كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 44)
الاِسْتِبْدَال بِالْمَوْقُوفِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ:
96 - وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ يَجُوزُ الاِسْتِبْدَال فِي الْوَقْفِ إِذَا كَانَ غَيْرَ صَالِحٍ لِلْغَرَضِ الَّذِي وُقِفَ مِنْ أَجْلِهِ وَلَمْ يَعُدْ صَالِحًا لِلاِنْتِفَاعِ بِهِ وَسَوَاءٌ أَكَانَ الْمَوْقُوفُ مَنْقُولاً أَمْ عَقَارًا، مَسْجِدًا أَوْ غَيْرَ مَسْجِدٍ.
قَالُوا: يَحْرُمُ بَيْعُ الْوَقْفِ وَلاَ يَصِحُّ وَلاَ تَصِحُّ الْمُنَاقَلَةُ بِهِ أَيْ إِبْدَالُهُ وَلَوْ بِخَيْرٍ مِنْهُ نَصًّا، إِلاَّ أَنْ تَتَعَطَّل مَنَافِعُهُ الْمَقْصُودَةُ مِنْهُ بِخَرَابٍ وَلَمْ يُوجَدْ فِي رَيْعِ الْوَقْفِ مَا يُعَمَّرُ بِهِ فَيُبَاعُ، أَوْ تَتَعَطَّل مَنَافِعُهُ الْمَقْصُودَةُ بِغَيْرِ الْخَرَابِ كَخَشَبٍ تَشَعَّثَ وَخِيفَ سُقُوطُهُ نَصًّا. وَلَوْ كَانَ الْوَقْفُ مَسْجِدًا وَتَعَطَّل نَفْعُهُ الْمَقْصُودُ لِضِيقِهِ عَلَى أَهْلِهِ نَصًّا وَتَعَذَّرَ تَوْسِعَتُهُ أَوْ تَعَذَّرَ الاِنْتِفَاعُ بِهِ لِخَرَابِ مَحَلَّتِهِ أَوْ كَانَ الْمَوْضِعُ قَذِرًا، قَال الْقَاضِي: يَعْنِي إِذَا كَانَ ذَلِكَ يَمْنَعُ مِنَ الصَّلاَةِ فِيهِ فَيَصِحُّ بَيْعُهُ وَيُصْرَفُ ثَمَنُهُ فِي مِثْلِهِ لِلنَّهْيِ عَنْ إِضَاعَةِ الْمَال، وَفِي إِبْقَائِهِ كَذَلِكَ إِضَاعَةٌ، فَوَجَبَ الْحِفْظُ بِالْبَيْعِ، وَلأَِنَّ الْوَقْفَ مُؤَبَّدٌ فَإِذَا لَمْ يُمْكِنْ تَأْبِيدُهُ بِعَيْنِهِ اسْتَبْقَيْنَا الْغَرَضَ وَهُوَ الاِنْتِفَاعُ عَلَى الدَّوَامِ فِي عَيْنٍ أُخْرَى، وَاتِّصَال الأَْبْدَال يَجْرِي مَجْرَى الأَْعْيَانِ وَالْجُمُودُ عَلَى الْعَيْنِ مَعَ تَعَطُّلِهَا تَضْيِيعٌ لِلْغَرَضِ (1) .
__________
(1) شرح منتهى الإرادات 2 / 514 - 515، وكشاف القناع 4 / 292.
وَيَصِحُّ بَيْعُ شَجَرَةٍ مَوْقُوفَةٍ يَبِسَتْ، وَبَيْعُ جِذْعٍ مَوْقُوفٍ انْكَسَرَ أَوْ بَلِيَ أَوْ خِيفَ الْكَسْرُ أَوِ الْهَدْمُ، قَال فِي التَّلْخِيصِ: إِذَا أَشْرَفَ جِذْعُ الْوَقْفِ عَلَى الاِنْكِسَارِ أَوْ دَارُهُ عَلَى الاِنْهِدَامِ وَعَلِمَ أَنَّهُ لَوْ أُخِّرَ لَخَرَجَ عَنْ كَوْنِهِ مُنْتَفَعًا بِهِ فَإِنَّهُ يُبَاعُ رِعَايَةً لِلْمَالِيَّةِ، وَالْمَدَارِسُ وَالرُّبُطُ وَالْخَانَاتُ الْمُسْبَلَةُ وَنَحْوُهَا جَائِزٌ بَيْعُهَا عِنْدَ خَرَابِهَا وَجْهًا وَاحِدًا (1) .
وَالْفَرَسُ الْمَوْقُوفُ عَلَى الْغَزْوِ إِذَا لَمْ يَصْلُحْ لِلْغَزْوِ يُبَاعُ وَيُشْتَرَى بِثَمَنِهِ فَرَسٌ يَصْلُحُ لِلْغَزْوِ، وَقَال فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ: الَّذِي يَعْجُفُ مِنَ الدَّوَابِّ الَّتِي تُحَبَّسُ فَلاَ يُنْتَفَعُ بِهِ يُبَاعُ ثُمَّ يُجْعَل ثَمَنُهُ فِي حَبِيسٍ، وَبِمُجَرَّدِ شِرَاءِ الْبَدَل يَصِيرُ الْبَدَل وَقْفًا (2) .
كَمَا قَالُوا: وَمَا تَعَطَّلَتْ مَنَافِعُهُ فَإِنَّهُ يُبَاعُ وُجُوبًا وَلَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ عَدَمَ بَيْعِهِ فَشَرْطُهُ فَاسِدٌ، وَالَّذِي يَتَوَلَّى بَيْعَ الْمَوْقُوفِ - حَيْثُ جَازَ بَيْعُهُ - هُوَ الْحَاكِمُ إِنْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى سَبِيل الْخَيْرَاتِ كَالْمَسَاكِينِ وَالْمَسَاجِدِ وَالْقَنَاطِرِ وَنَحْوِهَا، لأَِنَّهُ فَسْخٌ لِعَقْدٍ لاَزِمٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ اخْتِلاَفًا قَوِيًّا فَتُوقَفُ عَلَى الْحَاكِمِ كَالْفُسُوخِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا، وَإِنْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى شَخْصٍ مُعَيَّنٍ أَوْ جَمَاعَةٍ مُعَيَّنِينَ أَوْ مَنْ يَؤُمُّ أَوْ يُؤَذِّنُ أَوْ يَقُومُ بِهَذَا الْمَسْجِدِ
__________
(1) كشاف القناع 4 / 293.
(2) كشاف القناع 4 / 294 - 295.
الصفحة 202