كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 44)
وَالثَّابِتُ دَلاَلَةً كَالثَّابِتِ نَصًّا.
وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ إِلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْوَقْفِ أَنْ يُنَصَّ عَلَى التَّأْبِيدِ.
ثُمَّ اخْتَلَفَ هَؤُلاَءِ الْفُقَهَاءُ فِي صِحَّةِ وَقْفٍ وَقَّتَهُ الْوَاقِفُ بِشَهْرٍ أَوْ سَنَةٍ مَثَلاً وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ.
فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي قَوْلٍ إِلَى أَنَّ الْوَقْفَ يَنْعَقِدُ مُؤَبَّدًا وَيَلْغُو التَّوْقِيتُ. وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي الْمَذْهَبِ إِلَى أَنَّ الْوَقْفَ لاَ يَصِحُّ.
الرَّأْيُ الثَّانِي: ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي وَجْهٍ إِلَى أَنَّهُ لاَ يُشْتَرَطُ التَّأْبِيدُ لِصِحَّةِ الْوَقْفِ، فَيَصِحُّ الْوَقْفُ مُدَّةً مُعَيَّنَةً (1) .
الرُّكْنُ الثَّانِي: الْوَاقِف:
مَا يُشْتَرَطُ فِي الْوَاقِفِ:
الشَّرْطُ الأَْوَّل: كَوْنُ الْوَاقِفِ أَهْلاً لِلتَّبَرُّعِ:
20 - الْوَقْفُ مِنَ التَّبَرُّعَاتِ، وَلِذَلِكَ يُشْتَرَطُ فِي
__________
(1) الفتاوى الهندية 2 / 356، وبدائع الصنائع 6 / 220، وحاشية ابن عابدين 3 / 365 - 367، ومغني المحتاج 2 / 382 - 383، وتحفة المحتاج 6 / 252 - 253، وشرح منتهى الإرادات 2 / 497، والكافي لابن قدامة 2 / 449 - 450، والإنصاف 7 / 35، والفروع 4 / 588، ومعونة أولي النهى 5 / 783، وحاشية الدسوقي 4 / 87، والخرشي 7 / 91، وجواهر الإكليل 2 / 208.
الْوَاقِفِ أَنْ يَكُونَ أَهْلاً لِلتَّبَرُّعِ (1) .
وَتَتَحَقَّقُ أَهْلِيَّةُ التَّبَرُّعِ بِمَا يَأْتِي:
أ - أَنْ يَكُونَ الْوَاقِفُ مُكَلَّفًا، أَيْ أَنْ يَكُونَ عَاقِلاً بَالِغًا فَلاَ يَصِحُّ الْوَقْفُ مِنَ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ؛ لأَِنَّ الْوَقْفَ مِنَ التَّصَرُّفَاتِ الَّتِي تُزِيل الْمِلْكَ بِغَيْرِ عِوَضٍ، وَالصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ لَيْسَا مِنْ أَهْل هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ (2) .
ب - أَنْ يَكُونَ حُرًّا، فَلاَ يَصِحُّ الْوَقْفُ مِنَ الْعَبْدِ؛ لأَِنَّ الْوَقْفَ إِزَالَةُ مِلْكٍ، وَالْعَبْدُ لَيْسَ مِنْ أَهْل الْمِلْكِ (3) .
ج - أَنْ يَكُونَ مُخْتَارًا، فَلاَ يَصِحُّ وَقْفُ الْمُكْرَهِ (4) .
د - أَلاَّ يَكُونَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ لِسَفَهٍ أَوْ فَلَسٍ؛ لأَِنَّ الْوَقْفَ تَبَرُّعٌ، وَالْمَحْجُورُ عَلَيْهِ لَيْسَ مِنْ أَهْل التَّبَرُّعِ، وَهَذَا بِاتِّفَاقٍ فِي الْجُمْلَةِ، وَنَقَل ابْنُ عَابِدِينَ عَنِ الْفَتْحِ: أَنَّ الْمَحْجُورَ عَلَيْهِ لِسَفَهٍ إِذَا وَقَفَ عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ عَلَى جِهَةٍ لاَ تَنْقَطِعُ يَنْبَغِي أَنْ
__________
(1) البدائع 6 / 219، وحاشية ابن عابدين 3 / 359، وحاشية الدسوقي 4 / 77، ومغني المحتاج 2 / 377، وكشاف القناع 4 / 251.
(2) البدائع 6 / 219، والشرح الصغير 2 / 298، ونهاية المحتاج 5 / 356، وكشاف القناع 4 / 240.
(3) البدائع 6 / 219، والشرح الصغير 2 / 298، ومغني المحتاج 2 / 377، وكشاف القناع 4 / 240، وشرح منتهى الإرادات 2 / 490.
(4) الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي 4 / 77، ومغني المحتاج 2 / 377.
الصفحة 124