كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 44)

جَعَل لَهُ حَقًّا فِي الْوَقْفِ إِذَا اتَّصَفَ بِكَذَا أَعْطَاهُ، وَلَمْ يَجْعَل لَهُ حَقًا إِذَا انْتَفَتْ تِلْكَ الصِّفَةُ. وَقَيَّدَ تُرَتُّبُ الاِسْتِحْقَاقِ وَعَدَمُهُ عَلَى الصِّفَةِ هُوَ مَا صَرَّحَ بِهِ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ. .
وَمَثَّل الْمَالِكِيَّةُ بِأَنَّ مَنْ وَقَفَ عَلَى الْفُقَرَاءِ أَوْ طَلَبَةِ الْعِلْمِ أَوْ عَلَى الشَّبَابِ أَوِ الصِّغَارِ أَوِ الأَْحْدَاثِ ثُمَّ زَال وَصْفُهُ فَإِنَّهُ يَخْرُجُ؛ لأَِنَّ الاِسْتِحْقَاقَ قَدْ عُلِّقَ بِوَصْفٍ، فَإِذَا زَال الْوَصْفُ يَزُول الاِسْتِحْقَاقُ بِزَوَالِهِ (1) .
وَمَثَّل الشَّافِعِيَّةُ لِلإِْخْرَاجِ بِصِفَةٍ كَأَنْ يَقُول الْوَاقِفُ وَقَفْتُ عَلَى أَوْلاَدِي عَلَى أَنَّ مَنْ تَزَوَّجَتْ مِنْ بَنَاتِي فَلاَ حَقَّ لَهَا أَوْ عَلَى أَنَّ مَنِ اسْتَغْنَى مِنْ أَوْلاَدِي فَلاَ حَقَّ لَهُ فِيهِ. .
وَأَمَّا الإِْدْخَال بِصِفَةٍ فَهُوَ أَنْ يَقُول: مَنْ تَزَوَّجَتْ مِنْ بَنَاتِي فَلاَ حَقَّ لَهَا فِيهِ، فَإِنْ طُلِّقَتْ أَوْ مَاتَ عَنْهَا زَوْجُهَا عَادَ إِلَيْهَا حَقُّهَا (2) .
وَمَثَّل الْحَنَابِلَةُ:: بِأَنْ يَقِفَ عَلَى أَوْلاَدِهِ بِشَرْطِ كَوْنِهِمْ فُقَرَاءَ أَوْ صُلَحَاءَ، أَوْ يَقُول الْوَاقِفُ: وَقَفْتُ عَلَى أَوْلاَدِي، وَمَنْ فَسَقَ مِنْهُمْ أَوِ اسْتَغْنَى فَلاَ شَيْءَ لَهُ، أَوْ مَنْ حَفِظَ الْقُرْآنَ فَلَهُ وَمَنْ نَسِيَهُ فَلاَ شَيْءَ لَهُ.
وَصَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى الصَّحِيحِ وَالْحَنَابِلَةُ بِقَيْدٍ آخَرَ هُوَ أَنْ يَكُونَ الإِْخْرَاجُ وَالإِْدْخَال مِنْ أَهْل
__________
(1) الشرح الكبير وحاشية الدسوقي عليه 4 / 97.
(2) المهذب 1 / 450، والروضة 5 / 339.
الْوَقْفِ لاَ مِنْ غَيْرِهِمْ، وَلِذَلِكَ لاَ يَصِحُّ الْوَقْفُ إِنْ شَرَطَ فِيهِ إِدْخَال مَنْ شَاءَ مِنْ غَيْرِ أَهْل الْوَقْفِ؛ لأَِنَّهُ شَرْطٌ يُنَافِي مُقْتَضَى الْوَقْفِ فَأَفْسَدَهُ (1) .
أَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَلَمْ يُقَيِّدُوا الإِْدْخَال وَالإِْخْرَاجَ بِأَيِّ قَيْدٍ، جَاءَ فِي الإِْسْعَافِ: لَوِ اشْتَرَطَ الْوَاقِفُ فِي وَقْفِهِ أَنْ يَزِيدَ فِي وَظِيفَةِ مَنْ يَرَى زِيَادَتَهُ، وَأَنْ يَنْقُصَ مِنْ وَظِيفَةِ مَنْ يَرَى نُقْصَانَهُ مِنْ أَهْل الْوَقْفِ، وَأَنْ يُدْخِل مَعَهُمْ مَنْ يَرَى إِدْخَالَهُ، وَأَنْ يُخْرِجَ مِنْهُمْ مَنْ يَرَى إِخْرَاجَهُ جَازَ، ثُمَّ إِذَا زَادَ أَحَدًا مِنْهُمْ أَوْ نَقَصَهُ مَرَّةً أَوْ أَدْخَل أَحَدًا أَوْ أَخْرَجَ أَحَدًا لَيْسَ لَهُ أَنْ يُغَيِّرَهُ بَعْدَ ذَلِكَ؛ لأَِنَّ شَرْطَهُ وَقَعَ عَلَى فِعْلٍ يَرَاهُ فَإِذَا رَآهُ وَأَمْضَاهُ فَقَدِ انْتَهَى مَا رَآهُ، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لَهُ دَائِمًا مَا دَامَ حَيًّا يَقُول عَلَى أَنَّ لِفُلاَنِ بْنِ فُلاَنٍ أَنْ يَزِيدَ فِي مُرَتَّبِ مَنْ يَرَى زِيَادَتَهُ، وَأَنْ يَنْقُصَ مِنْ مُرَتَّبِ مَنْ يَرَى نُقْصَانَهُ، وَأَنْ يَنْقُصَ مَنْ زَادَهُ، وَيَزِيدَ مَنْ نَقَصَهُ مِنْهُمْ وَأَنْ يُدْخِل مَعَهُمْ مَنْ يَرَى إِدْخَالَهُ وَيُخْرِجَ مِنْهُمْ مَنْ يَرَى إِخْرَاجَهُ مَتَى أَرَادَ، مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى رَأْيًا بَعْدَ رَأْيٍ وَمَشِيئَةٍ بَعْدَ مَشِيئَةٍ مَا دَامَ حَيًّا ثُمَّ إِذَا أَحْدَثَ فِيهِ شَيْئًا مِمَّا شَرَطَهُ لِنَفْسِهِ أَوْ مَاتَ قَبْل ذَلِكَ يَسْتَقِرُّ أَمْرُ الْوَقْفِ عَلَى الْحَالَةِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا يَوْمَ مَوْتِهِ، وَلَيْسَ لِمَنْ يَلِي عَلَيْهِ بَعْدَهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ إِلاَّ أَنْ يَشْتَرِطَهُ لَهُ فِي أَصْل الْوَقْفِ (2) .
__________
(1) كشاف القناع 4 / 261، والمغني 5 / 618، ومغني المحتاج 2 / 385.
(2) الإسعاف ص34 - 35، وحاشية ابن عابدين 3 / 431.

الصفحة 138