كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 44)

الاِحْتِمَال، فَإِنِ اتَّهَمَهُ الْحَاكِمُ حَلَّفَهُ، وَالْمُرَادُ كَمَا قَال الأَْذْرُعِيُّ إِنْفَاقُهُ فِيمَا يَرْجِعُ إِلَى الْعَادَةِ، وَفِي مَعْنَاهُ الصَّرْفُ إِلَى الْفُقَرَاءِ وَنَحْوِهِمْ مِنَ الْجِهَاتِ الْعَامَّةِ بِخِلاَفِ إِنْفَاقِهِ عَلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ الْمُعَيَّنِ فَلاَ يُصَدَّقُ فِيهِ لأَِنَّهُ لَمْ يَأْتَمِنْهُ (1) .
113 - وَالْحَنَابِلَةُ يُفَرِّقُونَ بَيْنَ النَّاظِرِ الْمُتَبَرِّعِ بِنَظَرِهِ عَلَى الْوَقْفِ وَبَيْنَ غَيْرِ الْمُتَبَرِّعِ وَهُوَ الَّذِي يَأْخُذُ أَجْرًا عَلَى النِّظَارَةِ، جَاءَ فِي كَشَّافِ الْقِنَاعِ: يُقْبَل قَوْل النَّاظِرِ الْمُتَبَرِّعِ فِي الدَّفْعِ لِمُسْتَحَقٍّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَبَرِّعًا لَمْ يُقْبَل قَوْلُهُ إِلاَّ بِبَيِّنَةٍ (2) .
قَال الْبُهُوتِيُّ وَالْمُرْدَاوِيُّ: لاَ اعْتِرَاضَ لأَِهْل الْوَقْفِ عَلَى مَنْ وَلاَّهُ الْوَاقِفُ أَمْرَ الْوَقْفِ إِذَا كَانَ الْمُوَلَّى أَمِينًا، وَلأَِهْل الْوَقْفِ مُسَاءَلَةُ النَّاظِرِ عَمَّا يَحْتَاجُونَ إِلَى عَمَلِهِ مِنْ أُمُورِ وَقْفِهِمْ حَتَّى يَسْتَوِيَ عِلْمُهُمْ فِيهِ مَعَ عِلْمِهِ، وَلِوَلِيِّ الأَْمْرِ أَنْ يَنْصِبَ دِيوَانًا مُسْتَوْفِيًا لِحِسَابِ أَمْوَال الأَْوْقَافِ عِنْدَ الْمَصْلَحَةِ (3) .
قَال فِي الإِْنْصَافِ: مُبَاشَرَةُ الإِْمَامِ الْمُحَاسَبَةَ بِنَفْسِهِ كَنَصْبِ الإِْمَامِ الْحَاكِمَ، وَلِهَذَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُبَاشِرُ الْحُكْمَ فِي الْمَدِينَةِ بِنَفْسِهِ وَيُوَلِّي مَعَ الْبُعْدِ (4) .
__________
(1) مغني المحتاج 2 / 394.
(2) كشاف القناع 4 / 269.
(3) كشاف القناع 4 / 277، والإنصاف 7 / 68.
(4) الإنصاف 7 / 68.
ز - عَزْل نَاظِرِ الْوَقْفِ وَمَنْ لَهُ الْحَقُّ فِي ذَلِكَ:
سَبَقَ بَيَانُ الشُّرُوطِ الَّتِي يَجِبُ تَوَفُّرُهَا فِي النَّاظِرِ مَعَ بَيَانِ الْحُكْمِ فِي عَزْلِهِ إِذَا اخْتَل شَرْطٌ مِنْ هَذِهِ الشُّرُوطِ.
وَفِيمَا يَأْتِي بَيَانُ مَنْ لَهُ حَقُّ الْعَزْل:

أَوَّلاً: حَقُّ الْوَاقِفِ فِي عَزْل نَاظِرِ الْوَقْفِ:
114 - يَخْتَلِفُ الْفُقَهَاءُ فِي حَقِّ الْوَاقِفِ فِي عَزْل مَنْ وَلاَّهُ.
فَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ يُفَرِّقُونَ بَيْنَ مَا إِذَا شَرَطَ الْوَاقِفُ النَّظَرَ لِنَفْسِهِ فِي ابْتِدَاءِ الْوَقْفِ ثُمَّ أَسْنَدَ النَّظَرَ لِغَيْرِهِ، وَبَيْنَ مَا إِذَا شَرَطَ النَّظَرَ لِغَيْرِهِ فِي ابْتِدَاءِ الْوَقْفِ.
أ - فَإِذَا شَرَطَ النَّظَرَ لِنَفْسِهِ فِي ابْتِدَاءِ الْوَقْفِ ثُمَّ أَسْنَدَ النَّظَرَ إِلَى غَيْرِهِ فَلَهُ عَزْلُهُ وَنَصْبُ غَيْرِهِ مَكَانَهُ، لأَِنَّهُ نَائِبٌ عَنْهُ، وَذَلِكَ كَمَا يَعْزِل الْمُوَكِّل وَكِيلَهُ وَيَنْصِبُ غَيْرَهُ (1) .
وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَالصَّحِيحُ وَالصَّوَابُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ عَلَى مَا جَاءَ فِي تَصْحِيحِ الْفُرُوعِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى.
__________
(1) مغني المحتاج 2 / 394، ونهاية المحتاج 5 / 399، وكشاف القناع 4 / 272، وشرح منتهى الإرادات 2 / 504، والفروع 4 / 592، والإنصاف 7 / 60 - 61.

الصفحة 217