كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 44)
وَقَرِيبٌ مِنْ هَذَا مَا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيَّةُ، فَقَدْ جَاءَ فِي مُغْنِي الْمُحْتَاجِ: يَدَّخِرُ مِنْ زَائِدِ غَلَّةِ الْمَسْجِدِ عَلَى مَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ مِمَّا يُعَمِّرُهُ بِتَقْدِيرِ هَدْمِهِ، وَيَشْتَرِي لَهُ بِالْبَاقِي عَقَارًا وَيَقِفُهُ، لأَِنَّهُ أَحْفَظُ لَهُ لاَ بِشَيْءٍ مِنَ الْمَوْقُوفِ عَلَى عِمَارَتِهِ لأَِنَّ الْوَاقِفَ وَقَفَ عَلَيْهَا (1) .
ب - الْجِهَةُ الَّتِي يُنْفَقُ مِنْهَا عَلَى الْمَوْقُوفِ وَعِمَارَتِهِ:
87 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْجِهَةِ الَّتِي يُنْفَقُ مِنْهَا عَلَى الْمَوْقُوفِ وَعِمَارَتِهِ، فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْجِهَةَ الَّتِي يُنْفَقُ مِنْهَا عَلَى الْمَوْقُوفِ وَعِمَارَتِهِ، وَإِصْلاَحِ مَا وَهَى مِنْ بِنَائِهِ وَسَائِرِ مُؤْنَاتِهِ الَّتِي لاَ بُدَّ مِنْهَا تَكُونُ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ، سَوَاءٌ شَرَطَ الْوَاقِفُ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَشْرُطْ لأَِنَّ الْوَقْفَ صَدَقَةٌ جَارِيَةٌ فِي سَبِيل اللَّهِ تَعَالَى وَلاَ تَجْرِي إِلاَّ بِهَذَا الطَّرِيقِ (2) .
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: لَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ غَيْرَ ذَلِكَ بَطَل شَرْطُهُ (3) .
__________
(1) الدر المختار وحاشية ابن عابدين 3 / 382، والهداية مع الفتح 6 / 224، ونهاية المحتاج 5 / 393، ومغني المحتاج 2 / 392 - 393.
(2) البدائع 6 / 221، والدر المختار وحاشية ابن عابدين 3 / 380، وحاشية الدسوقي 4 / 90.
(3) الخرشي 7 / 94.
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: لَوْ وَقَفَ دَارَهُ عَلَى سُكْنَى وَلَدِهِ فَالْعِمَارَةُ عَلَى مَنْ لَهُ السُّكْنَى، وَلَوْ مُتَعَدِّدًا مِنْ مَالِهِ لاَ مِنَ الْغَلَّةِ، إِذِ الْغُرْمُ بِالْغُنْمِ، وَلأَِنَّ الْمَنْفَعَةَ لَهُ فَكَانَتِ الْمُؤْنَةُ عَلَيْهِ فَإِنِ امْتَنَعَ مِنَ الْعِمَارَةِ أَوْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهَا لِفَقْرِهِ آجَرَهَا الْقَاضِي مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ وَعَمَّرَهَا بِالأُْجْرَةِ كَعِمَارَةِ الْوَاقِفِ، وَلاَ يُجْبَرُ الآْبِي عَلَى الْعِمَارَةِ، وَهَذَا مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْمَالِكِيَّةُ أَيْضًا (1) .
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: الْفَرَسُ الْمَوْقُوفُ لِلْغَزْوِ يُنْفَقُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَال وَلاَ تَلْزَمُ نَفَقَتُهُ الْوَاقِفَ وَلاَ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ، فَإِنْ عَدِمَ بَيْتُ الْمَال بِيعَ وَعُوِّضَ بِثَمَنِهِ سِلاَحٌ وَنَحْوُهُ مِمَّا لاَ يَحْتَاجُ لِنَفَقَةٍ (2) .
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ يُتَّبَعُ شَرْطُ الْوَاقِفِ.
فَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى أَنَّ نَفَقَةَ الْمَوْقُوفِ وَمُؤْنَةَ تَجْهِيزِهِ وَعِمَارَتِهِ مِنْ حَيْثُ شُرِطَتْ، سَوَاءٌ شَرَطَهَا الْوَاقِفُ مِنْ مَالِهِ أَوْ مِنْ مَال الْوَقْفِ، وَإِلاَّ فَمِنْ مَنَافِعِ الْمَوْقُوفِ كَكَسْبِ الْعَبْدِ وَغَلَّةِ الْعَقَارِ، فَإِذَا تَعَطَّلَتْ مَنَافِعُهُ فَالنَّفَقَةُ وَمُؤَنُ التَّجْهِيزِ لاَ الْعِمَارَةُ تَكُونُ مِنْ بَيْتِ الْمَال، كَمَنْ أَعْتَقَ مَنْ لاَ كَسْبَ لَهُ، أَمَّا الْعِمَارَةُ فَلاَ تَجِبُ عَلَى أَحَدٍ حِينَئِذٍ
__________
(1) البدائع 6 / 221، والدر المختار وحاشية ابن عابدين 3 / 380، وحاشية الدسوقي 4 / 90.
(2) البدائع 6 / 221، والدر المختار وحاشية ابن عابدين 3 / 380، وحاشية الدسوقي 4 / 90.
الصفحة 191