كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 44)
أَوَّلُهَا لِلإِْمَامِ مَالِكٍ قَال: الْوَقْفُ عَلَى وَلَدِهِ وَلاَ وَلَدَ لَهُ صَحِيحٌ إِلاَّ أَنَّهُ غَيْرُ لاَزِمٍ، فَلِلْوَاقِفِ بَيْعُهُ قَبْل وِلاَدَةِ الْمُحْبَسِ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَحْصُل لَهُ يَأْسٌ مِنَ الْوَلَدِ، فَإِنْ غَفَل عَنْهُ حَتَّى حَصَل لَهُ وَلَدٌ تَمَّ الْوَقْفُ.
وَالثَّانِي لاِبْنِ الْقَاسِمِ، قَال:: الْوَقْفُ لاَزِمٌ بِمُجَرَّدِ عَقْدِهِ وَلاَ يَكُونُ مِلْكًا لِلْوَاقِفِ إِلاَّ إِذَا حَصَل يَأْسٌ مِنَ الْوَلَدِ فَيُوقَفُ أَمْرُ ذَلِكَ الْحَبْسِ لِلإِْيَاسِ فَإِذَا يَئِسَ مِنَ الْوَلَدِ كَانَ لَهُ بَيْعُهُ.
وَالثَّالِثُ:: لاِبْنِ الْمَاجِشُونِ، قَال: يُحْكَمُ بِحَبْسِهِ وَيُخْرَجُ إِلَى يَدِ ثِقَةٍ لِيَصِحَّ حَوْزُهُ وَتُوقَفُ ثَمَرَتُهُ فَإِنْ وُلِدَ لَهُ كَانَ الْحَبْسُ وَالْغَلَّةُ لَهُ وَإِنْ لَمْ يُولَدْ لَهُ كَانَ لأَِقْرَبِ النَّاسِ لِلْوَاقِفِ. .
قَال الدُّسُوقِيُّ: وَمَحَل الْخِلاَفِ إِذَا لَمْ يَكُنْ قَدْ وُلِدَ لَهُ سَابِقًا، أَمَّا إِنْ كَانَ قَدْ وُلِدَ لَهُ فَإِنَّهُ يَنْتَظِرُ بِلاَ نِزَاعٍ، قَالَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزُّرْقَانِيُّ (1) .
أَمَّا الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فَإِنَّهُمْ يَشْتَرِطُونَ أَنْ يَكُونَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ مَوْجُودًا وَقْتَ الْوَقْفِ فَلَوْ وَقَفَ عَلَى وَلَدِهِ وَلاَ وَلَدَ لَهُ أَوْ عَلَى فَقِيرِ أَوْلاَدِهِ وَلاَ فَقِيرَ فِيهِمْ فَلاَ يَصِحُّ الْوَقْفُ وَيُعْتَبَرُ بَاطِلاً؛ لأَِنَّ الْوَلَدَ الَّذِي لَمْ يُخْلَقْ لاَ يُمَلَّكُ فَلاَ يُفِيدُ الْوَقْفُ عَلَيْهِ شَيْئًا، وَلَكِنْ يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَى غَيْرِ الْمَوْجُودِ
__________
(1) الدسوقي 4 / 89، ومنح الجليل 4 / 66.
تَبَعًا لاَ أَصَالَةً كَقَوْل الْوَاقِفِ وَقَفْتُ عَلَى أَوْلاَدِي وَأَوْلاَدِ أَوْلاَدِي مَا تَنَاسَلُوا (1) .
ب - الْوَقْفُ عَلَى الْحَمْل:
41 - ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي الْمَذْهَبِ إِلَى عَدَمِ جَوَازِ الْوَقْفِ عَلَى الْحَمْل ابْتِدَاءً، وَصَحَّحَ ابْنُ عَقِيلٍ مِنَ الْحَنَابِلَةِ جَوَازَ الْوَقْفِ عَلَى الْحَمْل ابْتِدَاءً وَاخْتَارَهُ الْحَارِثِيُّ، أَمَّا إِذَا كَانَ الْوَقْفُ عَلَى الْحَمْل تَبَعًا فَإِنَّ الشَّافِعِيَّةَ لاَ يُجِيزُونَ ذَلِكَ أَيْضًا حَيْثُ قَالُوا: لاَ يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَى جَنِينٍ لِعَدَمِ صِحَّةِ تَمَلُّكِهِ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ مَقْصُودًا أَمْ تَابِعًا، حَتَّى لَوْ قَال: وَقَفْتُ عَلَى أَوْلاَدِي وَكَانَ لَهُ أَوْلاَدٌ وَلَهُ جَنِينٌ عِنْدَ الْوَقْفِ لَمْ يَدْخُل، نَعَمْ إِنِ انْفَصَل دَخَل مَعَهُمْ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ الْوَاقِفُ قَدْ سَمَّى الْمَوْجُودِينَ أَوْ ذَكَرَ عَدَدَهُمْ فَلاَ يَدْخُل كَمَا قَالَهُ الأَْذْرَعِيُّ، بِخِلاَفِ مَا لَوْ وَقَفَ عَلَى الذُّرِّيَّةِ وَالنَّسْل وَالْعَقِبِ فَإِنَّهُ يَدْخُل فِي الْوَقْفِ الْحَمْل الْحَادِثُ.
أَمَّا الْحَنَابِلَةُ فَقَدْ أَجَازُوا الْوَقْفَ عَلَى الْحَمْل إِذَا كَانَ تَبَعًا، فَقَدْ نَصُّوا عَلَى أَنَّهُ لاَ يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَى مَا فِي بَطْنِ هَذِهِ الْمَرْأَةِ، لأَِنَّهُ تَمْلِيكٌ إِذَنْ وَهُوَ لاَ يُمَلَّكُ، وَيَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَى الْحَمْل تَبَعًا
__________
(1) مغني المحتاج 2 / 379، 386، والمهذب 1 / 448، وشرح منتهى الإرادات 2 / 495 - 496، وتحفة المحتاج مع حاشية الشرواني 6 / 242.
الصفحة 142