كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 43)

وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: إِنْ فُقِدَ الْمَالِكُ أَوْ وَكِيلُهُ فَيُرَاجِعُ الْوَدِيعُ الْحَاكِمَ لِيَقْتَرِضَ الْوَدِيعُ عَلَى الْمَالِكِ أَوْ يُؤَجِّرَهَا وَيَصْرِفَ الأُْجْرَةَ فِي مُؤْنَتِهَا أَوْ يَبِيعَ جُزْءًا مِنْهَا أَوْ جَمِيعَهَا إِنْ رَآهُ.
فَإِنْ فَقَدَ الْحَاكِمُ تَصَرُّفَ الْوَدِيعِ وَفْقَ مَا ذَكَرَ بِنَفْسِهِ وَأَشْهَدَ لِيَرْجِعَ، فَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ لَمْ يَرْجِعْ فِي أَحَدِ وَجْهَيْنِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ.
وَقَال إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ: وَالْقَدْرُ الَّذِي يَعْلِفُهَا عَلَى الْمَالِكِ هُوَ الَّذِي يَصُونُهَا عَنِ التَّلَفِ وَالتَّعْيِيبِ لاَ مَا يَحْصُل بِهِ السِّمَنُ. (1)
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: يَرْفَعُ الْوَدِيعُ الأَْمْرَ إِلَى الْحَاكِمِ، لِيَأْمُرَ بِالإِْنْفَاقِ عَلَيْهَا مِنْ مَال صَاحِبِهَا إِذَا كَانَ لَهُ مَالٌ؛ لأَِنَّ لِلْحَاكِمِ وِلاَيَةً عَلَى مَال الْغَائِبِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ، فَعَل مَا يَرَى فِيهِ الْحَظَّ لِلْغَائِبِ مِنْ بَيْعِهَا وَحِفْظِ ثَمَنِهَا لِرَبِّهَا، أَوْ بِيعِ بَعْضِهَا لِنَفَقَةِ الْبَاقِي، أَوْ إِجَارَتِهَا لِيُنْفِقَ مِنْ أُجْرَتِهَا عَلَيْهَا، أَوِ الاِسْتِدَانَةِ عَلَى صَاحِبِهَا، أَوِ الإِْذْنِ لِلْوَدِيعِ بِالإِْنْفَاقِ عَلَيْهَا مِنْ مَالِهِ لِيَرْجِعَ عَلَى صَاحِبِهَا. (2)
__________
(1) مُغْنِي الْمُحْتَاجِ 3 / 85.
(2) كَشَّاف الْقِنَاع 4 / 189.
24 - وَلَوْ أَنْفَقَ الْوَدِيعُ عَلَى الْوَدِيعَةِ بِدُونِ إِذْنِ الْحَاكِمِ، فَهَل يَرْجِعُ عَلَى صَاحِبِهَا بِمَا أَنْفَقَ؟ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي ذَلِكَ عَلَى ثَلاَثَةِ أَقْوَال:
الأَْوَّل لِلْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ: وَهُوَ أَنَّهُ لاَ رُجُوعَ لَهُ عَلَى صَاحِبِ الْوَدِيعَةِ بِشَيْءٍ؛ لأَِنَّهُ مُتَطَوِّعٌ بِمَا أَنْفَقَ لإِِنْفَاقِهِ عَلَى مِلْكِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ (1) .
وَالثَّانِي لِلْمَالِكِيَّةِ: وَهُوَ أَنَّهُ إِذَا أَنْفَقَ عَلَيْهَا نَفَقَةً تَلْزَمُهَا، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى صَاحِبِهَا بِمَا أَنْفَقَ عَلَيْهَا، وَلَوْ وَقَعَ ذَلِكَ بِدُونِ إِذْنِهِ أَوْ إِذْنِ الْحَاكِمِ إِذَا ثَبَتَ الإِْنْفَاقُ بِالْبَيِّنَةِ. (2)
وَالثَّالِثُ لِلْحَنَابِلَةِ: وَهُوَ أَنَّهُ إِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى اسْتِئْذَانِ الْحَاكِمِ، فَأَنْفَقَ عَلَيْهَا نَاوِيًا الرُّجُوعَ عَلَى صَاحِبِهَا بِنَفَقَتِهَا، وَأَشْهَدَ عَلَى الرُّجُوعِ، رَجَعَ عَلَيْهَا بِمَا أَنْفَقَ رِوَايَةً وَاحِدَةً؛ لأَِنَّهُ مَأْذُونٌ فِيهِ عُرْفًا، وَلاَ تَفْرِيطَ مِنْهُ إِذَا لَمْ يَجِدْ حَاكِمًا.
وَإِنْ فَعَل ذَلِكَ مَعَ إِمْكَانِ اسْتِئْذَانِ الْحَاكِمِ
__________
(1) رَدَّ الْمُحْتَارَ 4 / 501، الأُْمّ 4 / 63، الإِْشْرَاف لاِبْن الْمُنْذِر 1 / 262، الإِْقْنَاع 2 / 405، دُرَر الْحُكَّام 2 / 252، وَانْظُرِ الْمَادَّة (830) مِنْ مُرْشِدِ الْحَيْرَانِ، وَالْمَبْسُوطِ لِلسَّرْخَسِيَ 11 / 126.
(2) الْكَافِي لاِبْن عَبْد الْبَرّ 2 / 137، وَالْمُدَوَّنَة 15 / 157.

الصفحة 29