كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 45)

وَإِنْ كَانَتْ مُعَاوَضَةً فِي الاِنْتِهَاءِ، وَظَاهِرُ الْعُمُومِ أَنَّهُ يَمْلِكُ قَبْضَ الدَّيْنِ وَاقْتِضَاءَهُ وَإِيفَاءَهُ وَالدَّعْوَى بِحُقُوقِ الْمُوَكِّل وَسَمَاعَ الدَّعْوَى بِحُقُوقٍ عَلَى الْمُوَكِّل وَالأَْقَارِيرِ عَلَى الْمُوَكِّل بِالدُّيُونِ، وَلاَ يَخْتَصُّ بِمَجْلِسِ الْقَاضِي، لأَِنَّ فِي ذَلِكَ بِالْوَكِيل بِالْخُصُومَةِ لاَ فِي الْعَامِّ، فَإِنْ قَال لَهُ: وَكَّلْتُكَ وَكَالَةً مُطْلَقَةً عَامَّةً، فَهَل يَتَنَاوَل الطَّلاَقَ وَالْعَتَاقَ وَالتَّبَرُّعَاتِ؟ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لاَ يَمْلِكُهَا عَلَى الْمُفْتَى بِهِ، لأَِنَّ مِنَ الأَْلْفَاظِ مَا صَرَّحَ قَاضِي خَانَ وَغَيْرُهُ بِأَنَّهُ تَوْكِيلٌ عَامٌّ وَمَعَ ذَلِكَ قَالُوا بِعَدَمِهِ. (1)
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: لاَ تَنْعَقِدُ الْوَكَالَةُ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ: وَكَّلْتُكَ، لأَِنَّهُ لاَ يَدُل عُرْفًا عَلَى شَيْءٍ بَل حَتَّى يُفَوِّضَ لِلْوَكِيل الأَْمْرَ بِأَنْ يَقُول: وَكَّلْتُكَ وَكَالَةً مُفَوَّضَةً، أَوْ: فِي جَمِيعِ أُمُورِي، أَوْ: أَقَمْتُكَ مَقَامِي فِي أُمُورِي، وَنَحْوَ ذَلِكَ، وَإِذَا فَوَّضَ لَهُ فَيَمْضِي وَيَجُوزُ النَّظَرُ وَهُوَ الصَّوَابُ، أَيْ مَا فِيهِ تَنْمِيَةُ الْمَال لاَ غَيْرُهُ، وَهُوَ مَا لَيْسَ فِيهِ تَنْمِيَةُ الْمَال كَالْعِتْقِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ، إِلاَّ أَنْ يَقُول الْمُوَكِّل: وَيَمْضِي مِنْكَ غَيْرُ النَّظَرِ، فَيَمْضِي إِنْ وَقَعَ، وَإِنْ كَانَ لاَ يَجُوزُ لَهُ فِعْلُهُ ابْتِدَاءً فَلَيْسَ لِلْمُوَكِّل رَدُّهُ، وَلاَ تَضْمِينُ الْوَكِيل.
__________
(1) حاشية ابن عابدين 4 / 399 - 400، وفتح القدير 7 / 500 - 501.
وَالْمُرَادُ بِغَيْرِ النَّظَرِ مَا لَيْسَ بِمَعْصِيَةٍ وَلاَ تَبْذِيرٍ. وَقَالُوا: لاَ يَمْضِي عَنِ الْوَكِيل طَلاَقُ زَوْجَةِ الْمُوَكِّلِ، وَإِنْكَاحُ بِكْرِهِ، وَبَيْعُ دَارِ سُكْنَاهُ فِي كُلٍّ مِنَ النَّظَرِ وَغَيْرِهِ؛ لأَِنَّ هَذِهِ الأُْمُورَ لاَ تَنْدَرِجُ تَحْتَ عُمُومِ الْوَكَالَةِ، وَإِنَّمَا يَفْعَلُهُ الْوَكِيل بِإِذْنٍ خَاصٍّ. (1)
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ التَّوْكِيل الْعَامَّ لاَ يَصِحُّ. (2) فَقَدْ نَصُّوا عَلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُوَكَّل فِيهِ مَعْلُومًا مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ حَيْثُ يَقِل مَعَهُ الْغَرَرُ، وَلاَ يُشْتَرَطُ عِلْمُهُ مِنْ كُل وَجْهٍ، فَلَوْ قَال: وَكَّلْتُكَ فِي كُل قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ لِي، أَوْ فِي كُل أُمُورِي، أَوْ فَوَّضْتُ إِلَيْكَ كُل شَيْءٍ، أَوْ: أَنْتَ وَكِيلِي فَتَصَرَّفْ كَيْفَ شِئْتَ، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، لَمْ يَصِحَّ لِكَثْرَةِ الْغَرَرِ وَعَظِيمِ الْخَطَرِ، وَإِنْ قَال وَكَّلْتُكَ فِي بَيْعِ أَمْوَالِي وَقَبْضِ دُيُونِي وَاسْتِيفَائِهَا وَنَحْوَ ذَلِكَ، صَحَّ وَإِنْ جَهِل الأَْمْوَال وَالدُّيُونَ وَمَنْ هِيَ عَلَيْهِ. (3)
الأُْمُورُ الَّتِي تَقَعُ عَلَيْهَا الْوَكَالَةُ:
48 - ذَكَرَ الْفُقَهَاءُ ضَابِطًا عَامًّا لِمَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَحَلًّا لِعَقْدِ الْوَكَالَةِ، وَهُوَ: كُل عَقْدٍ جَازَ أَنْ يَعْقِدَهُ الإِْنْسَانُ بِنَفْسِهِ جَازَ أَنْ يُوَكِّل بِهِ غَيْرَهُ؛ لأَِنَّ
__________
(1) الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي 3 / 380
(2) نهاية المحتاج 5 / 25، والمهذب 1 / 350، والمغني 5 / 211 - 212.
(3) نهاية المحتاج 5 / 25، والمغني 5 / 211 ـ 212، وشرح المنتهى 2 / 302.

الصفحة 28