كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 44)
مُعْتَبَرَةٌ إِذَا لَمْ تُخَالِفِ الشَّرْعَ وَهُوَ مَالِكٌ، فَلَهُ أَنْ يَجْعَلَهُ مَالَهُ حَيْثُ شَاءَ مَا لَمْ تَكُنْ مَعْصِيَةً، وَلَهُ أَنْ يَخُصَّ صِنْفًا مِنَ الْفُقَرَاءِ، وَلَوْ كَانَ الْوَضْعُ فِي كُلِّهِمْ قُرْبَةً (1) ، (وَفِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ لِلدَّرْدِيرِ:: وَاتُّبِعَ وُجُوبًا شَرْطُ الْوَاقِفِ إِنْ جَازَ شَرْعًا، فَإِنْ كَانَ غَيْرَ جَائِزٍ لَمْ يُتَّبَعْ (2) .
وَنَصَّ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى أَنَّ الأَْصْل أَنَّ شَرَائِطَ الْوَاقِعِ مَرْعِيَّةٌ مَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا مَا يُنَافِي الْوَقْفَ (3) .
وَنَصَّ الْحَنَابِلَةُ عَلَى مَا قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ: الشُّرُوطُ إِنَّمَا يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهَا إِذَا لَمْ تُفْضِ إِلَى الإِْخْلاَل بِالْمَقْصُودِ الشَّرْعِيِّ، وَلاَ يَجُوزُ الْمُحَافَظَةُ عَلَى بَعْضِهَا مَعَ فَوَاتِ الْمَقْصُودِ الشَّرْعِيِّ (4) .
وَيُقَسِّمُ ابْنُ الْقَيِّمِ شُرُوطَ الْوَاقِفِينَ إِلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ: شُرُوطٌ مُحَرَّمَةٌ فِي الشَّرْعِ، وَشُرُوطٌ مَكْرُوهَةٌ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشُرُوطٌ تَتَضَمَّنُ تَرْكَ مَا هُوَ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَشُرُوطٌ تَتَضَمَّنُ فِعْل مَا هُوَ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، فَالأَْقْسَامُ الثَّلاَثَةُ الأُْولَى لاَ حُرْمَةَ لَهَا وَلاَ اعْتِبَارَ، وَالْقِسْمُ الرَّابِعُ هُوَ الشَّرْطُ
__________
(1) حاشية ابن عابدين 3 / 361، 416.
(2) الشرح الكبير وحاشية الدسوقي عليه 4 / 88.
(3) مغني المحتاج 2 / 386.
(4) كشاف القناع 4 / 263، والإنصاف 7 / 56، والفروع 4 / 601.
الْمُتَّبَعُ الْوَاجِبُ الاِعْتِبَارِ (1) .
28 - وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الشُّرُوطِ الَّتِي تُعْتَبَرُ جَائِزَةً وَيَجِبُ الْعَمَل بِهَا، وَالشُّرُوطُ الَّتِي تُخَالِفُ الشَّرْعَ أَوْ تُنَافِي مُقْتَضَى الْوَقْفِ، وَبِتَتَبُّعِ مَا ذَكَرَهُ الْفُقَهَاءُ مِنَ الشُّرُوطِ يُمْكِنُ تَقْسِيمُهَا إِلَى ثَلاَثَةِ أَقْسَامٍ.
أ - شُرُوطٌ بَاطِلَةٌ وَمُبْطِلَةٌ لِلْوَقْفِ، مَانِعَةٌ مِنِ انْعِقَادِهِ؛ لأَِنَّهَا تُنَافِي لُزُومَ الْوَقْفِ.
ب - شُرُوطٌ بَاطِلَةٌ إِذَا شَرَطَهَا الْوَاقِفُ صَحَّ الْوَقْفُ وَبَطَل الشَّرْطُ.
ج - شُرُوطٌ صَحِيحَةٌ يَصِحُّ الْوَقْفُ وَالشَّرْطُ فِيهَا، وَهَذِهِ الشُّرُوطُ بِأَنْوَاعِهَا تَخْتَلِفُ مِنْ مَذْهَبٍ إِلَى مَذْهَبٍ.
فَقَدْ يَكُونُ الشَّرْطُ بَاطِلاً فِي مَذْهَبٍ صَحِيحًا فِي مَذْهَبٍ آخَرَ، بَل أَحْيَانًا يَخْتَلِفُ فُقَهَاءُ الْمَذْهَبِ الْوَاحِدِ فِي الْمِثَال الْوَاحِدِ فَيُبْطِلُهُ بَعْضُهُمْ وَيُصَحِّحُهُ غَيْرُهُمْ.
وَبَيَاْنُ ذَلِكَ فِيمَا يَلِي:
29 -
29 - الْقِسْمُ الأَْوَّل:: شُرُوطٌ بَاطِلَةٌ وَمُبْطِلَةٌ لِلْوَقْفِ مَانِعَةٌ مِنِ انْعِقَادِهِ، وَهِيَ الشُّرُوطُ الَّتِي تُنَافِي لُزُومَ الْوَقْفِ وَتُنَافِي مُقْتَضَاهُ.
وَمِنْ أَمْثِلَةِ هَذَا الْقِسْمِ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ أَنْ
__________
(1) إعلام لموقعين 3 / 97 ط مكتبة الكليات الأزهرية.
الصفحة 132