كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 44)
وَالثَّالِثُ: أَنَّ النَّظَرَ لِلْحَاكِمِ، لأَِنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ وَحَقُّ مَنْ يَنْتَقِل إِلَيْهِ، فَكَانَ الْحَاكِمُ أَوْلَى وَهُوَ الْمَذْهَبُ (1) .
أَمَّا إِنْ كَانَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ غَيْرَ مُعَيَّنٍ - كَالْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْمَسَاجِدِ - وَلَمْ يُحَدِّدِ الْوَاقِفُ نَاظِرًا كَانَ النَّظَرُ لِلْحَاكِمِ أَوِ الْقَاضِي كَمَا يُعَبِّرُ الْحَنَفِيَّةُ (2) .
ب - اتِّبَاعُ شَرْطِ الْوَاقِفِ فِي التَّأْجِيرِ:
77 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الأَْصَحِّ إِلَى أَنَّهُ يُتَّبَعُ شَرْطُ الْوَاقِفِ فِي إِجَارَةِ الْمَوْقُوفِ فَإِذَا شَرَطَ الْوَاقِفُ أَنْ لاَ يُؤَجَّرَ الْمَوْقُوفُ أَصْلاً أَوْ أَنْ لاَ يُؤَجَّرَ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ مَثَلاً صَحَّ الْوَقْفُ وَاتُّبِعَ شَرْطُهُ، لأَِنَّ شَرْطَ الْوَاقِفِ كَنَصِّ الشَّارِعِ.
وَمُقَابِل الأَْصَحِّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ لاَ يُتَّبَعُ شَرْطُ الْوَاقِفِ فِي ذَلِكَ، لأَِنَّهُ حَجْرٌ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ فِي الْمَنْفَعَةِ (3) .
__________
(1) المهذب 1 / 452 - 453.
(2) الدر المختار وحاشية ابن عابدين عليه 3 / 410، والبحر الرائق 5 / 251، والشرح الكبير وحاشية الدسوقي 2 / 88 - 96، والخرشي 7 / 92 - 100، ومغني المحتاج 2 / 393، وشرح منتهى الإرادات 2 / 503 - 504، والإنصاف 7 / 69 - 70.
(3) الدر المختار وحاشية ابن عابدين 3 / 396، والخرشي 7 / 100، والشرح الكبير مع حاشية الدسوقي 4 / 96، ومغني المحتاج 2 / 385، وشرح منتهى الإرادات 2 / 501.
وَاسْتَثْنَى الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ مِنَ اتِّبَاعِ شَرْطِ الْوَاقِفِ فِي تَحْدِيدِ مُدَّةَ الإِْجَارَةِ أَوْ عَدَمِ التَّأْجِيرِ مَا إِذَا كَانَتْ هُنَاكَ ضَرُورَةٌ لِلتَّأْجِيرِ كَمَا لَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ أَنْ لاَ تُؤَجَّرَ الدَّارُ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ ثُمَّ انْهَدَمَتْ وَلَيْسَ لَهُ جِهَةُ عِمَارَةٍ إِلاَّ بِإِجَارَةِ سِنِينَ فَحِينَئِذٍ يَجُوزُ لِلنَّاظِرِ مُخَالَفَةُ شَرْطِ الْوَاقِفِ، لأَِنَّ اتِّبَاعَ شَرْطِ الْوَاقِفِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ يُفْضِي إِلَى تَعْطِيلِهِ (1) .
كَذَلِكَ اسْتَثْنَى الْحَنَفِيَّةُ مِنَ اتِّبَاعِ شَرْطِ الْوَاقِفِ حَالَةَ مَا إِذَا كَانَ النَّاسُ لاَ يَرْغَبُونَ فِي اسْتِئْجَارِ الْمَوْقُوفِ الْمُدَّةَ الَّتِي شَرَطَهَا الْوَاقِفُ كَمَا إِذَا شَرَطَ أَنْ لاَ يُؤَجَّرَ الْمَوْقُوفُ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ، وَالنَّاسُ لاَ يَرْغَبُونَ فِي اسْتِئْجَارِهَا، وَكَانَتْ إِجَارَتُهَا أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ أَنْفَعَ وَأَدَرَّ لِلْفُقَرَاءِ، فَلَيْسَ لِلْقَيِّمِ أَنْ يُؤَجِّرَهَا أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ بَل يَرْفَعُ الأَْمْرَ لِلْقَاضِي لِيُؤَجِّرَهَا أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ، لأَِنَّ لِلْقَاضِي وِلاَيَةَ النَّظَرِ لِلْفُقَرَاءِ وَالْغَائِبِينَ وَالْمَوْتَى.
وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطِ الْوَاقِفُ شَيْئًا فَلِلْقَيِّمِ ذَلِكَ بِلاَ إِذْنِ الْقَاضِي (2) .
هَذَا إِذَا كَانَ لِلْوَاقِفِ شَرْطٌ فِي التَّأْجِيرِ، أَمَّا إِذَا لَمْ يَشْتَرِطِ الْوَاقِفُ مُدَّةً لِلتَّأْجِيرِ فَقَدِ اخْتَلَفَ
__________
(1) الخرشي 7 / 100، ومغني المحتاج 2 / 385، وشرح منتهى الإرادات 2 / 502.
(2) حاشية ابن عابدين 3 / 396، والإسعاف ص64.
الصفحة 176