كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 44)

36 - كَذَلِكَ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حِل أَكْل الْبَهِيمَةِ الْمَوْطُوءَةِ بَعْدَ ذَبْحِهَا إِذَا كَانَتْ مَأْكُولَةَ اللَّحْمِ عَلَى ثَلاَثَةِ أَقْوَالٍ:
أَحَدُهَا: لِلْحَنَابِلَةِ فِي الْمَذْهَبِ وَالصَّاحِبَيْنِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ فِي وَجْهٍ، وَهُوَ حُرْمَةُ أَكْلِهَا، وَذَلِكَ لأَِنَّهَا حَيَوَانٌ يَجِبُ قَتْلُهُ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، فَلَمْ يَجُزْ أَكْلُهُ كَسَائِرِ الْمَقْتُولاَتِ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى.
وَالثَّانِي: لأَِحْمَدَ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ وَهِيَ أَنَّهُ يُكْرَهُ أَكْلُهَا وَلاَ يَحْرُمُ.
وَالثَّالِثُ: لأَِبِي حَنِيفَةَ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَهُوَ جَوَازُ أَكْلِهَا مَعَ عَدَمِ الْكَرَاهَةِ. وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الأَْنْعَامِ (1) } حَيْثُ جَاءَ ذِكْرُ الْحِل فِي الآْيَةِ مُطْلَقًا، وَلَمْ يُفَصِّل بَيْنَ الْمَوْطُوءَةِ وَغَيْرِهَا، وَلأَِنَّهَا لَمْ تُذْكَرْ مَعَ الْمُحَرَّمَاتِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ (2) } ، وَلأَِنَّهَا حَيَوَانٌ مِنْ جِنْسٍ يَجُوزُ أَكْلُهُ، ذَبَحَهُ مَنْ هُوَ مِنْ أَهْل الذَّكَاةِ، فَحَل أَكْلُهُ، كَمَا لَوْ لَمْ يُفْعَل بِهِ هَذَا الْفِعْل (3) .
__________
(1) سورة المائدة / 1.
(2) سورة المائدة / 3.
(3) رد المحتار 3 / 155، وفتح القدير 5 / 45، ومغني المحتاج 4 / 146، وتحفة المحتاج 9 / 106، والقوانين الفقهية ص358، والمغني 12 / 253، وكشاف القناع 6 / 95، والدسوقي على الشرح الكبير 4 / 316، وعارضة الأحوذي 6 / 239، وعقد الجواهر الثمينة 3 / 305، والخرشي 8 / 78، والحاوي للماوردي 17 / 65.
سَابِعًا: الْوَطْءُ بِشُبْهَةٍ:
37 - الشُّبْهَةُ فِي الأَْصْل: مَا يُشْبِهُ الثَّابِتَ، وَلَيْسَ بِثَابِتٍ. أَمَّا الْوَطْءُ بِشُبْهَةٍ: فَهُوَ الْوَطْءُ الْمَحْظُورُ الَّذِي لاَ يُوجِبُ حَدًّا، لِقِيَامِ شُبْهَةٍ تَرَتَّبَ عَلَيْهَا انْتِفَاءُ قَصْدِ الزِّنَا.
وَلِلْفُقَهَاءِ تَقْسِيمَاتٌ لِلشُّبْهَةِ تُنْظَرُ فِي (زِنًا ف 15 - 21، شُبْهَة ف3) .

أَحْكَامُ الْوَطْءِ:
أ - حَقُّ الْمَرْأَةِ عَلَى زَوْجِهَا فِي الْوَطْءِ:
38 - لِلزَّوْجَةِ عَلَى زَوْجِهَا حَقُّ إِتْيَانِهَا وَقَضَاءِ وَطَرِهَا (1) ، دَل عَلَى ذَلِكَ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَال: قَال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ: أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ تَصُومُ النَّهَارَ وَتَقُومُ اللَّيْل؟ قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُول اللَّهِ. قَال: فَلاَ تَفْعَل. صُمْ وَأَفْطِرْ، وَقُمْ وَنَمْ، فَإِنَّ لِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِعَيْنِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقًّا (2) .
__________
(1) دليل الفالحين 1 / 390.
(2) حديث عبد الله بن عمرو: " ألم أخبر أنك تصوم النهار. . . " أخرجه البخاري (الفتح 9 / 299) ومسلم (2 / 813) واللفظ للبخاري.

الصفحة 35