كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 44)
الأُْولَى فَإِنَّ أَرْضَ الْوَقْفِ إِذَا غَصَبَهَا غَاصِبٌ وَأَجْرَى عَلَيْهَا الْمَاءَ حَتَّى صَارَتْ بَحْرًا لاَ تَصْلُحُ لِلزِّرَاعَةِ يَضْمَنُ قِيمَتَهَا وَيَشْتَرِي بِقِيمَتِهَا أَرْضًا أُخْرَى، فَتَكُونُ الثَّانِيَةُ وَقْفًا عَلَى شَرَائِطِ الأُْولَى، وَكَذَلِكَ أَرْضُ الْوَقْفِ إِذَا قَل نُزْلُهَا (رَيْعُهَا) لآِفَةٍ وَصَارَتْ بِحَيْثُ لاَ تَصْلُحُ لِلزِّرَاعَةِ أَوْ لاَ تَفْضُل غَلَّتُهَا عَنْ مُؤَنِهَا يَكُونُ صَلاَحُ الْوَقْفِ فِي الاِسْتِبْدَال بِأَرْضٍ أُخْرَى فَيَصِحُّ أَنْ يَشْتَرِطَ الْوَاقِفُ وِلاَيَةَ الاِسْتِبْدَال وَإِنْ لَمْ تَكُنِ الضَّرُورَةُ دَاعِيَةً إِلَيْهِ فِي الْحَال (1) .
وَقَال مُحَمَّدٌ وَيُوسُفُ بْنُ خَالِدٍ السَّمْتِيُّ: الْوَقْفُ صَحِيحٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ وَهُوَ الْقِيَاسُ (2) .
وَقَدْ وَجَّهَ السَّرَخْسِيُّ رَأْيَ مُحَمَّدٍ فِي كَوْنِ فَسَادِ شَرْطِ الاِسْتِبْدَال لاَ يُؤَثِّرُ فِي صِحَّةِ الْوَقْفِ فَقَال: وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - وَهُوَ قَوْل أَهْل الْبَصْرَةِ - الْوَقْفُ جَائِزٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ، لأَِنَّ هَذَا الشَّرْطَ لاَ يُؤَثِّرُ فِي الْمَنْعِ مِنْ زَوَالِهِ وَالْوَقْفُ يَتِمُّ بِذَلِكَ، وَلاَ يَنْعَدِمُ بِهِ مَعْنَى التَّأْبِيدِ فِي أَصْل الْوَقْفِ فَيَتِمُّ الْوَقْفُ بِشُرُوطِهِ وَيَبْقَى الاِسْتِبْدَال شَرْطًا فَاسِدًا فَيَكُونُ بَاطِلاً فِي نَفْسِهِ كَالْمَسْجِدِ إِذَا شَرَطَ الاِسْتِبْدَال بِهِ، أَوْ شَرَطَ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ قَوْمٌ
__________
(1) البحر الرائق 5 / 239، والإسعاف ص31، وفتح القدير 6 / 228، وفتاوى قاضيخان بهامش الهندية 3 / 306.
(2) الإسعاف ص31، والبحر الرائق 5 / 239، والهداية مع فتح القدير 6 / 227، 228.
دُونَ قَوْمٍ، فَالشَّرْطُ بَاطِلٌ وَاتِّخَاذُ الْمَسْجِدِ صَحِيحٌ فَهَذَا مِثْلُهُ (1) .
وَقَال بَعْضُ فُقَهَاءِ الْحَنَفِيَّةِ: الْوَقْفُ وَالشَّرْطُ فَاسِدَانِ (2) .
وَنَقَل الْكَمَال ابْنُ الْهُمَامِ عَنِ الأَْنْصَارِيِّ أَنَّ الشَّرْطَ صَحِيحٌ لَكِنْ لاَ يَبِيعُهَا إِلاَّ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ وَيَنْبَغِي لِلْحَاكِمِ - إِذَا رَفَعَ إِلَيْهِ وَلاَ مَنْفَعَةَ فِي الْوَقْفِ - أَنْ يَأْذَنَ فِي بَيْعِهَا إِذَا رَآهُ أَنْظَرَ لأَِهْل الْوَقْفِ (3) .
وَلَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ أَنْ يَبِيعَهَا وَيَشْتَرِيَ بِثَمَنِهَا أَرْضًا أُخْرَى وَلَمْ يَزِدْ صَحَّ اسْتِحْسَانًا، وَصَارَتِ الثَّانِيَةُ وَقْفًا بِشَرَائِطِ الأُْولَى وَلاَ يَحْتَاجُ إِلَى إِيقَافِهَا لأَِنَّ الأَْرْضَ تَعَيَّنَتْ لِلْوَقْفِ فَيَقُومُ ثَمَنُهَا مَقَامَهَا فِي الْحُكْمِ، وَبِمُجَرَّدِ شِرَاءِ أَرْضٍ بِثَمَنِهَا تَصِيرُ وَقْفًا عَلَى شَرَائِطِ الأُْولَى مِنْ غَيْرِ تَجْدِيدِ وَقْفٍ.
وَالْقِيَاسُ أَنَّ الْوَقْفَ بَاطِلٌ لأَِنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ إِقَامَةَ أَرْضٍ أُخْرَى مَقَامَ الأُْولَى (4) .
الصِّيغَةُ الثَّانِيَةُ: لَوْ شَرَطَ أَنَّ لِلْقَيِّمِ الاِسْتِبْدَال وَلَمْ يَشْرُطْهُ لِنَفْسِهِ كَانَ لَهُ أَنْ يَسْتَبْدِل لِنَفْسِهِ، لأَِنَّ
__________
(1) المبسوط 12 / 41، 42.
(2) الإسعاف ص31، وفتاوى الخانية 3 / 306.
(3) فتح القدير 6 / 228.
(4) الإسعاف ص31، والبحر الرائق 5 / 240، وفتح القدير 6 / 229.
الصفحة 195