كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 44)

أَمَّا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ فَإِنَّ إِجَارَةَ الْمَوْقُوفِ تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ الْمُسْتَأْجِرِ، لأَِنَّهُ عَاقِدٌ لِنَفْسِهِ بِنَاءً عَلَى أَصْلِهِمْ فِي أَنَّ الإِْجَارَةَ تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ الْعَاقِدَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا إِذَا كَانَ قَدْ عَقَدَهَا لِنَفْسِهِ، أَمَّا إِذَا كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ جَمَاعَةً فَلاَ تَبْطُل بِمَوْتِ بَعْضِهِمْ قَبْل تَمَامِ الْمُدَّةِ وَتُصْرَفُ حِصَّةُ الْمَيِّتِ إِلَى وَرَثَتِهِ (1) .

ثَانِيًا: انْتِهَاءُ إِجَارَةِ الْمَوْقُوفِ بِانْتِهَاءِ الْمُدَّةِ:
82 - إِذَا انْتَهَتِ الْمُدَّةُ الْمُعَيَّنَةُ فِي عَقْدِ إِجَارَةِ الْمَوْقُوفِ انْفَسَخَ الْعَقْدُ لأَِنَّ الثَّابِتَ إِلَى غَايَةٍ يَنْتَهِي عِنْدَ وُجُودِ الْغَايَةِ إِلاَّ إِذَا وُجِدَ عُذْرٌ يَقْتَضِي بَقَاءَ الإِْجَارَةِ بَعْدَ انْتِهَاءِ مُدَّتِهَا.
فَلَوِ انْتَهَتْ مُدَّةُ الإِْجَارَةِ وَلِلْمُسْتَأْجِرِ فِي الأَْرْضِ مِلْكٌ لَهُ نِهَايَةٌ مَعْلُومَةٌ كَزَرْعٍ لَمْ يَبْلُغْ حَصَادَهُ فَإِنَّ الأَْرْضَ تَبْقَى فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ بِأَجْرِ الْمِثْل إِلَى أَنْ يَحْصُدَ الزَّرْعَ، لأَِنَّهُ بِهَذَا يَنْدَفِعُ الضَّرَرُ عَنِ الْمُسْتَأْجِرِ مِنْ غَيْرِ إِضْرَارٍ بِالْوَقْفِ مَا دَامَ يَسْتَحِقُّ لَهُ أَجْرُ الْمِثْل، وَهَذَا فِي الْجُمْلَةِ (2) .
__________
(1) الفتاوى الخانية 3 / 335، وأسهل المدارك 2 / 330، 331.
(2) الاختيار 2 / 52، وبدائع الصنائع 4 / 223، والمهذب 1 / 410 - 411، وشرح المنتهى 2 / 381 - 382، والمغني 5 / 488 - 490، وجواهر الإكليل 2 / 196، ومنح الجليل 3 / 818.
وَيُنْظَرُ تَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (إِجَارَةٍ ف60) .

الْبِنَاءُ وَالْغِرَاسُ فِي الأَْرْضِ الْمَوْقُوفَةِ:
83 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى جَوَازِ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ فِي أَرْضِ الْوَقْفِ، سَوَاءٌ كَانَ الْبَانِي أَوِ الْغَارِسُ هُوَ الْوَاقِفَ أَوِ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ أَوِ الْمُسْتَأْجِرَ لأَِرْضِ الْوَقْفِ أَوْ كَانَ أجنبيًّا مَا دَامَ الْبِنَاءُ أَوِ الْغِرَاسُ مُفِيدًا لِلْوَقْفِ، لَكِنَّهُمْ يَخْتَلِفُونَ فِي مِلْكِيَّةِ هَذَا الْبِنَاءِ أَوِ الْغِرَاسِ هَل تَكُونُ لِلْبَانِي أَوِ الْغَارِسِ فَيَكُونُ لَهُ حَقُّ نَقْضِهِ وَقَلْعِهِ أَمْ تَكُونُ وَقْفًا كَالأَْرْضِ وَهُمْ يَبْنُونَ ذَلِكَ عَلَى أُمُورٍ كَنِيَّةِ الْبَانِي أَوْ إِشْهَادِهِ عَلَيْهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَلِكُل مَذْهَبٍ تَفْصِيلٌ فِي ذَلِكَ بَيَانُهُ فِيمَا يَلِي:
قَال الْحَنَفِيَّةُ: يَجُوزُ لِمُسْتَأْجِرِ أَرْضِ الْوَقْفِ غَرْسُ الأَْشْجَارِ وَالْكُرُومِ فِيهَا إِذَا لَمْ يُضِرَّ بِالأَْرْضِ بِدُونِ صَرِيحِ الإِْذْنِ مِنَ الْمُتَوَلِّي دُونَ حَفْرِ الْحِيَاضِ، وَإِنَّمَا يَحِل لِلْمُتَوَلِّي الإِْذْنُ فِيمَا يَزِيدُ بِهِ الْوَقْفُ خَيْرًا وَهَذَا إِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمُسْتَأْجِرِ فِي الأَْرْضِ الْمَوْقُوفَةِ حَقُّ قَرَارِ الْعِمَارَةِ فِيهَا، أَمَّا إِذَا كَانَ لَهُ حَقُّ الْقَرَارِ فَيَجُوزُ لَهُ الْحَفْرُ وَالْغَرْسُ وَالْحَائِطُ مِنْ تُرَابِهَا لِوُجُودِ الإِْذْنِ فِي مِثْلِهَا دَلاَلَةً، قَال ابْنُ عَابِدِينَ: وَمَحَلُّهُ عِنْدَ عَدَمِ الضَّرَرِ بِالأَْرْضِ.
وَمَا بَنَاهُ الْمُسْتَأْجِرُ أَوْ غَرَسَهُ وَكَانَ مِنْ مَالِهِ بِلاَ

الصفحة 184