كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 44)

الْوَاقِفَ، وَقَضِيَّةُ كَلاَمِ الشَّيْخَيْنِ أَنَّ الْحَاكِمَ يَتَوَلاَّهُ اسْتِقْلاَلاً فَيُوَلِّيهِ مَنْ أَرَادَ وَأَنَّ النَّظَرَ لاَ يَنْتَقِل لِمَنْ بَعْدَهُ إِذَا شَرَطَ الْوَاقِفُ النَّظَرَ لإِِنْسَانٍ بَعْدَ آخَرَ أَيْ إِلاَّ أَنْ يَنُصَّ عَلَيْهِ الْوَاقِفُ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ. فَإِنْ زَال الاِخْتِلاَل عَادَ نَظَرُهُ إِنْ كَانَ مَشْرُوطًا فِي الْوَقْفِ مَنْصُوصًا عَلَيْهِ بِعَيْنِهِ كَمَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي فَتَاوِيهِ وَإِنِ اقْتَضَى كَلاَمُ الإِْمَامِ خِلاَفَهُ.
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: إِنِ اخْتَلَّتِ الْكِفَايَةُ لاَ يُعْزَل، قَال الْبُهُوتِيُّ: يُضَمُّ إِلَى نَاظِرٍ ضَعِيفٍ قَوِيٌّ أَمِينٌ، لِيُحَصَّل الْمَقْصُودُ سَوَاءٌ كَانَ نَاظِرًا بِشَرْطٍ أَوْ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ (1) .
أَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَقَدْ قَالُوا: يُنْزَعُ النَّاظِرُ وُجُوبًا لَوْ كَانَ الْوَاقِفُ غَيْرَ مَأْمُونٍ أَوْ عَاجِزًا.
وَفِي الإِْسْعَافِ: لاَ يُوَلَّى إِلاَّ أَمِينٌ قَادِرٌ بِنَفْسِهِ أَوْ بِنَائِبِهِ، لأَِنَّ الْوِلاَيَةَ مُقَيَّدَةٌ بِشَرْطِ النَّظَرِ وَلَيْسَ مِنَ النَّظَرِ تَوْلِيَةُ الْخَائِنِ لأَِنَّهُ يُخِل بِالْمَقْصُودِ، وَكَذَا تَوْلِيَةُ الْعَاجِزِ لأَِنَّ الْمَقْصُودَ لاَ يَحْصُل بِهِ.
لَكِنْ قَال ابْنُ عَابِدِينَ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ شَرْطُ الأَْوْلَوِيَّةِ لاَ شَرْطُ صِحَّةٍ (2) .
وَكَلاَمُ الْمَالِكِيَّةِ يُفِيدُ اشْتِرَاطَ الْكِفَايَةِ أَيْضًا،
__________
(1) مغني المحتاج 2 / 393، ونهاية المحتاج 5 / 396 - 397، وكشاف القناع 4 / 270، وشرح المنتهى 2 / 504.
(2) ابن عابدين 3 / 385، والإسعاف ص49.
فَقَدْ قَالُوا: النَّاظِرُ عَلَى الْحَبْسِ إِنْ كَانَ سَيِّئَ النَّظَرِ غَيْرَ مَأْمُونٍ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَعْزِلُهُ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ الْمُحَبَّسُ عَلَيْهِ مَالِكًا أَمْرَ نَفْسِهِ وَيَرْضَى بِهِ وَيَسْتَمِرُّ (1) .

الشَّرْطُ الرَّابِعُ: الإِْسْلاَمُ:
102 - قَال الْحَنَابِلَةُ: يُشْتَرَطُ فِي النَّاظِرِ الإِْسْلاَمُ إِنْ كَانَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ مُسْلِمًا أَوْ كَانَتِ الْجِهَةُ كَمَسْجِدٍ وَنَحْوِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَنْ يَجْعَل اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً (2) } ، فَإِنْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى كَافِرٍ مُعَيَّنٍ جَازَ شَرْطُ النَّظَرِ فِيهِ لِكَافِرٍ كَمَا لَوْ وَقَفَ عَلَى أَوْلاَدِهِ الْكُفَّارِ وَشَرَطَ النَّظَرَ لأَِحَدِهِمْ أَوْ غَيْرِهِمْ مِنَ الْكُفَّارِ (3) .
وَأَجَازَ الْحَنَفِيَّةُ أَنْ يَكُونَ النَّاظِرُ ذِمِّيًّا وَأَنَّ الإِْسْلاَمَ لَيْسَ بِشَرْطٍ، وَلَوْ كَانَ النَّاظِرُ ذِمِّيًّا وَأَخْرَجَهُ الْقَاضِي لأَِيِّ سَبَبٍ ثُمَّ أَسْلَمَ الذِّمِّيُّ لاَ تَعُودُ الْوِلاَيَةُ إِلَيْهِ (4) .
وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ قَال الرَّمْلِيُّ: قِيَاسُ مَا فِي
__________
(1) مواهب الجليل 6 / 37.
(2) سورة النساء / 141.
(3) كشاف القناع 4 / 270، وشرح منتهى الإرادات 2 / 504.
(4) ابن عابدين 3 / 385، والإسعاف ص52، والبحر الرائق 5 / 245.

الصفحة 209