كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 44)
سَمَّى جِهَةً تَنْقَطِعُ كَمَا لَوْ وَقَفَ عَلَى أَوْلاَدِهِ وَلَمْ يَزِدْ جَازَ الْوَقْفُ، وَإِذَا انْقَرَضُوا عَادَ إِلَى مِلْكِهِ لَوْ حَيًّا، وَإِلاَّ فَإِلَى مِلْكِ الْوَارِثِ.
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ أَنَّ التَّأْبِيدَ شَرْطٌ حَتَّى تُصْرَفَ الْغَلَّةُ بَعْدَ الأَْوْلاَدِ إِلَى الْفُقَرَاءِ (1) .
وَالْمَالِكِيَّةُ يُفَرِّقُونَ بَيْنَ الْوَقْفِ الْمُؤَبَّدِ وَالْوَقْفِ الْمُؤَقَّتِ.
فَبِالنِّسْبَةِ لِلْوَقْفِ الْمُؤَبَّدِ إِذَا انْقَطَعَتِ الْجِهَةُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهَا رَجَعَ الْوَقْفُ لأَِقْرَبِ فُقَرَاءِ عَصَبَةِ الْمُحْبِسِ نَسَبًا وَيَكُونُ وَقْفًا عَلَيْهِمْ، وَيَسْتَوِي فِي الأَْنْصِبَةِ الذَّكَرُ وَالأُْنْثَى حَتَّى وَلَوْ كَانَ الْوَاقِفُ شَرَطَ فِي أَصْل وَقْفِهِ أَنْ يَكُونَ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ لِلذَّكَرِ مِثْل حَظِّ الأُْنْثَيَيْنِ، لأَِنَّ مَرْجِعَ الْوَقْفِ إِلَيْهِمْ لَيْسَ بِإِنْشَاءِ الْوَاقِفِ وَإِنَّمَا هُوَ بِحُكْمِ الشَّرْعِ، لَكِنْ لَوْ قَال الْوَاقِفُ إِنِ انْقَطَعَ الْوَقْفُ رَجَعَ لأَِقْرَبِ فُقَرَاءِ عَصَبَتِي لِلذَّكَرِ مِثْل حَظِّ الأُْنْثَيَيْنِ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَعْمَل بِشَرْطِهِ حَيْثُ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْمَرْجِعِ، لأَِنَّ الْمَرْجِعَ صَارَ بِذَلِكَ فِي مَعْنَى الْحَبْسِ عَلَيْهِ فَيُقَدَّمُ الاِبْنُ فَابْنُهُ فَالأَْخُ فَابْنُهُ فَالْجَدُّ فَالْعَمُّ فَابْنُهُ وَيَشْتَرِكُ مَعَهُمْ أَقْرَبُ امْرَأَةٍ مِنْ فُقَرَاءِ أَقَارِبِ الْوَاقِفِ لَوْ كَانَتْ ذَكَرًا كَانَتْ عَصَبَتُهُ كَالْبِنْتِ
__________
(1) حاشية ابن عابدين 3 / 365، وتبيين الحقائق 3 / 326 - 327، وفتح القدير 6 / 214 - 215.
وَالأُْخْتِ وَالْعَمَّةِ، فَإِنْ ضَاقَ الْوَقْفُ فِي الْغَلَّةِ النَّاشِئَةِ عَنْهُ قُدِّمَ الْبَنَاتُ عَلَى الأُْخْوَةِ لاَ عَلَى الاِبْنِ فَتَأْخُذُ الْبَنَاتُ مَا يَكْفِيهِنَّ وَلاَ يَأْخُذْنَ الْجَمِيعَ، وَلاَ يَدْخُل فِيهِ الْوَاقِفُ وَلَوْ فَقِيرًا، فَإِنْ كَانَ الأَْقْرَبُ غَنِيًّا فَلِمَنْ يَلِيهِ فِي الرُّتْبَةِ. وَإِنْ كَانَ الْوَقْفُ مُؤَقَّتًا كَمَنْ وَقَفَ عَلَى شَخْصٍ أَوْ أَكْثَرَ وَقَيَّدَهُ بِحَيَاتِهِمْ أَوْ حَيَاةِ فُلاَنٍ أَوْ قَيَّدَ بِأَجَلٍ كَعَشَرَةِ أَعْوَامٍ، فَإِنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ فَنَصِيبُهُ لِبَقِيَّةِ أَصْحَابِهِ، فَإِذَا انْقَرَضُوا رَجَعَ مَلِكًا لِرَبِّهِ أَوْ لِوَارِثِهِ إِنْ مَاتَ، فَإِنْ لَمْ يُقَيِّدْ بِشَيْءٍ وَأَطْلَقَ فَيَرْجِعُ بَعْدَ انْقِرَاضِ جَمِيعِهِمْ مَرْجِعَ الأَْحْبَاسِ عَلَى الأَْصَحِّ، وَهُوَ رِوَايَةُ الْمِصْرِيِّينَ عَنْ مَالِكٍ وَمِنْهُمُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ. وَمُقَابِل الأَْصَحِّ رُجُوعُهُ مِلْكًا لِلْوَاقِفِ أَوْ لِوَارِثِهِ وَهُوَ رِوَايَةُ الْمَدَنِيِّينَ.
وَإِذَا رَجَعَ مَرْجِعَ الأَْحْبَاسِ فَإِنَّهُ يَكُونُ كَالْوَقْفِ الْمُؤَبَّدِ أَيْ لأَِقْرَبِ عَصَبَةِ الْمُحْبِسِ وَلاِمْرَأَةٍ لَوْ فُرِضَتْ ذَكَرًا عَصَّبَتْ كَالْبِنْتِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَصَبَةٌ أَوِ انْقَرَضُوا فَلِلْفُقَرَاءِ (1) .
وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ لَهُمْ رَأْيَانِ، الأَْوَّل وَهُوَ الأَْظْهَرُ: صِحَّةُ الْوَقْفِ لأَِنَّ مَقْصُودَ الْوَقْفِ الْقُرْبَةُ وَالدَّوَامُ وَإِذَا بُيِّنَ مَصْرِفُهُ ابْتِدَاءً سَهُل إِدَامَتُهُ عَلَى سَبِيل الْخَيْرِ. وَالثَّانِي: بُطْلاَنُ الْوَقْفِ لاِنْقِطَاعِهِ.
__________
(1) الدسوقي 4 / 85 - 87، والشرح الصغير 2 / 305 - 306.
الصفحة 148