كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 44)
د - الْحَوَالَةُ:
19 - الْحَوَالَةُ هِيَ نَقْل الدَّيْنِ مِنْ ذِمَّةٍ إِلَى أُخْرَى، فَإِذَا أَحَال الْمَدِينُ الدَّائِنَ عَلَى شَخْصٍ آخَرَ لِيَسْتَوْفِيَ مِنْهُ دَيْنَهُ، وَاسْتَوْفَتِ الْحَوَالَةُ جَمِيعَ شَرَائِطِهَا، كَانَ ذَلِكَ وَفَاءً مِنَ الْمَدِينِ.
انْظُرْ مُصْطَلَحَ (حَوَالَة ف106) .
ثَانِيًا: وَفَاءُ دَيْنِ الْغَيْرِ:
20 - يَصِحُّ وَفَاءُ دَيْنِ الْغَيْرِ وَضَمَانُهُ (الْكَفَالَةُ بِهِ) ، سَوَاءٌ أَكَانَ الْوَفَاءُ بِإِذْنِ الْمَدِينِ أَوْ بِدُونِ إِذْنِهِ، وَهَذَا بِاتِّفَاقٍ، إِلاَّ أَنَّ الْمَالِكِيَّةَ قَيَّدُوا ذَلِكَ بِمَا إِذَا كَانَ الْوَفَاءُ رِفْقًا بِالْمَدِينِ، فَقَدْ جَاءَ فِي الْمُدَوَّنَةِ - عَلَى مَا نَقَلَهُ الدُّسُوقِيُّ - مَنْ أَدَّى عَنْ رَجُلٍ دَيْنًا بِغَيْرِ أَمْرِهِ جَازَ إِنْ فَعَلَهُ رِفْقًا بِالْمَطْلُوبِ، فَإِنْ أَرَادَ الضَّرَرَ بِطَلَبِهِ وَإِعْنَاتَهُ لِعَدَاوَةٍ بَيْنَهُمَا مُنِعَ مِنْ ذَلِكَ (1) .
وَالْوَفَاءُ إِنْ كَانَ بِإِذْنِ الْمَدِينِ ثَبَتَ لَهُ حَقُّ الرُّجُوعِ عَلَى الْمَدِينِ بِهَذَا الدَّيْنِ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ إِذْنِهِ فَقَدِ اخْتُلِفَ فِي الرُّجُوعِ عَلَيْهِ بِهِ.
وَانْظُرِ التَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (كَفَالَة ف41، 42، 43، دَيْن ف31، 32) .
__________
(1) الدسوقي مع الشرح الكبير 3 / 334.
ثَالِثًا: وَفَاءُ دَيْنِ الْمَيِّتِ:
21 - يَصِحُّ ضَمَانُ دَيْنِ الْمَيِّتِ وَوَفَاؤُهُ، وَهَذَا بِاتِّفَاقٍ إِذَا تَرَكَ الْمَيِّتُ مَا يُوَفَّى مِنْهُ دَيْنُهُ.
أَمَّا إِذَا كَانَ مُفْلِسًا وَلَمْ يَتْرُكْ وَفَاءً لِدَيْنِهِ فَجُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ - الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ - يَرَوْنَ صِحَّةَ ضَمَانِ دَيْنِ الْمَيِّتِ وَأَدَائِهِ وَإِنْ كَانَ مُفْلِسًا، لِحَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَإِنَّهُ ضَمِنَ دَيْنَ مَيِّتٍ لَمْ يُخَلِّفْ وَفَاءً، فَعَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَْكْوَعِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِجِنَازَةٍ لِيُصَلِّيَ عَلَيْهَا، فَقَال: هَل عَلَيْهِ مِنْ دَيْنٍ؟ قَالُوا: لاَ، فَصَلَّى عَلَيْهِ، ثُمَّ أُتِيَ بِجِنَازَةٍ أُخْرَى، فَقَال: هَل عَلَيْهِ مِنْ دَيْنٍ؟ قَالُوا: نَعَمْ، قَال: فَصَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ، قَال أَبُو قَتَادَةَ: عَلَيَّ دَيْنُهُ يَا رَسُول اللَّهِ. فَصَلَّى عَلَيْهِ (1) .
وَقَالُوا: لأَِنَّهُ لَوْ تَبَرَّعَ إِنْسَانٌ بِوَفَائِهِ جَازَ.
وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لاَ تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِدَيْنِ الْمَيِّتِ إِذَا كَانَ مُفْلِسًا، لأَِنَّهُ إِذَا لَمْ يَتْرُكْ وَفَاءً لِدَيْنِهِ فَقَدْ سَقَطَ دَيْنُهُ فِي حَقِّ أَحْكَامِ الدُّنْيَا، وَلاَ تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِدَيْنٍ سَاقِطٍ، لَكِنْ لَوْ تَبَرَّعَ شَخْصٌ بِوَفَائِهِ صَحَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ أَيْضًا (2) .
__________
(1) حديث سلمة بن الأكوع: " أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بجنازة. . . " أخرجه البخاري (فتح الباري 4 / 474) .
(2) الدر المختار، وحاشية ابن عابدين 4 / 270، وفتح القدير 6 / 317، والدسوقي 3 / 331، ومغني المحتاج 2 / 200، والمغني 4 / 593.
الصفحة 98