كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 44)

ج - وَقْفُ الشَّجَرِ يَدْخُل فِيهِ الأَْرْضُ الَّتِي فِيهَا الشَّجَرُ وَذَلِكَ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَمُقَابِل الأَْصَحِّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَيَتَنَاوَل حَرِيمَهَا، وَقِيل: لاَ يَتَنَاوَلُهُ.
وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ وَالأَْصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ وَقْفَ الشَّجَرِ لاَ يَتَنَاوَل الأَْرْضَ الَّتِي فِيهَا الشَّجَرُ لأَِنَّ اسْمَ الشَّجَرِ لاَ يَتَنَاوَلُهُ (1) .

ذِكْرُ الْحُدُودِ فِي وَقْفِ الْعَقَارِ:
66 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ وَقْفَ الْعَقَارِ لاَ يُشْتَرَطُ فِيهِ ذِكْرُ حُدُودِهِ إِذَا كَانَ مَشْهُورًا، وَقَدْ نَقَل ابْنُ عَابِدِينَ عَنِ الْكَمَال بْنِ الْهُمَامِ قَوْلَهُ: إِذَا كَانَتِ الدَّارُ مَشْهُورَةً مَعْرُوفَةً صَحَّ وَقْفُهَا وَإِنْ لَمْ تُحَدَّدْ، اسْتِغْنَاءً لِشُهْرَتِهَا عَنْ تَحْدِيدِهَا.
وَقَدْ عَلَّقَ ابْنُ عَابِدِينَ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: ظَاهِرُهُ اشْتِرَاطُ التَّحْدِيدِ، وَلاَ يَخْفَى مَا فِيهِ، بَل ذَلِكَ شَرْطٌ لِقَبُول الشَّهَادَةِ بِوَقْفِيَّتِهَا (2) .
وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ: بَابٌ إِذَا وَقَفَ أَرْضًا وَلَمْ يُبَيِّنِ الْحُدُودَ فَهُوَ جَائِزٌ.
وَقَدْ عَلَّقَ ابْنُ حَجَرٍ فِي فَتْحِ الْبَارِي عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: كَذَا أَطْلَقَ الْجَوَازَ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إِذَا كَانَ الْمَوْقُوفُ أَوِ الْمُتَصَدَّقُ بِهِ مَشْهُورًا مُتَمَيِّزًا
__________
(1) منح الجليل 2 / 722، ومغني المحتاج 2 / 85 - 86، وشرح منتهى الإرادات 2 / 210.
(2) حاشية ابن عابدين 3 / 373، وشرح منتهى الإرادات 2 / 492.
بِحَيْثُ يُؤْمَنُ أَنْ يَلْتَبِسَ بِغَيْرِهِ، وَإِلاَّ فَلاَ بُدَّ مِنَ التَّحْدِيدِ اتِّفَاقًا، لَكِنْ ذَكَرَ الْغَزَالِيُّ فِي فَتَاوِيهِ أَنَّ مَنْ قَال: اشْهَدُوا عَلَى أَنَّ جَمِيعَ أَمْلاَكِي وَقْفٌ عَلَى كَذَا وَذَكَرَ مَصْرِفَهَا وَلَمْ يُحَدِّدْ شَيْئًا مِنْهَا صَارَتْ جَمِيعُهَا وَقْفًا وَلاَ يَضُرُّ جَهْل الشُّهُودِ بِالْحُدُودِ، وَيُحْتَمَل أَنْ يَكُونَ مُرَادُ الْبُخَارِيِّ أَنَّ الْوَقْفَ يَصِحُّ بِالصِّيغَةِ الَّتِي لاَ تَحْدِيدَ فِيهَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى اعْتِقَادِ الْوَاقِفِ وَإِرَادَتِهِ لِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ فِي نَفْسِهِ، وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ التَّحْدِيدُ لأَِجْل الإِْشْهَادِ عَلَيْهِ لِيُبَيِّنَ حَقَّ الْغَيْرِ (1) .

ثَانِيًا: وَقْفُ الْمَنْقُول:
67 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَالْمَالِكِيَّةُ فِي الْمُعْتَمَدِ إِلَى جَوَازِ وَقْفِ الْمَنْقُول مِنْ أَثَاثٍ وَحَيَوَانٍ وَسِلاَحٍ (2) لِقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنِ احْتَبَسَ فَرَسًا فِي سَبِيل اللَّهِ إِيمَانًا بِاللَّهِ وَتَصْدِيقًا بِوَعْدِهِ فَإِنَّ شِبَعَهُ وَرِيَّهُ وَرَوْثَهُ وَبَوْلَهُ فِي مِيزَانِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ (3) ، وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَمَّا خَالِدٌ فَقَدِ
__________
(1) فتح الباري 5 / 396.
(2) الشرح الكبير وحاشية الدسوقي 4 / 77، ومنح الجليل 4 / 37، والمهذب 1 / 447، ومغني المحتاج 2 / 377، وشرح منتهى الإرادات 2 / 491، 492، والقوانين الفقهية ص374.
(3) حديث " من احتبس فرسا في سبيل الله. . . " أخرجه البخاري (الفتح 6 / 57) من حديث أبي هريرة.

الصفحة 164