كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 45)

11 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يَتَحَقَّقُ الإِْيجَابُ فِي عَقْدِ الْوَكَالَةِ بِلَفْظِ: وَكَّلْتُكَ فِي كَذَا، أَوْ: فَوَّضْتُ إِلَيْكَ كَذَا، أَوْ: أَنَبْتُكَ فِيهِ، أَوْ: أَذِنْتُ لَكَ فِيهِ، أَوْ: أَقَمْتُكَ مَقَامِي فِي كَذَا، أَوْ: أَنْتَ وَكِيلِي فِيهِ. (1)
كَمَا يَرَى الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ أَنَّ الإِْيجَابَ يَتَحَقَّقُ بِلَفْظِ الأَْمْرِ، مِثْل: بِعْهُ، أَوْ: أَعْتِقْهُ، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ إِذَا جَرَى الْعُرْفُ بِانْعِقَادِ الْوَكَالَةِ بِمِثْل هَذِهِ الأَْلْفَاظِ، حَيْثُ قَالُوا: الْوَكَالَةُ لاَ تَخْتَصُّ بِالصِّيغَةِ الدَّالَّةِ بِقَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ أَوْ إِرْسَالٍ، وَإِنَّمَا الْحُكْمُ فِي ذَلِكَ لِلْعُرْفِ وَالْعَادَةِ. (2)
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: تَثْبُتُ الْوَكَالَةُ بِكُل لَفْظٍ يَدُل عَلَيْهَا كَوَكَّلْتُكَ وَأَشْبَاهِهِ، رَوَى بِشْرُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ: إِذَا قَال الرَّجُل لِغَيْرِهِ: أَحْبَبْتُ أَنْ تَبِيعَ دَارِي هَذِهِ، أَوْ: هَوَيْتُ، أَوْ: رَضِيتُ، أَوْ: شِئْتُ، أَوْ: أَرَدْتُ، فَذَاكَ تَوْكِيلٌ وَأَمْرٌ بِالْبَيْعِ. (3)
وَنَصَّ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ لَوْ قَال: سَأُوَكِّلُكَ، لَمْ
__________
(1) الفتاوى الهندية 3 / 564 ـ 565، وبدائع الصنائع 6 / 20، ونهاية المحتاج 5 / 27، والحاوي للمارودي 8 / 187، وكشاف القناع 3 / 461، والإنصاف 5 / 353، وشرح الخرشي 6 / 70.
(2) درر الحكام شرح مجلة الأحكام 3 / 527، والإنصاف 5 / 353، وروضة الطالبين 4 / 300، والخرشي 6 / 70.
(3) تكملة فتح القدير 8 / 4، والفتاوى الهندية 3 / 564 ـ 565.
يَصِحَّ، لأَِنَّهُ مُحْتَمَلٌ، وَهَكَذَا لَوْ قَال: أُوَكِّلُكَ، لأَِنَّهُ مَوْعِدٌ.
كَمَا نَصُّوا عَلَى أَنَّهُ لَوْ قَال: قَدْ عَوَّلْتُ عَلَيْكَ، فَلاَ يَصِحُّ عَقْدُ الْوَكَالَةِ، لاِحْتِمَالِهِ أَنْ يَكُونَ مُعَوِّلاً عَلَى رَأْيِهِ أَوْ مَعُونَتِهِ أَوْ نِيَابَتِهِ، وَهَكَذَا لَوْ قَال: قَدِ اعْتَمَدْتُ عَلَيْكَ، أَوِ اسْتَكْفَيْتُ، أَوْ إِلَى مَا جَرَى مَجْرَى ذَلِكَ مِنَ الأَْلْفَاظِ الْمُحْتَمَلَةِ، لاَ يَصِحُّ الْعَقْدُ بِهَا إِلاَّ أَنْ يُضَمَّ إِلَيْهَا أَحَدَ الأَْلْفَاظِ الصَّرِيحَةِ فِي التَّوْكِيل. (1)

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: الإِْيجَابُ بِاللَّفْظِ فِي غِيَابِ الْوَكِيل مُرَاسَلَةً:
12 - صَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ بِأَنَّ الإِْيجَابَ فِي عَقْدِ الْوَكَالَةِ يَنْعَقِدُ بِالرِّسَالَةِ. (2)
وَصُورَةُ التَّوْكِيل بِالرِّسَالَةِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهَا الْحَنَفِيَّةُ أَنْ يَقُول شَخْصٌ لآِخَرَ: خُذْ هَذَا الْمَال لِفُلاَنٍ وَلْيَبِعْهُ، أَوْ يَقُول: اذْهَبْ إِلَى فُلاَنٍ وَأَخْبِرْهُ أَنْ يَبِيعَ مَالِي الْفُلاَنِيَّ الَّذِي عِنْدَهُ، وَبَاعَ الآْخَرُ الْمَال بَعْدَ بُلُوغِ هَذَا الْخَبَرِ إِلَيْهِ، كَانَتِ الْوَكَالَةُ وَالْبَيْعُ صَحِيحَيْنِ.
كَذَلِكَ لَوْ وَكَّل أَحَدٌ شَخْصًا غَائِبًا بِأَمْرٍ مَا
__________
(1) الحاوي للماوردي 8 / 186 ـ 187، ومغني المحتاج 2 / 222.
(2) شرح مجلة الأحكام لعلي حيدر 3 / 527، والخرشي 6 / 70، ومغني المحتاج 2 / 223، وروضة الطالبين 4 / 300.

الصفحة 10