كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 45)

وَالصَّبِيِّ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ. (1)
وَاخْتَلَفُوا فِي اشْتِرَاطِ الأُْمُورِ الآْتِيَةِ فِي الْوَكِيل:

أ - الْبُلُوغُ:
40 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي اشْتِرَاطِ الْبُلُوغِ فِي الْوَكِيل.
فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى جَوَازِ وَكَالَةِ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ. (2)
قَال الْحَنَفِيَّةُ: إِذَا كَانَ يَعْقِل الْعَقْدَ وَيَقْصِدُهُ، أَيْ يَعْقِل الْبَيْعَ وَغَيْرَهُ مِنَ الْعُقُودِ، فَيَعْرِفُ أَنَّ الشِّرَاءَ جَالِبٌ لِلْمَبِيعِ وَسَالِبٌ لِلثَّمَنِ، وَالْبَيْعَ عَلَى عَكْسِهِ، وَيَعْرِفُ الْغَبْنَ الْفَاحِشَ مِنَ الْيَسِيرِ وَيَقْصِدُ بِذَلِكَ ثُبُوتَ الْحُكْمِ وَالرِّبْحِ لاَ الْهَزْل.
وَقَالُوا: إِنَّ حُقُوقَ الْعَقْدِ تَرْجِعُ إِلَى الْوَكِيل إِذَا كَانَ بَالِغًا، أَمَّا إِذَا كَانَ صَبِيًّا مُمَيِّزًا فَإِنَّ حُقُوقَهُ تَرْجِعُ إِلَى الْمُوكِّل لاَ إِلَى الْوَكِيل. كَمَا سَيَأْتِي فِي مَوْضِعِهِ. (3)
وَصَرَّحَ الْحَنَابِلَةُ بِأَنَّهُ يَصِحُّ تَوْكِيل الْمُمَيِّزِ وَتَوَكُّلُهُ فِي كُل تَصَرُّفٍ لاَ يُشْتَرَطُ لَهُ الْبُلُوغُ،
__________
(1) المغني 5 / 88.
(2) البدائع 6 / 20، والبحر الرائق 7 / 142، وكشاف القناع 3 / 463، والإنصاف 5 / 355.
(3) البدائع 7 / 3447، وتبيين الحقائق 4 / 254، وتكملة فتح القدير 8 / 14
كَتَصَرُّفِ الْمُمَيِّزِ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ فَإِنَّهُ صَحِيحٌ. (1)
وَاسْتَدَل الْقَائِلُونَ بِصِحَّةِ وَكَالَةِ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ. (2) بِمَا وَرَدَ أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا خَطَبَ أُمَّ سَلَمَةَ قَالَتْ: لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَوْلِيَائِي شَاهِدٌ، فَقَال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَوْلِيَائِكِ شَاهِدٌ وَلاَ غَائِبٌ يَكْرَهُ ذَلِكَ، ثُمَّ قَال لِعَمْرِو ابْنِ أُمِّ سَلَمَةَ: قُمْ فَزَوِّجْ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَزَوَّجَهُ وَكَانَ صَبِيًّا (3) .
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى عَدَمِ جَوَازِ وَكَالَةِ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ؛ لأَِنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ وَلاَ يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِي حَقِّ نَفْسِهِ، فَلاَ يَمْلِكُ أَنْ يَتَوَكَّل لِغَيْرِهِ لأَِنَّهُ إِذَا لَمْ يَمْلِكْ ذَلِكَ فِي حَقِّ نَفْسِهِ بِحَقِّ الْمِلْكِ لَمْ يَمْلِكْهُ فِي حَقِّ غَيْرِهِ بِالتَّوْكِيل. (4)
ب - تَعْيِينُ الْوَكِيل:
41 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْوَكَالَةِ أَنْ يَكُونَ الْوَكِيل مُعَيَّنًا، فَإِذَا كَانَ مَجْهُولاً بَطَلَتِ الْوَكَالَةُ، فَلَوْ قَال شَخْصٌ: وَكَّلْتُ أَحَدَ النَّاسِ فِي بَيْعِ سِلْعَةٍ مُعَيَّنَةٍ، بَطَلَتِ الْوَكَالَةُ لِجَهَالَةِ الْوَكِيل وَعَدَمِ تَعْيِينِهِ.
__________
(1) كشاف القناع 3 / 463، والإنصاف 5 / 355، والمغني 5 / 88.
(2) البدائع 6 / 20.
(3) حديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم " خطب أم سلمة. . . " أخرجه النسائي (6 / 81 ـ 82) .
(4) حاشية الجمل 3 / 403.

الصفحة 24