كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 44)
الشَّرْطُ الرَّابِعُ: أَنْ تَكُونَ الْجِهَةُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهَا غَيْرَ مُنْقَطِعَةٍ:
44 - الْوَقْفُ عَلَى جِهَةٍ لاَ تَنْقَطِعُ كَالْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاجِدِ صَحِيحٌ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ (1) لَكِنَّهُمْ يَخْتَلِفُونَ فِيمَا إِذَا كَانَ الْوَقْفُ عَلَى مُنْقَطِعِ الاِبْتِدَاءِ أَوِ الْوَسَطِ أَوِ الاِنْتِهَاءِ.
وَبَيَانُ ذَلِكَ فِيمَا يَأْتِي:
أَوَّلاً: إِذَا كَانَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ مُنْقَطِعَ الاِبْتِدَاءِ وَالاِنْتِهَاءِ:
45 - كَمَنْ يَقِفُ عَلَى وَلَدِهِ وَلاَ وَلَدَ لَهُ فَلاَ يَصِحُّ هَذَا الْوَقْفُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ وَالشَّافِعِيَّةِ فِي الْمَذْهَبِ، وَيَصِحُّ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَتُصْرَفُ الْغَلَّةُ لِلْفُقَرَاءِ فَإِذَا وُجِدَ الْوَلَدُ صُرِفَ إِلَيْهِ، وِلِلْمَالِكِيَّةِ أَقْوَالٌ ثَلاَثَةٌ (2) وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُ ذَلِكَ عِنْدَ الْكَلاَمِ عَنِ الْوَقْفِ عَلَى مَنْ سَيُوجَدُ. (ف33) .
ثَانِيًا: إِذَا كَانَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ مُنْقَطِعَ الاِبْتِدَاءِ مُتَّصِل الاِنْتِهَاءِ:
46 - كَمَنْ وَقَفَ عَلَى نَفْسِهِ (عِنْدَ مَنْ لاَ يُجِيزُ
__________
(1) ابن عابدين 3 / 365، والمهذب 1 / 448، والمغني 5 / 622، 623، والدسوقي 4 / 84.
(2) حاشية ابن عابدين 3 / 414، والدسوقي 4 / 89، ومنح الجليل 4 / 66، ومغني المحتاج 2 / 379، 386، والمهذب 1 / 448، وشرح منتهى الإرادات 2 / 495 - 496، والمغني 5 / 607.
الْوَقْفَ عَلَى النَّفْسِ) أَوْ عَلَى عَبْدٍ ثُمَّ عَلَى الْفُقَرَاءِ، فَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ فِي الْمَذْهَبِ يُصْرَفُ إِلَى مَنْ بَعْدَهُ (أَيِ الْفُقَرَاءِ) فِي الْحَال، وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ الْحُكْمُ كَذَلِكَ إِنْ حِيزَ مِنَ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ قَبْل حُصُول مَانِعٍ لِلْوَاقِفِ مِنْ فَلَسٍ، أَوْ مَرَضٍ، أَوْ مَوْتٍ فَإِنْ لَمْ يَحْصُل حَوْزٌ حَتَّى حَصَل لِلْوَاقِفِ مَانِعٌ مِنْ هَذِهِ الأُْمُورِ الثَّلاَثَةِ (الْمَوْتِ أَوِ الْمَرَضِ أَوِ الْفَلَسِ) لَمْ يَتِمَّ الْوَقْفُ وَلِلْوَرَثَةِ فِي حَالَةِ الْمَرَضِ أَوِ الْمَوْتِ إِبْطَالُهُ وَلَهُمْ إِجَازَتُهُ، وَفِي حَالَةِ الْفَلَسِ كَانَ لِلْغَرِيمِ إِبْطَالُهُ وَأَخْذُهُ فِي دَيْنِهِ.
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: فِيهِ طَرِيقَانِ: قَال الشِّيرَازِيُّ: مِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَال يَبْطُل قَوْلاً وَاحِدًا، لأَِنَّ الأَْوَّل بَاطِلٌ، وَالثَّانِي فَرْعٌ لأَِصْلٍ بَاطِلٍ فَكَانَ بَاطِلاً، وَمِنْهُمُ مَنْ قَال فِيهِ قَوْلاَنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ بَاطِلٌ لِمَا ذَكَرْنَاهُ.
وَالثَّانِي أَنَّهُ يَصِحُّ لأَِنَّهُ لَمَّا بَطَل الأَْوَّل صَارَ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ، وَصَارَ الثَّانِي أَصْلاً، فَإِذَا قُلْنَا إِنَّهُ يَصِحُّ فَإِنْ كَانَ الأَْوَّل لاَ يُمْكِنُ اعْتِبَارُ انْقِرَاضِهِ كَرَجُلٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ صُرِفَ إِلَى مَنْ بَعْدَهُ وَهُمُ الْفُقَرَاءُ، لأَِنَّهُ لاَ يُمْكِنُ اعْتِبَارُ انْقِرَاضِهِ فَسَقَطَ حُكْمُهُ.
وَإِنْ كَانَ يُمْكِنُ اعْتِبَارُ انْقِرَاضِهِ كَالْعَبْدِ فَفِيهِ ثَلاَثَةُ أَوْجُهٍ:
أَحَدُهَا يُنْقَل فِي الْحَال إِلَى مَنْ بَعْدَهُ، لأَِنَّ
الصفحة 146