كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 43)

مِنْ غَيْرِ إِذْنِهِ، فَهَل لَهُ الرُّجُوعُ؟ يُخَرَّجُ عَلَى رِوَايَتَيْنِ:
(إِحْدَاهُمَا) يَرْجِعُ بِهِ،؛ لأَِنَّهُ مَأْذُونٌ فِيهِ عُرْفًا. (وَالثَّانِيَةُ) لاَ يَرْجِعُ، لأَِنَّهُ مُفَرِّطٌ بِتَرْكِ اسْتِئْذَانِ الْحَاكِمِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنَ الْمَذْهَبِ. (1)

ثَانِيًا: وُجُوبُ الْحِفْظِ عَلَى الْوَدِيعِ:
25 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْوَدِيعِ حِفْظُ الْوَدِيعَةِ وَصِيَانَتُهَا لِصَاحِبِهَا. فَإِنْ قَصَّرَ فِي حِفْظِهَا أَوْ تَعَدَّى، فَهَلَكَتْ، ضَمِنَهَا. (2)
وَقَدْ ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّهُ لاَ يَكْفِي الإِْيجَابُ وَالْقَبُول فِي حَقِّ وُجُوبِ حِفْظِهَا عَلَى الْوَدِيعِ حَتَّى يُثَبِّتَ يَدَهُ عَلَيْهَا بِالْقَبْضِ؛ لأَِنَّ حِفْظَ الشَّيْءِ بِدُونِ إِثْبَاتِ الْيَدِ عَلَيْهِ مُحَالٌ، قَالُوا: وَإِنَّ مِنْ إِثْبَاتِ الْيَدِ عَلَى الْوَدِيعَةِ مَا لَوْ وَضَعَ الْمُودِعُ الْوَدِيعَةَ بَيْنَ يَدَيِ الْوَدِيعِ أَوْ فِي مَوْضِعٍ
__________
(1) الْمُغْنِي لاِبْنِ قُدَامَةَ 9 / 275، وَالإِْنْصَافُ 6 / 320 ـ 321.
(2) الدَّرّ الْمُخْتَار 4 / 494، وَالْبَحْر الرَّائِق 7 / 273، وَالْمُقَدَّمَات الْمُمَهَّدَات 2 / 466، وَالْعَدَوِيّ عَلَى كِفَايَة الطَّالِبِ الرَّبَّانِيِّ 2 / 254 وَأَسْنَى الْمَطَالِب 3 / 78 وَرَوْضَةُ الطَّالِبِينَ 6 / 341، وَالْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّة 4 / 338، وَالْمُغْنِي 9 / 258، وَشَرْح مُنْتَهَى الإِْرَادَاتِ 2 / 450، وَكَشَّافُ الْقِنَاعِ 4 / 187.
مِنْ مَنْزِلِهِ أَوْ دُكَّانِهِ، فَرَآهُ وَسَكَتَ، أَوْ أَشَارَ إِلَيْهِ أَنْ ضَعْهَا هُنَاكَ. (1)
وَيَتَعَلَّقُ بِوُجُوبِ الْحِفْظِ عَلَى الْوَدِيعِ مَسْأَلَتَانِ:
26 - الْمَسْأَلَةُ الأُْولَى:
كَيْفِيَّةُ الْحِفْظِ: لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ عَلَى الْوَدِيعِ أَنْ يَصُونَ الْوَدِيعَةَ بِمَا يَصُونُ بِهِ مَالَهُ، وَفَرَّقُوا بَيْنَ حَالَتَيْنِ:
(الأُْولَى) أَنْ يُعَيِّنَ الْمُودِعُ الْحِرْزَ، كَمَا إِذَا قَال لِلْوَدِيعِ: احْفَظْهَا فِي هَذَا الْبَيْتِ، أَوْ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ مِنْهُ. وَقَدْ نَصَّ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يَلْزَمُهُ حِفْظُهَا فِيهِ، فَإِنْ نَقَلَهَا إِلَى مَا دُونَهُ ضَمِنَ؛ لأَِنَّ مَنْ رَضِيَ حِرْزًا، لَمْ يَرْضَ بِمَا دُونَهُ. وَإِنْ نَقَلَهَا إِلَى مِثْلِهِ أَوْ إِلَى مَا هُوَ أَحْرَزُ مِنْهُ لَمْ يَضْمَنْ، لأَِنَّ تَعْيِينَ الْحِرْزِ يَقْتَضِي الإِْذْنَ فِي مِثْلِهِ وَفِيمَا هُوَ أَحْفَظُ مِنْهُ بِطَرِيقِ الأَْوْلَى (2) .
__________
(1) حَاشِيَةُ الْعَدَوِيِّ عَلَى كِفَايَةِ الطَّالِبِ الرَّبَّانِيِّ 2 / 194، وَالْمُهَذَّبُ لِلشِّيرَازِيِّ 1 / 366، وَكِفَايَةُ الأَْخْيَارِ لِلْحِصْنِيِّ 2 / 10، وَالدُّرُّ الْمُخْتَار مَعَ رَدِّ الْمُحْتَارِ 4 / 494، وَشَرْحُ الْمَجَلَّةِ لِلأَْتَاسِيِّ 3 / 241، وَالْبَحْر الرَّائِق 7 / 273، وَشَرْح مُنْتَهَى الإِْرَادَاتِ 2 / 450، وَمُغْنِي الْمُحْتَاجِ 3 / 80.
(2) الْبَحْر الرَّائِق 7 / 279، وَمَجْمَع الأَْنْهُر وَالدَّرّ الْمُنْتَقَى 2 / 343، وَبِدَايَة الْمُجْتَهِدِ 2 / 311 ـ 312، وَالْبَدَائِع 6 / 209 ـ 210، وَالْمُهَذَّب 1 / 366، وَرَوْضَةُ الطَّالِبِينَ 6 / 339، وَأَسْنَى الْمَطَالِب 3 / 81، وَشَرْح مُنْتَهَى الإِْرَادَاتِ 2 / 450، وَكَشَّافُ الْقِنَاعِ 4 / 187، وَالْمُغْنِي 9 / 259، وَالْمُبْدِع 5 / 234.

الصفحة 30