كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 43)

إِلَى مَنِ ائْتَمَنَكَ، وَلاَ تَخُنْ مَنْ خَانَكَ " (1) .
وَبِقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ،. . وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ " (2) .
وَلاَ شَكَّ أَنَّ مِنْ عَوْنِ الْمُسْلِمِ لأَِخِيهِ قَبُول وَدِيعَتِهِ لِيَحْفَظَهَا لَهُ عِنْدَ احْتِيَاجِهِ إِلَى إِيدَاعِهَا عِنْدَهُ.
وَبِمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فِي هِجْرَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: وَأَمَرَ ـ تَعْنِي رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنْ يَتَخَلَّفَ عَنْهُ بِمَكَّةَ حَتَّى يُؤَدِّيَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْوَدَائِعَ الَّتِي كَانَتْ عِنْدَهُ لِلنَّاسِ " (3) .
وَأَمَّا الإِْجْمَاعُ: فَقَدَ أَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ عَلَى جَوَازِ الْوَدِيعَةِ فِي الْجُمْلَةِ (4) .
__________
(1) حَدِيثُ: " أَدِّ الأَْمَانَةَ إِلَى مَنِ ائْتَمَنَكَ. . ". أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ (3 / 555 ـ ط الْحَلَبِيِّ) مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَقَال: حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ.
(2) حَدِيثُ: " مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً. . " أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ (4 / 2074 ـ ط الْحَلَبِيِّ) مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ.
(3) حَدِيثُ عَائِشَةَ " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ عَلِيًّا أَنْ يَتَخَلَّفَ. . . " أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي السُّنَنِ الْكُبْرَى (6 / 289 ـ ط دَائِرَةُ الْمَعَارِفِ الْعُثْمَانِيَّةِ) .
(4) مَجْمَعُ الأَْنْهُرِ 2 / 338، وَكِفَايَةُ الطَّالِبِ الرَّبَّانِيِّ، وَحَاشِيَةُ الْعَدَوِيّ عَلَيْهِ 2 / 253، وَمُغْنِي الْمُحْتَاجِ 3 / 79، وَشَرْحُ مُنْتَهَى الإِْرَادَاتِ 2 / 449.
وَأَمَّا الْمَعْقُول: فَلأَِنَّ بِالنَّاسِ حَاجَةً بَل ضَرُورَةً إِلَيْهَا (1) .

الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:
7 ـ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْحُكْمِ التَّكْلِيفِيِّ لِلْوَدِيعَةِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ:
أـ فَقَال الْحَنَفِيَّةُ: قَبُول الْوَدِيعَةِ مُسْتَحَبٌّ، لأَِنَّهَا مِنْ بَابِ الإِْعَانَةِ، وَهِيَ مَنْدُوبَةٌ (2) لِقَوْل اللَّهِ تَعَالَى: ( {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} ) (3) ، وَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ " (4) .
قَال السِّمْنَانِيُّ: وَعِنْدَنَا لاَ يَجِبُ قَبُول الْوَدِيعَةِ بِحَالٍ. (5)
ب ـ وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ قَبُولَهَا مُسْتَحَبٌّ لِمَنْ عَلِمَ مِنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ ثِقَةٌ قَادِرٌ عَلَى حِفْظِهَا، وَيُكْرَهُ لِغَيْرِهِ؛ لأَِنَّ فِيهِ تَغْرِيرًا بِصَاحِبِهَا، إِلاَّ أَنْ يَرْضَى رَبُّهَا بَعْدَ إِعْلاَمِهِ بِذَلِكَ إِنْ كَانَ لاَ يَعْلَمُهُ،
__________
(1) مُغْنِي الْمُحْتَاجِ 3 / 79.
(2) الدُّرُّ الْمُخْتَارُ 4 / 494، وَمَجْمَعُ الأَْنْهُرِ 2 / 338، وَالْكِفَايَةُ عَلَى الْهِدَايَةِ 7 / 452، وَالْبَحْرُ الرَّائِقُ 7 / 273، وَعُقُودُ الْجَوَاهِرِ الْمُنِيفَةِ لِلزُّبَيْدِيِّ 2 / 78، وَالْمَبْسُوطُ لِلسَّرَخْسِيِّ 11 / 109.
(3) سُورَةُ الْمَائِدَةِ / 2.
(4) حَدِيثُ: " وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ. . . " (سَبَقَ تَخْرِيجُهُ ف6) .
(5) رَوْضَةُ الْقُضَاةِ لِلسِّمْنَانِيِّ 2 / 613.

الصفحة 7