كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 45)

مُوَاقِعُوهَا (1) } .
وَالتَّفْصِيل فِي كُتُبِ الْعَقِيدَةِ.

الْقَوَاعِدُ الْفِقْهِيَّةُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْيَقِينِ:
قَعَّدَ الْفُقَهَاءُ لِلْيَقِينِ وَأَحْوَال تَقْدِيمِهِ عَلَى الشَّكِّ وَالظَّنِّ وَالَوَهْمِ قَوَاعِدَ فِقْهِيَّةً كُلِّيَّةً كَثِيرَةً، ضَبَطَتْ وَبَيَّنَتِ الْحُكْمَ الشَّرْعِيَّ عِنْدَمَا يَكُونُ هُنَاكَ يَقِينٌ أَوْ ظَنٌّ أَوْ وَهْمٌ.
مِنْ أَهَمِّ هَذِهِ الْقَوَاعِدِ:

الْقَاعِدَةُ الأَْوْلَى: الْيَقِينُ لاَ يَزُول بِالشَّكِّ:
6 - مَعْنَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ أَنَّ مَا ثَبَتَ بِيَقِينٍ لاَ يَرْتَفِعُ بِالشَّكِّ، وَمَا ثَبَتَ بِيَقِينٍ لاَ يَرْتَفِعُ إِلاَّ بِيَقِينٍ، وَدَلِيلُهَا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا وَجَدَ أَحَدُكُمْ فِي بَطْنِهِ شَيْئًا فَأَشْكَل عَلَيْهِ، أَخَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ أَمْ لاَ؟ فَلاَ يَخْرُجَنَّ مِنَ الْمَسْجِدِ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا. (2) وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: قَال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلاَتِهِ فَلَمْ يَدْرِ كَمْ صَلَّى أَثَلاَثًا أَمْ أَرْبَعًا؟ فَلْيَطْرَحِ الشَّكَّ، وَلْيَبْنِ عَلَى مَا اسْتَيْقَنَ (3) .
__________
(1) سورة الكهف / 53.
(2) حديث: " إذا وجد أحدكم في بطنه شيئا. . . " أخرجه مسلم (1 / 276) من حديث أبي هريرة.
(3) حديث أبي سعيد الخدري: " إذا شك أحدكم في صلاته. . . " أخرجه مسلم (1 / 400) .
وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: سَمِعْتُ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول: إِذَا سَهَا أَحَدُكُمْ فِي صَلاَتِهِ فَلَمْ يَدْرِ وَاحِدَةً صَلَّى أَوِ اثْنَتَيْنِ؟ فَلْيَبْنِ عَلَى وَاحِدَةٍ، فَإِنْ لَمْ يَدْرِ صَلَّى ثِنْتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا؟ فَلْيَبْنِ عَلَى ثِنْتَيْنِ، فَإِنْ لَمْ يَدْرِ ثْلاَثًا صَلَّى أَوْ أَرْبَعًا؟ فَلْيَبْنِ عَلَى ثَلاَثٍ، وَلِيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ قَبْل أَنْ يُسَلِّمَ. (1)
هَذَا، وَنَظَرًا لأَِنَّ الْيَقِينَ يَرِدُ فِي جُل أَبْوَابِ الْفِقْهِ، فَإِنَّنَا نَسُوقُ هُنَا جُمْلَةً مِنَ الْقَوَاعِدِ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِالْعَمَل بِالْيَقِينِ إِذَا وُجِدَ، وَتَرْكِ الظَّنِّ وَالشَّكِّ وَالْوَهْمِ.
وَمِنْ ذَلِكَ قَاعِدَةُ: " الأَْصْل بَقَاءُ مَا كَانَ عَلَى مَا كَانَ "، فَمِنْ أَمْثِلَةِ ذَلِكَ: مَنْ تَيَقَّنَ الطَّهَارَةَ وَشَكَّ فِي الْحَدَثِ فَهُوَ مُتَطَهِّرٌ، أَوْ تَيَقَّنَ فِي الْحَدَثِ وَشَكَّ فِي الطَّهَارَةِ فَهُوَ مُحْدِثٌ.
وَمِنْهَا: " الأَْصْل بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ، وَلِذَلِكَ لَمْ يُقْبَل فِي شَغْل الذِّمَّةِ شَاهِدٌ وَاحِدٌ، مَا لَمْ يَعْتَضِدْ بِسَبَبٍ آخَرَ.
وَمِنْهَا قَاعِدَةُ: " مَنْ شَكَّ هَل فَعَل شَيْئًا أَوْ لاَ؟ فَالأَْصْل أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْهُ "،
__________
(1) حديث عبد الرحمن بن عوف: " إذا سهى أحدكم في صلاته. . . " أخرجه الترمذي (2 / 245) ، وقال ابن حجر في التلخيص (1 / 11 ـ علمية) : معلول ثم أفاض في ذكر علله.

الصفحة 289