كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 45)
تَعَذَّرَ عَلَى الْجَمَاعَةِ الْوُقُوفُ فِي الْوَقْتِ وَهُوَ مَا بَقِيَ مِنَ اللَّيْل صَارُوا كَأَنَّهُمْ شَهِدُوا بَعْدَ الْوَقْتِ. فَإِنْ كَانَ الإِْمَامُ يُمْكِنُهُ الْوُقُوفُ قَبْل طُلُوعِ الْفَجْرِ مَعَ النَّاسِ أَوْ أَكْثَرِهِمْ بِأَنْ كَانَ يُدْرِكُ الْوُقُوفَ عَامَّةُ النَّاسِ، إِلاَّ أَنَّهُ لاَ يُدْرِكُهُ ضَعَفَةُ النَّاسِ، جَازَ وُقُوفُهُ، فَإِنْ لَمْ يَقِفْ فَاتَ حَجُّهُ لأَِنَّهُ تَرَكَ الْوُقُوفَ فِي وَقْتِهِ مَعَ عِلْمِهِ بِهِ وَالْقُدْرَةِ عَلَيْهِ.
وَقَالُوا: وَكَذَا إِذَا أَخَّرَ الإِْمَامُ الْوُقُوفَ لِمَعْنًى يَسُوغُ فِيهِ الاِجْتِهَادُ لَمْ يُجْزِ وُقُوفُ مَنْ وَقَفَ قَبْلَهُ، فَإِنْ شَهِدَ شَاهِدَانِ عِنْدَ الإِْمَامِ بِهِلاَل ذِي الْحِجَّةِ فَرَدَّ شَهَادَتَهُمَا، لأَِنَّهُ لاَ عِلَّةَ بِالسَّمَاءِ، فَوَقَفَ بِشَهَادَتِهِمَا قَوْمٌ قَبْل الإِْمَامِ لَمْ يُجْزِ وُقُوفُهُمْ، لأَِنَّ الإِْمَامَ أَخَّرَ الْوُقُوفَ بِسَبَبٍ يَجُوزُ الْعَمَل عَلَيْهِ فِي الشَّرْعِ، فَصَارَ كَمَا لَوْ أَخَّرَ بِالاِشْتِبَاهِ. (1)
غَلَطُ الْحَجِيجِ فِي الْوُقُوفِ إِذَا قَل عَدَدُهُمْ عَنِ الْمُعْتَادِ:
16 نَصَّ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ لَوْ وَقَفَ الْحَجِيجُ الْيَوْمَ الْعَاشِرَ غَلَطًا أَجْزَأَهُمْ، إِلاَّ أَنْ يَقِلُّوا عَلَى خِلاَفِ الْعَادَةِ، فَيَقْضُونَ فِي الأَْصَحِّ لِعَدَمِ الْمَشَقَّةِ الْعَامَّةِ.
وَمُقَابِل الأَْصَحِّ: لاَ قَضَاءَ عَلَيْهِمْ لأَِنَّهُمْ لاَ يَأْمَنُونَ مِثْلَهُ فِي الْقَضَاءِ. (2)
__________
(1) بدائع الصنائع 2 / 126 ـ 127.
(2) مغني المحتاج 1 / 499، وتحفة المحتاج 4 / 112.
نِيَّةُ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ:
17 اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ لِلْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ:
فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ فِي الْجُمْلَةِ إِلَى أَنَّهُ لاَ تُشْتَرَطُ النِّيَّةُ لِصِحَّةِ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ.
وَصَرَّحَ الْكَاسَانِيُّ بِصِحَّةِ الْوُقُوفِ، سَوَاءٌ نَوَى الْوُقُوفَ عِنْدَ الْوُقُوفِ أَوْ لَمْ يَنْوِ، بِخِلاَفِ الطَّوَافِ. (1)
وَصَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ بِاسْتِحْبَابِ النِّيَّةِ لِلْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ. (2)
وَنَصَّ الْحَنَابِلَةُ عَلَى أَنَّهُ كَيْفَمَا حَصَل الْوَاقِفُ بِعَرَفَةَ وَهُوَ عَاقِلٌ أَجَزَأَهُ، قَائِمًا أَوْ جَالِسًا أَوْ رَاكِبًا أَوْ نَائِمًا، وَإِنْ مَرَّ بِهَا مُجْتَازًا فَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهَا عَرَفَةَ أَجْزَأَهُ أَيْضًا. (3)
وَقَالُوا: لاَ يَصِحُّ الْوُقُوفُ مِنَ الْمَجْنُونِ.
وَلاَ يَصِحُّ عَلَى الصَّحِيحِ مِنَ الْمَذْهَبِ وُقُوفُ السَّكْرَانِ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ، وَقِيل: يَصِحُّ، وَيَصِحُّ الْوُقُوفُ مَعَ نَوْمٍ وَجَهْلٍ فِي الأَْصَحِّ، وَقِيل: لاَ
__________
(1) بدائع الصنائع 2 / 127، وابن عابدين 2 / 175.
(2) حاشية ابن عابدين 2 / 175.
(3) المغني لابن قدامة 3 / 416، ومغني المحتاج 1 / 498.
الصفحة 322
403