كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 44)
ب - تَقْدِيرُ أُجْرَةِ النَّاظِرِ أَوْ مَا يَسْتَحِقُّهُ النَّاظِرُ مِنَ الأَْجْرِ:
96 - أُجْرَةُ النَّاظِرِ إِمَّا أَنْ تَكُونَ مَشْرُوطَةً مِنْ قِبَل الْوَاقِفِ أَوْ مُقَدَّرَةً مِنْ قِبَل الْقَاضِي.
104 - فَإِنْ كَانَتِ الأُْجْرَةُ مَشْرُوطَةً مِنْ قِبَل الْوَاقِفِ فَإِنَّ النَّاظِرَ يَأْخُذُ مَا شَرَطَهُ لَهُ الْوَاقِفُ وَلَوْ كَانَ أَكْثَرَ مِنَ أَجْرِ مِثْلِهِ. وَهَذَا مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ.
وَنَصَّ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ لَوْ عَيَّنَ لَهُ الْوَاقِفُ أَقَل مِنْ أَجْرِ الْمِثْل فَلِلْقَاضِي أَنْ يُكْمِل لَهُ أَجْرَ مِثْلِهِ بِطَلَبِهِ (1) .
وَنَصَّ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ لَوْ جَعَل النَّظَرَ لِنَفْسِهِ وَشَرَطَ لِنَفْسِهِ أَجْرًا فَإِنَّهُ لاَ يَزِيدُ عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْل، فَإِنْ شَرَطَ النَّظَرَ بِأَكْثَرَ مِنْهَا لَمْ يَصِحَّ الْوَقْفُ لأَِنَّهُ وَقَفَ عَلَى نَفْسِهِ (2) .
وَفِي كَشَّافِ الْقِنَاعِ: أَنَّ الْوَاقِفَ لَوْ شَرَطَ لِلنَّاظِرِ أُجْرَةً أَيْ عِوَضًا مَعْلُومًا فَإِنْ كَانَ الْمَشْرُوطُ لِقَدْرِ أُجْرَةِ الْمِثْل اخْتُصَّ بِهِ وَكَانَ مِمَّا يَحْتَاجُ إِلَيْهُ الْوَقْفُ مِنْ أُمَنَاءَ وَغَيْرِهِمْ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ، وَإِنْ كَانَ الْمَشْرُوطُ أَكْثَرَ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْل فَكُلْفَةُ مَا
__________
(1) حاشة ابن عابدين 3 / 417، والبحر الرائق 5 / 264، ومغني المحتاج 2 / 394، وشرح منتهى الإرادات 2 / 295، 503.
(2) مغني المحتاج 2 / 380، ونهاية المحتاج 5 / 364.
يَحْتَاجُ إِلَيْهِ الْوَقْفُ مِنْ نَحْوِ أُمَنَاءَ وَعُمَّالٍ يَكُونُ عَلَى النَّاظِرِ يَصْرِفُهَا مِنَ الزِّيَادَةِ حَتَّى يَبْقَى لَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ الْوَاقِفُ شَرَطَهُ لَهُ خَالِصًا (1) .
وَأَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَلَمْ يُحَدِّدُوا شَيْئًا وَتَرَكُوا ذَلِكَ لِتَقْدِيرِ الْوَاقِفِ أَوِ الْقَاضِي (2) .
105 - وَإِنْ كَانَتِ الأُْجْرَةُ مُقَدَّرَةً مِنْ قِبَل الْقَاضِي بِأَنْ لَمْ يَجْعَل الْوَاقِفُ لِلنَّاظِرِ شَيْئًا فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي مَا يُقَدِّرُهُ الْقَاضِي لِلنَّاظِرِ.
فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ الأَْجْرَ الْمُقَدَّرَ مِنَ الْقَاضِي يَجِبُ أَنْ لاَ يَزِيدَ عَنْ أُجْرَةِ الْمِثْل، فَإِنْ عَيَّنَ لَهُ زَائِدًا عَنْ أُجْرَةِ الْمِثْل يُمْنَعْ عَنْهُ الزَّائِدُ (3) .
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: يُتْرَكُ الأَْمْرُ لاِجْتِهَادِ الْقَاضِي. جَاءَ فِي مِنَحِ الْجَلِيل: النَّظَرُ فِي الْحَبْسِ لِمَنْ جَعَلَهُ إِلَيْهِ مُحَبِّسُهُ، يَجْعَلُهُ لِمَنْ يَثِقُ بِهِ فِي دِينِهِ وَأَمَانَتِهِ، فَإِنْ غَفَل الْمُحَبِّسُ عَنْ جَعْل النَّظَرِ لِمَنْ يَثِقُ بِهِ، كَانَ النَّظَرُ فِي الْحَبْسِ لِلْقَاضِي فَيُقَدِّمُ عَلَيْهِ مَنْ يَرْتَضِيهِ وَيَجْعَل لَهُ مِنْ كِرَاءِ الْوَقْفِ مَا يَرَاهُ الْقَاضِي سَدَادًا بِحَسَبِ اجْتِهَادِهِ.
وَقَال ابْنُ فَتُّوحٍ: لِلْقَاضِي أَنْ يَجْعَل لِمَنْ قَدَّمَهُ لِلنَّظَرِ فِي الأَْحْبَاسِ رِزْقًا مَعْلُومًا فِي كُل شَهْرٍ
__________
(1) كشاف القناع 4 / 271.
(2) حاشية الدسوقي 4 / 88، ومنح الجليل 4 / 64.
(3) حاشية ابن عابدين 3 / 417، والبحر الرائق مع هامشه منحة الخالق 5 / 264، والفروع لابن مفلح 4 / 595.
الصفحة 211