كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 44)
الْوَرَثَةِ تَعَلَّقَ بِالْمَال بِوُجُودِ الْمَرَضِ فَمَنَعَ التَّبَرُّعَ بِزِيَادَةٍ عَلَى الثُّلُثِ، وَهَذَا مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ (1) .
وَإِنْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى الْوَرَثَةِ: فَإِنْ كَانَ عَلَى بَعْضِهِمْ وَكَانَ الْمَوْقُوفُ ثُلُثَ التَّرِكَةِ فَأَقَل صَحَّ الْوَقْفُ، سَوَاءٌ أَجَازَ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ أَوْ لَمْ يُجِيزُوا، وَإِنْ كَانَ الْمَوْقُوفُ أَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِ التَّرِكَةِ تَوَقَّفَ الزَّائِدُ عَنِ الثُّلُثِ عَلَى إِجَازَةِ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ، وَجَازَ وَقْفُ جَمِيعِ التَّرِكَةِ عَلَى جَمِيعِ الْوَرَثَةِ، وَمَنْ رَدَّ مِنْهُمُ اعْتُبِرَ وَارِثًا بِمِقْدَارِ نَصِيبِهِ فَرْضًا، وَهَذَا مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ (2) ، (، وَلَهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ تَفْصِيلٌ فِي قِسْمَةِ الْغَلَّةِ، بَيَانُهُ كَالآْتِي: قَال الْحَنَفِيَّةُ: امْرَأَةٌ وَقَفَتْ مَنْزِلاً فِي مَرَضِهَا عَلَى بَنَاتِهَا، ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِنَّ عَلَى أَوْلاَدِهِنَّ وَأَوْلاَدِ أَوْلاَدِهِنَّ أَبَدًا مَا تَنَاسَلُوا، فَإِذَا انْقَرَضُوا فَلِلْفُقَرَاءِ، ثُمَّ مَاتَتْ مِنْ مَرَضِهَا وَخَلَّفَتْ بِنْتَيْنِ وَأُخْتًا لأَِبٍ، وَالأُْخْتُ لاَ تَرْضَى بِمَا صَنَعَتْ وَلاَ مَال لَهَا سِوَى الْمَنْزِل جَازَ الْوَقْفُ فِي الثُّلُثِ وَلَمْ يَجُزْ فِي الثُّلُثَيْنِ، فَيُقَسَّمُ الثُّلُثَانِ بَيْنَ الْوَرَثَةِ عَلَى قَدْرِ سِهَامِهِمْ، وَيَكُونُ الثُّلُثُ وَقْفًا، وَمَا خَرَجَ مِنْ غَلَّتِهِ يُقَسَّمُ بَيْنَ الْوَرَثَةِ كُلِّهِمْ عَلَى قَدْرِ
__________
(1) البحر الرائق 5 / 211، والإسعاف ص35، والشرح الكبير مع حاشية الدسوقي 4 / 78، 82، 91، والمغني 5 / 627، ومغني المحتاج 2 / 377 و3 / 47، 50، وشرح منتهى الإرادات 2 / 525.
(2) حاشية ابن عابدين 3 / 363، 394، والبحر الرائق 5 / 210، وشرح منتهى الإرادات 2 / 525.
سِهَامِهِمْ مُدَّةَ حَيَاةِ الْبِنْتَيْنِ، فَإِذَا مَاتَتَا صُرِفَتِ الْغَلَّةُ إِلَى أَوْلاَدِهِمَا وَأَوْلاَدِ أَوْلاَدِهِمَا كَمَا شَرَطَتِ الْوَاقِفَةُ، لاَ حَقَّ لِلْوَرَثَةِ فِي ذَلِكَ (1) .
قَال ابْنُ نُجَيْمٍ: وَالْحَاصِل أَنَّ الْمَرِيضَ إِذَا وَقَفَ عَلَى بَعْضِ وَرَثَتِهِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِمْ عَلَى أَوْلاَدِهِمْ ثُمَّ عَلَى الْفُقَرَاءِ، فَإِنْ أَجَازَ الْوَارِثُ الآْخَرُ كَانَ الْكُل وَقْفًا وَاتَّبَعَ الشَّرْطَ وَإِلاَّ (أَيْ وَإِنْ لَمْ يُجِزِ الْوَارِثُ الآْخَرُ) كَانَ الثُّلُثَانِ مِلْكًا بَيْنَ الْوَرَثَةِ وَالثُّلُثُ وَقْفًا، مَعَ أَنَّ الْوَصِيَّةَ لِلْبَعْضِ لاَ تَنْفُذُ فِي شَيْءٍ؛ لأَِنَّهُ لَمْ يَتَمَحَّضْ لِلْوَارِثِ؛ لأَِنَّهُ بَعْدَهُ لِغَيْرِهِ، فَاعْتُبِرَ الْغَيْرُ بِالنَّظَرِ إِلَى الثُّلُثِ، وَاعْتُبِرَ الْوَارِثُ بِالنَّظَرِ إِلَى غَلَّةِ الثُّلُثِ الَّذِي صَارَ وَقْفًا، فَلاَ يُتْبَعُ الشَّرْطُ مَا دَامَ الْوَارِثُ حَيًّا، وَإِنَّمَا تُقْسَمُ غَلَّةُ هَذَا الثُّلُثِ بَيْنَ الْوَرَثَةِ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى، فَإِذَا انْقَرَضَ الْوَارِثُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ اعْتُبِرَ شَرْطُهُ فِي غَلَّةِ الثُّلُثِ (2) .
وَلَوْ وَقَفَ رَجُلٌ فِي مَرَضِهِ دَارًا لَهُ عَلَى ثَلاَثِ بَنَاتٍ لَهُ وَلَيْسَ لَهُ وَارِثٌ غَيْرُهُنَّ فَالثُّلُثُ مِنَ الدَّارِ وَقْفٌ، وَالثُّلُثَانِ مُطْلَقٌ يَصْنَعْنَ بِهِمَا مَا شِئْنَ، قَال الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ: هَذَا إِذَا لَمْ يُجِزْنَ، أَمَّا إِذَا أَجَزْنَ صَارَ الْكُل وَقْفًا عَلَيْهِمْ (3) .
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: لَوْ وَقَفَ دَارًا لاَ يَمْلِكُ غَيْرَهَا عَلَى ابْنِهِ وَبِنْتِهِ بِالسَّوِيَّةِ فَرَدَّا، فَثُلُثُهَا وَقْفٌ بَيْنَهُمَا
__________
(1) حاشية ابن عابدين 3 / 362، والبحر الرائق 5 / 210.
(2) البحر الرائق 5 / 210، وحاشية ابن عابدين 3 / 363.
(3) البحر الرائق 5 / 210.
الصفحة 127