كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 44)
إِنَاثٍ لِتَحْصِيل اللَّبَنِ وَالنِّتَاجِ مِنْهَا لِيَدُومَ الْوَقْفُ.
قَال الدَّرْدِيرُ: يَعْنِي أَنَّ مَنْ وَقَفَ شَيْئًا مِنَ النَّعَامِ لِيُنْتَفَعَ بِأَلْبَانِهَا وَأَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا فَنَسْلُهَا كَأَصْلِهَا فِي التَّحْبِيسِ فَمَا فَضَل مِنْ ذُكُورِ نَسْلِهَا عَنِ النَّزْوِ، وَمَا كَبُرَ مِنْ إِنَاثِهَا، فَإِنَّهُ يُبَاعُ وَيُعَوَّضُ عَنْهُ إِنَاثٌ صِغَارٌ لِتَمَامِ النَّفْعِ وَتَكُونُ وَقْفًا كَأَصْلِهَا (1) .
أَمَّا الْعَقَارُ فَالْمَذْهَبُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ بَيْعُهُ وَلَوْ خَرِبَ وَصَارَ لاَ يُنْتَفَعُ بِهِ، وَسَوَاءٌ كَانَ دَارًا أَوْ حَوَانِيتَ أَوْ غَيْرَهَا كَمَا لاَ يَجُوزُ اسْتِبْدَالُهُ بِمِثْلِهِ غَيْرِ خَرِبٍ، قَال مَالِكٌ: لاَ يُبَاعُ الْعَقَارُ الْمُحَبَّسُ وَلَوْ خَرِبَ، وَبَقَاءُ أَحْبَاسِ السَّلَفِ دَاثِرَةً دَلِيلٌ عَلَى مَنْعِ ذَلِكَ، لَكِنْ رَوَى أَبُو الْفَرَجِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الإِْمَامَ إِذَا رَأَى بَيْعَ ذَلِكَ لِمَصْلَحَةٍ جَازَ وَيُجْعَل ثَمَنُهُ فِي مِثْلِهِ (2) .
كَمَا أَجَازَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ مُعَاوَضَةَ الرَّبْعِ الْخَرِبِ، فَفِي التَّاجِ وَالإِْكْلِيل: يُمْنَعُ بَيْعُ مَا خَرِبَ مِنْ رَبْعِ الْحَبْسِ مُطْلَقًا، قَال ابْنُ الْجَهْمِ: إِنَّمَا لَمْ يُبَعِ الرَّبْعُ الْمُحَبَّسُ إِذَا خَرِبَ، لأَِنَّهُ يَجِدُ مَنْ يُصْلِحُهُ بِإِيجَارَتِهِ سِنِينَ، فَيَعُودُ كَمَا كَانَ، وَاخْتُلِفَ فِي مُعَاوَضَةِ الرَّبْعِ الْخَرِبِ بِرَبْعٍ غَيْرِ خَرِبٍ،
__________
(1) الشرح الصغير 2 / 307 - 308، والدسوقي 4 / 91.
(2) الشرح الصغير 2 / 308، والدسوقي 4 / 91.
وَقَال ابْنُ رُشْدٍ: إِنْ كَانَتْ هَذِهِ الْقِطْعَةُ مِنَ الأَْرْضِ الْمُحَبَّسَةِ انْقَطَعَتْ مَنْفَعَتُهَا جُمْلَةً وَعَجَزَ عَنْ عِمَارَتِهَا وَكَرَائِهَا فَلاَ بَأْسَ بِالْمُعَاوَضَةِ فِيهَا بِمَكَانٍ يَكُونُ حَبْسًا مَكَانَهَا، وَيَكُونُ ذَلِكَ بِحُكْمٍ مِنَ الْقَاضِي بَعْدَ ثُبُوتِ ذَلِكَ السَّبَبِ، وَالْغِبْطَةُ فِي ذَلِكَ لِلْمُعَوَّضِ عَنْهُ وَيُسَجَّل ذَلِكَ وَيُشْهَدُ بِهِ (1) .
وَأَجَازَ الْمَالِكِيَّةُ بَيْعَ الْعَقَارِ لِضَرُورَةِ تَوْسِيعِ مَسْجِدٍ جَامِعٍ وَسَوَاءٌ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى مُعَيَّنِينَ أَوْ غَيْرِ مُعَيَّنِينَ. وَالْمُرَادُ بِالْمَسْجِدِ الْجَامِعِ الَّذِي تُقَامُ فِيهِ الْجُمُعَةُ، قَال ابْنُ رُشْدٍ: ظَاهِرُ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ فِي كُل مَسْجِدٍ وَهُوَ قَوْل سَحْنُونٍ. وَفِي النَّوَادِرِ عَنْ مَالِكٍ وَالأَْخَوَيْنِ وَأَصْبَغَ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ أَنَّ ذَلِكَ فِي مَسَاجِدِ الْجَوَامِعِ إِنِ احْتِيجَ لِذَلِكَ، لاَ فِي مَسَاجِدِ الْجَمَاعَاتِ إِذْ لَيْسَتِ الضَّرُورَةُ فِيهَا كَالْجَوَامِعِ.
كَمَا يَجُوزُ بَيْعُ الْوَقْفِ لِتَوْسِعَةِ مَقْبَرَةٍ أَوْ طَرِيقٍ لِمُرُورِ النَّاسِ، فَيَجُوزُ بَيْعُ الْوَقْفِ لِذَلِكَ وَلَوْ جَبْرًا عَلَى الْمُسْتَحِقِّينَ أَوِ النَّاظِرِ، وَأَمَرَ الْمُسْتَحِقُّونَ وُجُوبًا بِجَعْل ثَمَنِهِ فِي حَبْسٍ غَيْرِهِ، وَلاَ يُجْبِرُهُمُ الْحَاكِمُ عَلَى الْجَعْل فِي حَبْسٍ غَيْرِهِ، أَيْ لاَ يَقْضِي عَلَيْهِمْ بِهِ.
__________
(1) التاج والإكليل 6 / 42.
الصفحة 199