كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 45)

وَقَال ابْنُ نُجَيْمٍ: مِنَ التَّوْكِيل الْمَجْهُول قَوْل الدَّائِنِ لِمَدْيُونِهِ: مَنْ جَاءَكَ بِعَلاَمَةِ كَذَا، وَمَنْ أَخَذَ أُصْبُعَكَ، أَوْ قَال لَكَ كَذَا، فَادْفَعْ مَا لِي عَلَيْكَ إِلَيْهِ، لَمْ يَصِحَّ؛ لأَِنَّهُ تَوْكِيل مَجْهُولٍ، فَلاَ يَبْرَأُ بِالدَّفْعِ إِلَيْهِ. (1)

ج - عِلْمُ الْوَكِيل بِالْوَكَالَةِ:
41 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي اشْتِرَاطِ عِلْمِ الْوَكِيل بِالْوَكَالَةِ لِصِحَّتِهَا.
قَال الْحَنَفِيَّةُ: الْعِلْمُ بِالتَّوْكِيل فِي الْجُمْلَةِ شَرْطٌ بِلاَ خِلاَفٍ، إِمَّا عِلْمُ الْوَكِيل وَإِمَّا عِلْمُ مَنْ يُعَامِلُهُ، حَتَّى لَوْ وَكَّل رَجُلاً بِبَيْعِ عَبْدِهِ فَبَاعَهُ الْوَكِيل مِنْ رَجُلٍ قَبْل عِلْمِهِ وَعِلْمِ الرَّجُل بِالتَّوْكِيل لاَ يَجُوزُ بَيْعُهُ حَتَّى يُجِيزَهُ الْمُوَكِّل أَوِ الْوَكِيل بَعْدَ عِلْمِهِ بِالْوَكَالَةِ.
وَأَمَّا عِلْمُ الْوَكِيل عَلَى التَّعْيِينِ بِالتَّوْكِيل فَهَل هُوَ شَرْطٌ؟ ذُكِرَ فِي الزِّيَادَاتِ أَنَّهُ شَرْطٌ، وَذُكِرَ فِي الْوَكَالَةِ أَنَّهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ.
وَإِذَا قَال الرَّجُل: اذْهَبْ بِثَوْبِي هَذَا إِلَى فُلاَنٍ حَتَّى يَبِيعَهُ، أَوِ اذْهَبْ إِلَى فُلاَنٍ حَتَّى يَبِيعَكَ ثَوْبِي الَّذِي عِنْدَهُ، فَهُوَ جَائِزٌ، وَهُوَ إِذْنٌ مِنْهُ لِفُلاَنٍ فِي بَيْعِ
__________
(1) نهاية المحتاج 5 / 18، وتحفة المحتاج 5 / 297، ومطالب أولي النهى 3 / 429 - 430، والأشباه والنظائر لابن نجيم ص251، وحاشية الدسوقي 3 / 378، وروضة القضاة للسمناني 2 / 641.
ذَلِكَ الثَّوْبِ، إِنْ أَعْلَمَهُ الْمُخَاطَبُ بِمَا قَالَهُ الْمَالِكُ جَازَ بَيْعُهُ، رِوَايَةً وَاحِدَةً، وَإِنْ لَمْ يُعْلِمْهُ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ.
وَلَوْ قَال: اذْهَبْ بِهَذَا الثَّوْبِ إِلَى الْقَصَّارِ حَتَّى يَقْصُرَهُ، أَوْ إِلَى الْخَيَّاطِ حَتَّى يَخِيطَهُ قَمِيصًا، فَهُوَ إِذْنٌ مِنْهُ لِلْقَصَّارِ وَالْخَيَّاطِ فِي ذَلِكَ الْعَمَل حَتَّى لاَ يَصِيرَ ضَامِنًا بِعَمَلِهِ بَعْدَ ذَلِكَ.
وَكَذَلِكَ لَوْ قَال لاِمْرَأَتِهِ: انْطَلِقِي إِلَى فُلاَنٍ حَتَّى يُطَلِّقَكِ، فَطَلَّقَهَا فُلاَنٌ وَلَمْ يَعْلَمْ يَقَعُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرْخَسِيِّ فِي بَابِ مَا تَقَعُ بِهِ الْوَكَالَةُ.
وَعِلْمُ الْوَكِيل بِالْوَكَالَةِ شَرْطُ عَمَل الْوَكَالَةِ حَتَّى إِنَّ مَنْ وَكَّل غَيْرَهُ بِبَيْعِ عَبْدِهِ أَوْ بِطَلاَقِ امْرَأَتِهِ وَالْوَكِيل لاَ يَعْلَمُ فَطَلَّقَ أَوْ بَاعَ، لاَ يَجُوزُ بَيْعُهُ وَلاَ طَلاَقُهُ. هَكَذَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ. فَإِذَا وَكَّل إِنْسَانًا لاَ يَصِيرُ وَكِيلاً قَبْل الْعِلْمِ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ. (1) .
وَقَالُوا: إِذَا كَانَ عِلْمُ الْوَكِيل بِالتَّوْكِيل شَرْطًا لِصِحَّةِ الْوَكَالَةِ، فَإِنْ كَانَ التَّوْكِيل بِحَضْرَةِ الْوَكِيلِ، أَوْ كَتَبَ الْمُوَكِّل بِذَلِكَ كِتَابًا إِلَيْهِ فَبَلَغَهُ وَعَلِمَ مَا فِيهِ، أَوْ أَرْسَل إِلَيْهِ رَسُولاً فَبَلَّغَ الرِّسَالَةَ، أَوْ أَخْبَرَهُ بِالتَّوْكِيل رَجُلاَنِ، أَوْ رَجُلٌ وَاحِدٌ عَدْلٌ - صَارَ وَكِيلاً بِإِجْمَاعِ الْحَنَفِيَّةِ، وَإِنْ أَخْبَرَهُ بِذَلِكَ رَجُلٌ وَاحِدٌ غَيْرُ
__________
(1) الفتاوى الهندية 3 / 562 ـ 563.

الصفحة 25