كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 43)

تَجَمَّعَ لَدَيْهِ كَمِّيَّةٌ مِنْ لَبَنِ الْحَيَوَانِ الْمُودَعِ أَوْ مِنْ ثِمَارِ الْكَرْمِ أَوِ الْبُسْتَانِ الْمُودَعِ، وَخِيفَ فَسَادُهَا، يَبِيعُ الْوَدِيعُ هَذِهِ الزَّوَائِدَ لِحِسَابِ صَاحِبِهَا بِإِذْنِ الْحَاكِمِ. (1)
فَإِنْ بَاعَهَا الْوَدِيعُ بِدُونِ أَمْرِ الْحَاكِمِ، فَإِنْ كَانَ فِي بَلْدَةٍ أَوْ مَوْضِعٍ يُمْكِنُهُ مُرَاجَعَةُ الْحَاكِمِ، يَضْمَنُ، وَأَمَّا إِذَا بَاعَهَا لِعَدَمِ إِمْكَانِهِ مُرَاجَعَةَ الْحَاكِمِ، كَأَنْ كَانَ فِي الْمَفَازَةِ مَثَلاً، فَيَصِحُّ بَيْعُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الضَّرُورَاتِ تُبِيحُ الْمَحْظُورَاتِ. (2)
هـ - كَوْنُ نَفَقَةِ الْوَدِيعَةِ عَلَى صَاحِبِهَا
23 - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ الْوَدِيعَةَ الَّتِي تَحْتَاجُ إِلَى نَفَقَةٍ وَمُؤْنَةٍ، تَكُونُ نَفَقَتُهَا وَمَصَارِيفُهَا عَلَى صَاحِبِهَا لاَ عَلَى الْوَدِيعِ. (3) فَإِنْ أَذِنَ مَالِكُهَا لِلْوَدِيعِ بِالإِْنْفَاقِ عَلَيْهَا، كَانَ وَكِيلاً عَنْهُ فِي ذَلِكَ، وَيَعُودُ عَلَيْهِ بِمَا أَنْفَقَ. فَإِنْ لَمْ يُنْفِقْ عَلَيْهَا، وَلاَ أَذِنَ لَهُ بِالإِْنْفَاقِ، فَلِلْوَدِيعِ
__________
(1) دُرَرُ الْحُكَّامِ 2 / 279، وَالْمَبْسُوطُ لِلسَّرَخْسِيِّ 11 / 126.
(2) رَدُّ الْمُحْتَارِ 4 / 501، وَدُرَرُ الْحُكَّامِ 2 / 279، وَالْمَبْسُوطُ 11 / 126.
(3) رَدُّ الْمُحْتَارِ 4 / 501، بِدَايَةُ الْمُجْتَهِدِ 2 / 312، وَانْظُرِ الْمَادَّةَ (829) مِنْ مُرْشِدِ الْحَيْرَانِ، وَالْمَادَّةَ (1331) مِنْ مَجَلَّةِ الأَْحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ عَلَى مَذْهَبِ أَحْمَدَ، وَقَدْ جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (786) مِنَ الْمَجَلَّةِ الْعَدْلِيَّةِ: " الْوَدِيعَةُ الَّتِي تَحْتَاجُ إِلَى النَّفَقَةِ كَالْخَيْل وَالْبَقَرِ نَفَقَتُهَا عَلَى صَاحِبِهَا ".
مُطَالَبَتُهُ بِالإِْنْفَاقِ عَلَيْهَا أَوْ رَدِّهَا أَوِ الإِْذْنِ لَهُ بِالإِْنْفَاقِ عَلَيْهَا، لِيَرْجِعَ عَلَيْهِ بِهِ. (1) وَهَذَا إِذَا كَانَ حَاضِرًا.
فَإِنْ كَانَ غَائِبًا، فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الإِْجْرَاءِ الَّذِي يَنْبَغِي لِلْوَدِيعِ أَنْ يَتْبَعَهُ مِنْ أَجْل الإِْنْفَاقِ عَلَيْهَا، وَذَلِكَ عَلَى النَّحْوِ التَّالِي:
فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْمُسْتَوْدَعَ يَرْفَعُ الأَْمْرَ إِلَى الْحَاكِمِ، وَالْحَاكِمُ حِينَئِذٍ يَأْمُرُ بِإِجْرَاءِ الأَْنْفَعِ وَالأَْصْلَحِ فِي حَقِّ صَاحِبِ الْوَدِيعَةِ؛ لأَِنَّ تَصَرُّفَهُ عَلَى الرَّعِيَّةِ مَنُوطٌ بِالْمَصْلَحَةِ، فَإِنْ كَانَ يُمْكِنُ إِكْرَاءُ الْوَدِيعَةِ، فَيُؤَجِّرُهَا الْوَدِيعُ بِرَأْيِ الْحَاكِمِ، وَيُنْفِقُ مِنْ أُجْرَتِهَا. وَإِنْ لَمْ تَكُنْ صَالِحَةً لِلْكِرَاءِ، فَيَأْمُرُهُ بِبَيْعِهَا فَوْرًا بِثَمَنِ الْمِثْل، إِنْ كَانَ الأَْصْلَحُ لِصَاحِبِهَا ذَلِكَ. وَإِنْ كَانَ الأَْصْلَحُ أَنْ تَبْقَى لَهُ، فَيَأْمُرُهُ بِأَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهَا مِنْ مَالِهِ إِلَى ثَلاَثَةِ أَيَّامِ رَجَاءَ أَنْ يَحْضُرَ الْمَالِكُ، فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ خِلاَلَهَا أَمَرَهُ بِبَيْعِهَا.
وَقَيَّدَ الْحَنَفِيَّةُ الإِْنْفَاقَ عَلَى الْوَدِيعَةِ إِذَا كَانَتْ حَيَوَانًا بِأَلاَّ يَتَجَاوَزَ هَذَا الإِْنْفَاقُ قِيمَةَ الْحَيَوَانِ، فَإِنْ تَجَاوَزَهَا فَلِلْمُسْتَوْدَعِ أَنْ يَرْجِعَ بِقَدْرِ قِيمَةِ الْحَيَوَانِ لاَ بِزِيَادَةٍ عَلَى ذَلِكَ. (2)
__________
(1) كَشَّافُ الْقِنَاعِ 4 / 189، وَالْمُغْنِي 9 / 274.
(2) رَدُّ الْمُحْتَارِ 4 / 501، النُّتَفُ فِي الْفَتَاوَى لِلسُّغْدِيِّ 2 / 581، دُرَر الْحُكَّام 2 / 251، 252، وَشَرْح الْمَجَلَّةِ لِلأَْتَاسِيِّ 3 / 257، م (829) مِنْ مُرْشِدِ الْحَيْرَانِ وَم (786) مِنَ الْمَجَلَّةِ الْعَدْلِيَّة، وَالْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ 4 / 360.

الصفحة 28