كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 44)

وَالأَْقَارِبِ الأَْبَاعِدِ تَهْيِئَةُ طَعَامٍ لَهُمْ، يُشْبِعُهُمْ يَوْمَهُمْ وَلَيْلَتَهُمْ، لِقَوْل رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اصْنَعُوا لأَِهْل جَعْفَرٍ طَعَامًا، فَإِنَّهُ قَدْ جَاءَهُمْ مَا يَشْغَلُهُمْ (1) ، وَلأَِنَّهُ بِرٌّ وَمَعْرُوفٌ، وَفِيهِ إِظْهَارُ الْمَحَبَّةِ وَالاِعْتِنَاءِ.
وَقَالُوا: يُلِحُّ - مُقَدِّمُ الطَّعَامِ - عَلَيْهِمْ فِي الأَْكْل لأَِنَّ الْحُزْنَ يَمْنَعُهُمْ مِنْ ذَلِكَ فَيَضْعُفُونَ.
وَزَادَ الشَّافِعِيَّةُ: لاَ بَأْسَ بِالْقَسَمِ عَلَيْهِمْ إِذَا عَرَفَ أَنَّهُمْ يَبَرُّونَ بِقَسَمِهِ.
وَنَصَّ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ: إِنِ اجْتَمَعَ أَهْل الْمَيِّتِ عَلَى مُحَرَّمٍ مِنْ نَدْبٍ وَلَطْمٍ وَنِيَاحَةٍ فَلاَ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُصْنَعَ لَهُمْ طَعَامٌ وَيُبْعَثَ بِهِ إِلَيْهِمْ، بَل يَحْرُمُ إِرْسَال الطَّعَامِ إِلَيْهِمْ لأَِنَّهُمْ عُصَاةٌ (2) .

إِجَابَةُ الدَّعْوَةِ إِلَى الْوَضِيمَةِ:
5 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ إِجَابَةِ الدَّعْوَةِ إِلَى الْوَضِيمَةِ، فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ إِجَابَتَهَا مُسْتَحَبَّةٌ، وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ
__________
(1) حديث: اصنعوا لأهل جعفر طعاما. . . أخرجه الترمذي (3 / 314) ، وحسنه.
(2) فتح القدير 2 / 473، والفواكه الدواني على رسالة القيرواني 1 / 332، وحاشية الصاوي على الشرح الصغير 1 / 561، وحاشية الدسوقي 1 / 419، وروضة الطالبين للنووي 2 / 145، ونهاية المحتاج للرملي 3 / 41، والمجموع شرح المهذب 5 / 319 - 320، ومغني المحتاج 1 / 367 - 368، والمغني لابن قدامة 2 / 550، ومطالب أولي النهى 1 / 929.
وَالْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّهَا مَكْرُوهَةٌ، وَذَهَبَ ابْنُ رُشْدٍ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ إِلَى أَنَّهَا مُبَاحَةٌ (1) .

الأَْكْل مِنْ طَعَامِ الْوَضِيمَةِ:
6 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ الأَْكْل مِنْ طَعَامِ الْوَضِيمَةِ.
فَقَال الْحَنَفِيَّةُ: لاَ بَأْسَ بِالأَْكْل مِنْهُ (2) .
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: مَا يَصْنَعُهُ أَهْل الْمَيِّتِ مِنَ الطَّعَامِ وَيَجْمَعُونَ النَّاسَ عَلَيْهِ لاَ يَنْبَغِي لأَِحَدٍ الأَْكْل مِنْهُ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ الَّذِي صَنَعَهُ مِنَ الْوَرَثَةِ بَالِغًا رَشِيدًا فَلاَ حَرَجَ فِي الأَْكْل مِنْهُ (3) .
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: كُرِهَ لِلنَّاسِ غَيْرَ الْضُّيُوفِ الأَْكْل مِنَ الطَّعَامِ الَّذِي يَصْنَعُهُ أَهْل الْمَيِّتِ لِلضُّيُوفِ، وَإِنْ كَانَ الطَّعَامُ مِنَ التَّرِكَةِ وَفِي مُسْتَحِقِّيهَا مَحْجُورٌ عَلَيْهِ أَوْ مَنْ لَمْ يَأْذَنْ - حَرُمَ فِعْل الطَّعَامِ، وَحَرُمَ الأَْكْل مِنْهُ، لأَِنَّهُ مَالٌ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ، أَوْ مَال الْغَيْرِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ (4) .
__________
(1) البناية في شرح الهداية للعيني 9 / 202، وحاشية الطحطاوي على الدر 4 / 175، ومواهب الجليل 4 / 3، وحاشية الدسوقي 2 / 337، ومغني المحتاج 3 / 245، وتحفة المحتاج 3 / 207، والشرح الصغير 2 / 419، ومطالب أولي النهى 5 / 234، وكشاف القناع 5 / 168.
(2) الفتاوى الهندية 5 / 344.
(3) الفواكه الدواني 1 / 332.
(4) مطالب أولي النهى 1 / 930.

الصفحة 10