كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 44)
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ النَّاظِرَ إِذَا أَكْرَى الْعَيْنَ الْمَوْقُوفَةَ بِدُونِ أُجْرَةِ الْمِثْل فَإِنَّ النَّاظِرَ يَضْمَنُ تَمَامَ أُجْرَةِ الْمِثْل إِنْ كَانَ مَلِيًّا وَإِلاَّ رَجَعَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ، لأَِنَّهُ مُبَاشِرٌ وَكُل مَنْ رَجَعَ عَلَيْهِ لاَ يَرْجِعُ عَلَى الآْخَرِ، هَذَا مَا لَمْ يَعْلَمِ الْمُسْتَأْجِرُ بِأَنَّ الأُْجْرَةَ غَيْرُ أُجْرَةِ الْمِثْل فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا ضَامِنٌ فَيَبْدَأُ بِهِ.
وَذَكَرَ الْمَالِكِيَّةُ - كَمَا فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ وَالدُّسُوقِيِّ - أَنَّ الإِْجَارَةَ لَوْ وَقَعَتْ بِدُونِ أُجْرَةِ الْمِثْل ثُمَّ زَادَ شَخْصٌ آخَرُ مَا يَبْلُغُ أُجْرَةَ الْمِثْل فُسِخَتْ إِجَارَةُ الأَْوَّل وَتُؤَجَّرُ لِلثَّانِي الَّذِي زَادَ، وَلَوِ الْتَزَمَ الأَْوَّل تِلْكَ الزِّيَادَةَ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ إِلاَّ أَنْ يَزِيدَ عَلَى مَنْ زَادَ حَيْثُ لَمْ تَبْلُغْ زِيَادَةُ مَنْ زَادَ أُجْرَةَ الْمِثْل، فَإِنْ بَلَغَتْهَا فَلاَ يُلْتَفَتُ لِزِيَادَةِ مَنْ زَادَ، قَال الدُّسُوقِيُّ: وَهَذَا فِي غَيْرِ الْمُعْتَدَّةِ فَإِنَّهَا إِذَا كَانَتْ بِمَحَل وَقْفٍ وَقَعَتْ إِجَارَتُهُ بِدُونِ أُجْرَةِ الْمِثْل، ثُمَّ زَادَ عَلَيْهَا شَخْصٌ أُجْرَةَ الْمِثْل وَطَلَبَتِ الْبَقَاءَ بِالزِّيَادَةِ فَإِنَّهَا تُجَابُ إِلَى ذَلِكَ، قَال الدُّسُوقِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إِذَا كَانَتِ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا تَزِيدُ عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْل وَطَلَبَتِ الْبَقَاءَ بِأُجْرَةِ الْمِثْل فَقَطْ فَإِنَّهَا تُجَابُ لِذَلِكَ.
وَفِي حَاشِيَةِ الْعَدَوِيّ عَلَى الْخَرَشِيِّ أَنَّ هَذَا رَأْيُ عَلِيٍّ الأَْجْهُورِيِّ ثُمَّ قَال: وَلاَ يَخْفَى بَعْدَهُ، ثُمَّ قَال: يُحْتَمَل أَنَّ مَعْنَى عِبَارَةِ عَلِيٍّ الأَْجْهُورِيِّ أَنَّهُ إِذَا بَلَغَتِ الأُْجْرَةُ الزَّائِدَةُ تَمَامَ الْمِثْل وَالْتَزَمَهَا السَّاكِنُ كَانَ أَحَقَّ وَلاَ يُلْتَفَتُ لِزِيَادَةِ مَنْ زَادَ بَعْدَ ذَلِكَ، فَإِنْ زَادَ الْغَيْرُ أُجْرَةَ الْمِثْل وَالْتَزَمَهَا السَّاكِنُ كَانَ أَحَقَّ لِوُقُوعِ عَقْدٍ عُقِدَ مَعَهُ فِي الْجُمْلَةِ، مَا لَمْ يَزِدِ الآْخَرُ عَلَى ذَلِكَ وَإِلاَّ كَانَ أَحَقَّ لِوُقُوعِ الْخَلَل
فِي الْعَقْدِ مَا لَمْ يَلْتَزِمِ السَّاكِنُ تِلْكَ الزِّيَادَةَ (1) .
ب - حُكْمُ مَا إِذَا كَانَتِ الإِْجَارَةُ بِأُجْرَةِ الْمِثْل ثُمَّ زَادَتِ الأُْجْرَةُ:
79 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَا إِذَا أَجَّرَ النَّاظِرُ الْعَيْنَ الْمَوْقُوفَةَ بِأُجْرَةِ الْمِثْل، ثُمَّ زَادَتْ أُجْرَةُ الْمِثْل أَثْنَاءَ مُدَّةِ الْعَقْدِ أَوْ ظَهَرَ طَالِبٌ بِالزِّيَادَةِ عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْل.
فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَفِي رِوَايَةٍ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ - هِيَ رِوَايَةُ فَتَاوَى سَمَرْقَنْدَ وَعَلَيْهَا مَشَى فِي التَّجْنِيسِ لِصَاحِبِ الْهِدَايَةِ وَالإِْسْعَافِ - وَفِي الأَْصَحِّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ إِلَى أَنَّهُ إِذَا كَانَ عَقْدُ الإِْجَارَةِ صَحِيحًا لاَزِمًا وَكَانَ بِأُجْرَةِ الْمِثْل عِنْدَ الْعَقْدِ فَلاَ يُفْسَخُ الْعَقْدُ بِزِيَادَةِ الأُْجْرَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ أَجْرَ الْمِثْل يُعْتَبَرُ وَقْتَ الْعَقْدِ وَفِي وَقْتِهِ كَانَ الْمُسَمَّى أَجْرَ الْمِثْل، فَلاَ يَضُرُّ التَّغْيِيرُ بَعْدَ ذَلِكَ كَمَا يَقُول الْحَنَفِيَّةُ، وَلأَِنَّهُ كَمَا يَقُول الشَّافِعِيَّةُ قَدْ جَرَى بِالْغِبْطَةِ فِي وَقْتِهِ فَأَشْبَهَ مَا إِذَا بَاعَ الْوَلِيُّ مَال الطِّفْل ثُمَّ ارْتَفَعَتِ الْقِيَمُ بِالأَْسْوَاقِ أَوْ ظَهَرَ طَالِبٌ بِالزِّيَادَةِ (2) .
__________
(1) حاشية العدوي على الخرشي 7 / 99، وحاشية الدسوقي 4 / 95.
(2) حاشية ابن عابدين 3 / 399، والخرشي 7 / 98 - 99، والإسعاف ص65، وحاشية الدسوقي 4 / 95، ومغني المحتاج 2 / 395، ومطالب أولي النهى 4 / 340، وكشاف القناع 4 / 269.
الصفحة 180