كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 43)

فَوَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا الْحُرْمَةُ، وَالثَّانِي الْكَرَاهَةُ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. (1)
حَقِيقَةُ الْوَدِيعَةِ:
8 ـ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حَقِيقَةِ الْوَدِيعَةِ، هَل هِيَ عَقَدٌ أَمْ مُجَرَّدُ إِذْنٍ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ: (2)
الأَْوَّل: لِجُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ؛ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَالشَّافِعِيَّةِ عَلَى الأَْصَحِّ فِي الْمَذْهَبِ وَهُوَ أَنَّهَا عَقْدُ تَوْكِيلٍ مِنْ جِهَةِ الْمُوْدِعِ، وَتَوَكُّلٍ مِنْ جِهَةِ الْوَدِيعِ، غَيْرَ أَنَّ هَذِهِ الْوَكَالَةَ مِنْ نَوْعٍ خَاصٍّ؛ لأَِنَّهَا إِقَامَةُ الْغَيْرِ مَقَامَ النَّفْسِ فِي الْحِفْظِ دُونَ التَّصَرُّفِ، بِخِلاَفِ الْوَكَالَةِ الْمُطْلَقَةِ الَّتِي هِيَ إِقَامَةُ الإِْنْسَانِ غَيْرَهُ مَقَامَ نَفْسِهِ فِي تَصَرُّفٍ مَعْلُومٍ مَمْلُوكٍ لَهُ.
وَعَبَّرَ الْحَنَفِيَّةُ عَنْ حَقِيقَةِ الْوَدِيعَةِ بِأَنَّهَا عَقْدٌ وَهِيَ تَسْلِيطُ الْغَيْرِ عَلَى حِفْظِ مَالِهِ صَرِيحًا أَوْ دَلاَلَةً.

الثَّانِي: لِبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ، وَهُوَ أَنَّ الْوَدِيعَةَ
__________
(1) الْمُهَذَّبُ 1 / 365، تُحْفَةُ الْمُحْتَاجِ وَحَوَاشِيهِ 7 / 99، وَكِفَايَةُ الأَْخْيَارِ 2 / 7، وَرَوْضَةُ الطَّالِبِينَ 6 / 324، وَأَسْنَى الْمَطَالِبِ 3 / 74.
(2) رَوْضَةُ الْقُضَاةِ 2 / 616، الْمُبْدِعُ 5 / 233، وَالزُّرْقَانِيَّ عَلَى خَلِيلٍ 6 / 113، وَتُحْفَةُ الْمُحْتَاجِ 7 / 98، وَالْمُهَذَّبُ 1 / 366، وَأَسْنَى الْمَطَالِبِ 3 / 75، وَرَوْضَةُ الطَّالِبِينَ 6 / 326.
مُجَرَّدُ إِذَنٍ وَتَرْخِيصٍ مِنَ الْمَالِكِ لِغَيْرِهِ بِحِفْظِ مَالِهِ، أَشْبَهَ بِالضِّيَافَةِ. فَكَمَا أَنَّ الضِّيَافَةَ تَرْخِيصٌ وَإِذْنٌ مِنَ الْمَالِكِ لِلضَّيْفِ بِاسْتِهْلاَكِ الطَّعَامِ الْمُقَدَّمِ لَهُ دُونَ أَنْ يَكُونَ فِيهَا عَقْدٌ أَوْ تَمْلِيكٌ، فَكَذَلِكَ الْوَدِيعَةُ مُجَرَّدُ إِذْنٍ مِنَ الْمَالِكِ لِلْوَدِيعِ فِي حِفْظِ مَالِهِ، وَلَيْسَتْ بِعَقْدٍ. (1)
وَتَظْهَرُ ثَمَرَةُ الْخِلاَفِ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ ـ كَمَا حَكَى النَّوَوِيُّ فِي الرَّوْضَةِ ـ فِي الْفُرُوعِ التَّالِيَةِ:
أـ إِذَا أَوْدَعَ رَجُلٌ مَالاً عِنْدَ صَبِيٍّ فَأَتْلَفَهُ، فَفِي ضَمَانِهِ قَوْلاَنِ بِنَاءً عَلَى الْخِلاَفِ فِي الْوَدِيعَةِ هَل هِيَ عَقْدٌ بِرَأْسِهِ أَمْ مُجَرَّدُ إِذْنٍ؟ فَإِنْ قِيل: هِيَ عَقْدٌ، لَمْ يَضْمَنْهُ الصَّبِيُّ، وَإِنْ قِيل: إِذْنٌ، ضَمِنَهُ.
ب ـ نِتَاجُ الْبَهِيمَةِ الْمُودَعَةِ، هَل تُعْتَبَرُ فِيهِ أَحْكَامُ الْوَدِيعَةِ أَمْ لاَ؟ قَوْلاَنِ. فَإِنْ قُلْنَا: إِنَّ الْوَدِيعَةَ عَقْدٌ، فَالْوَلَدُ وَدِيعَةٌ كَالأُْمِّ، وَإِنْ قُلْنَا:
__________
(1) شَرْحُ مَيَّارَةِ عَلَى تُحْفَةِ ابْنِ عَاصِمٍ 2 / 188، وَمَوَاهِبُ الْجَلِيل 5 / 250، وَحَاشِيَةُ الْبُنَانِيِّ عَلَى شَرْحِ الزُّرْقَانِيِّ عَلَى خَلِيلٍ 6 / 113، وَالتَّاجُ وَالإِْكْلِيل لِلْمَوَّاقِ 5 / 250، وَرَوْضَةُ الطَّالِبِينَ 6 / 326، 327، وَانْظُرْ تُحْفَةَ الْمُحْتَاجِ 7 / 103، وَمُغْنِي الْمُحْتَاجِ 3 / 79، وَأَسْنَى الْمَطَالِبِ 3 / 75، 76، وَالْمُهَذَّبُ 1 / 366، وَكَشَّافُ الْقِنَاعِ 4 / 167، وَالْبَدَائِعُ 6 / 207، وَحَاشِيَةُ ابْنِ عَابِدِينَ، وَالدَّرُّ الْمُخْتَارُ 4 / 493، وَالْمَجَلَّةُ مَادَّةَ (773) .

الصفحة 9