كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 44)
الثَّالِثُ: لِلزُّهْرِيِّ، وَهُوَ أَنَّ عَلَيْهِ أَدْنَى الْحَدَّيْنِ، أُحْصِنَ أَوْ لَمْ يُحْصَنْ فَيُجْلَدُ بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا مِائَةً (1) .
الرَّابِعُ: لِجُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ فِي الأَْظْهَرِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَهُوَ عَدَمُ وُجُوبِ الْحَدِّ بِوَطْئِهَا، وَلُزُومِ التَّعْزِيرِ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَعَطَاءٍ وَالشَّعْبِيِّ وَالنَّخَعِيِّ وَالْحَكَمِ وَالثَّوْرِيِّ وَإِسْحَاقَ. وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: لِلإِْمَامِ أَنْ يَقْتُلَهُ إِذَا اعْتَادَ ذَلِكَ وَهُوَ الْمُفْتَى بِهِ، وَقَال الْبِيرِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُقْتَل فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ لِصِدْقِ التَّكْرَارِ عَلَيْهِ. وَقَال الْحَنَابِلَةُ: يُبَالَغُ فِي تَعْزِيرِهِ (2) . وَاحْتَجَّ الْجُمْهُورُ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ الْحَدِّ بِوَطْئِهَا:
بِأَنَّهُ قَدْ أَتَى مُنْكَرًا، وَاللَّهُ تَعَالَى يَقُول: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ} {إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} إِلَى قَوْلِهِ ? الْعَادُونَ (3) ، وَلاَ خِلاَفَ بَيْنِ أَحَدٍ مِنَ الأَْئِمَّةِ أَنَّهُ لاَ يَحِل أَنْ تُؤْتَى الْبَهِيمَةُ أَصْلاً، فَفَاعِل ذَلِكَ فَاعِل مُنْكَرٍ، وَقَدْ أَمَرَ الرَّسُول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
__________
(1) عارضة الأحوذي 6 / 239، ومعالم السنن 6 / 276.
(2) رد المحتار 3 / 155، وفتح القدير والكفاية 5 / 45، ومختصر اختلاف الفقهاء للطحاوي 3 / 304، ومغني المحتاج 4 / 146، وأسنى المطالب 4 / 125، وتحفة المحتاج 9 / 106، وكشاف القناع 6 / 95، والقوانين الفقهية ص358، وعقد الجواهر الثمينة 3 / 305، والمغني 12 / 351، والخرشي 8 / 78، والحاوي 17 / 63.
(3) سورة المؤمنون / 5 - 6.
بِتَغْيِيرِ الْمُنْكَرِ بِالْيَدِ (1) ، فَعَلَيْهِ التَّعْزِيرُ (2) .
وَبِأَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ فِي وُجُوبِ الْحَدِّ بِوَطْئِهَا شَيْءٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلاَ يُمْكِنُ قِيَاسُهُ عَلَى الْوَطْءِ فِي فَرْجِ الآْدَمِيِّ، لأَِنَّهُ لاَ حُرْمَةَ لَهَا، وَلَيْسَ وَطْؤُهَا بِمَقْصُودٍ يَحْتَاجُ فِي الزَّجْرِ عَنْهُ إِلَى الْحَدِّ، فَإِنَّ الطَّبْعَ السَّلِيمَ يَأْبَاهُ، وَالنُّفُوسَ تَعَافُهُ، وَعَامَّتَهَا تَنْفِرُ مِنْهُ، فَلَمْ يَحْتَجْ إِلَى زَجْرٍ عَنْهُ بِحَدٍّ، وَيَكْفِي فِيهِ التَّعْزِيرُ (3) .
تَمْكِينُ الْمَرْأَةِ حَيَوَانًا مِنْ نَفْسِهَا:
34 - ثُمَّ إِنَّ فِي حُكْمِ إِتْيَانِ الْبَهِيمَةِ مَا لَوْ مَكَّنَتِ الْمَرْأَةُ حَيَوَانًا - كَكَلْبٍ وَقِرْدٍ وَنَحْوِهِمَا - مِنْ نَفْسِهَا فَوَطِئَهَا، أَوْ أَدْخَلَتْ هِيَ ذَكَرَهُ فِي فَرْجِهَا. نَصَّ عَلَى ذَلِكَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ (4) .
قَتْل الَّدابَّةِ الْمَوْطُوءَةِ: 35 - وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ كَذَلِكَ فِي قَتْل الدَّابَّةِ الَّتِي أَتَاهَا الآْدَمِيُّ عَلَى ثَلاَثَةِ أَقْوَالٍ:
__________
(1) حديث تغيير المنكر باليد. أخرجه مسلم (1 / 69) من حديث أبي سعيد الخدري.
(2) المحلى ابن حزم 11 / 388.
(3) المغني 12 / 352، ومغني المحتاج 4 / 145، والمعونة للقاضي عبد الوهاب 3 / 1400، والحاوي 17 / 64.
(4) رد المحتار 3 / 155، وأسنى المطالب 4 / 126، والدسوقي على الشرح الكبير 4 / 316، وكشاف القناع 6 / 95.
الصفحة 33