كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 44)
وَالأَْصَحُّ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ الْعَقْدَ يُفْسَخُ وَيُعْقَدُ ثَانِيَةً بِالزِّيَادَةِ أَيْ أَنَّهُ يُجَدِّدُ الْعَقْدَ لِلْمُسْتَأْجِرِ الأَْوَّل بِالأُْجْرَةِ الزَّائِدَةِ، جَاءَ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ نَقْلاً عَنِ الأَْشْبَاهِ: لَوْ زَادَ أَجْرُ مِثْلِهِ فِي نَفْسِهِ بِلاَ زِيَادَةِ أَحَدٍ فَلِلْمُتَوَلِّي فَسْخُ الإِْجَارَةِ وَبِهِ يُفْتَى وَمَا لَمْ يَفْسَخْ فَلَهُ الْمُسَمَّى، قَال ابْنُ عَابِدِينَ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَبُول الْمُسْتَأْجِرِ الزِّيَادَةَ يَكْفِي عَنْ تَجْدِيدِ الْعَقْدِ. وَقَدَ وَضَعَ الْحَنَفِيَّةُ عِدَّةَ قُيُودٍ عَلَى الْقَوْل الأَْصَحِّ هَذَا هِيَ كَمَا ذَكَرَهَا ابْنُ عَابِدِينَ:
أ - أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالزِّيَادَةِ مَا يَشْمَل زِيَادَةَ تَعَنُّتٍ أَيْ إِضْرَارٍ مِنْ وَاحِدٍ أَوِ اثْنَيْنِ فَإِنَّهَا غَيْرُ مَقْبُولَةٍ، بَل الْمُرَادُ أَنْ تَزِيدَ فِي نَفْسِهَا عِنْدَ الْكُل - أَيْ كُل النَّاسِ - كَمَا صَرَّحَ بِهِ الإِْسْبِيجَابِيُّ (1) .
ب - أَنَّ الزِّيَادَةَ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ مِنْ نَفْسِ الْوَقْفِ أَيْ بِسَبَبِ زِيَادَةِ أُجْرَةِ الأَْرْضِ فِي نَفْسِهَا، لاَ بِسَبَبِ عِمَارَةِ الْمُسْتَأْجِرِ بِمَالِهِ لِنَفْسِهِ كَمَا فِي الأَْرْضِ الْمُحْتَكَرَةِ لأَِجْل الْعِمَارَةِ، قَال ابْنُ عَابِدِينَ: مُسْتَأْجِرُ أَرْضِ الْوَقْفِ إِذَا بَنَى فِيهَا ثُمَّ زَادَتْ أُجْرَةُ الْمِثْل فَإِنْ كَانَتِ الزِّيَادَةُ بِسَبَبِ الْعِمَارَةِ وَالْبِنَاءِ فَلاَ تَلْزَمُ الزِّيَادَةُ لأَِنَّهَا أُجْرَةُ عِمَارَتِهِ وَبِنَائِهِ، وَإِنْ كَانَتِ الزِّيَادَةُ بِسَبَبِ زِيَادَةِ
__________
(1) الدر المختار وحاشية ابن عابدين 3 / 398 - 399.
أُجْرَةِ الأَْرْضِ فِي نَفْسِهَا فَإِنَّ الزِّيَادَةَ تَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ (1) .
ج - أَنَّ الْعَقْدَ لاَ يَنْفَسِخُ بِمُجَرَّدِ الزِّيَادَةِ بَل يَفْسَخُهُ الْمُتَوَلِّي كَمَا حَرَّرَهُ فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِل وَقَال: فَإِنِ امْتَنَعَ يَفْسَخُهُ الْقَاضِي.
د - أَنَّهُ قَبْل الْفَسْخِ لاَ يَجِبُ إِلاَّ الْمُسَمَّى وَإِنَّمَا تَجِبُ الزِّيَادَةُ بَعْدَهُ.
ثُمَّ إِذَا قَبِل الْمُسْتَأْجِرُ الأَْوَّل الزِّيَادَةَ كَانَ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ، وَإِنْ لَمْ يَقْبَل الزِّيَادَةَ وَكَانَتِ الأَْرْضُ خَالِيَةً مِنَ الزِّرَاعَةِ آجَرَهَا الْمُتَوَلِّي مِنَ الثَّانِي، أَمَّا إِذَا كَانَتِ الأَْرْضُ مَشْغُولَةً بِالزِّرَاعَةِ فَإِنَّ الزِّيَادَةَ تَجِبُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ الأَْوَّل مِنْ وَقْتِهَا - أَيْ وَقْتِ الزِّيَادَةِ - إِلَى أَنْ يُسْتَحْصَدَ الزَّرْعُ، لأَِنَّ شَغْلَهَا بِمِلْكِهِ يَمْنَعُ مِنْ صِحَّةِ إِيجَارِهَا لِغَيْرِهِ، فَإِذَا اسْتُحْصِدَ فُسِخَ وَأُجِّرَ مِنْ غَيْرِهِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ بَنَى فِي الأَْرْضِ أَوْ غَرَسَ لَكِنَّ هَذَا يَبْقَى إِلَى انْتِهَاءِ الْعَقْدِ، لأَِنَّهُ لاَ نِهَايَةَ مَعْلُومَةً لِلْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ بِخِلاَفِ الزَّرْعِ، فَإِذَا انْتَهَى الْعَقْدُ وَلَمْ يَقْبَل الزِّيَادَةَ أُمِرَ بِرَفْعِ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ وَتُؤَجَّرُ لِغَيْرِهِ.
وَقَدْ نَبَّهَ ابْنُ عَابِدِينَ عَلَى أَنَّ أَوْلَوِيَّةَ الْمُسْتَأْجِرِ إِنَّمَا هُوَ فِيمَا إِذَا زَادَتْ أُجْرَةُ الْمِثْل فِي أَثْنَاءِ مُدَّةِ الْعَقْدِ قَبْل فَرَاغِ الأُْجْرَةِ وَقَدْ قَبِل الزِّيَادَةَ، أَمَّا إِذَا انْتَهَتْ مُدَّةُ الْعَقْدِ فَلَيْسَ بِأَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ بَل لِنَاظِرِ
__________
(1) حاشية ابن عابدين 3 / 391.
الصفحة 181