُ الدُّرِّيَّةُ لاِبْنِ عَابِدِينَ 2 / 73، وَالْمُبْدِعُ 5 / 242، شَرْحُ مُنْتَهَى الإِْرَادَاتِ 2 / 455، وَالْمُغْنِي 9 / 273، وَكَشَّافُ الْقِنَاعِ 4 / 199، وَأَسْنَى الْمَطَالِبِ 3 / 85، وَتُحْفَةُ الْمُحْتَاجِ 7 / 126، وَرَوْضَةُ الطَّالِبِينَ 6 / 346، وَالْمُهَذَّبُ 1 / 369.

الصفحة 25