كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 45)

التَّوَجُّهُ إِلَى عَرَفَةَ وَكَيْفِيَّةُ الْوُقُوفِ بِهَا:
36 - إِذَا كَانَ صَبَاحُ يَوْمِ التَّاسِعِ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ يُصَلِّي الْحَاجُّ صَلاَةَ الْفَجْرَ فِي مِنًى، ثُمَّ يَمْكُثُ إِلَى أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَتُشْرِقَ عَلَى جَبَل ثَبِيرٍ، فَإِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ تَوَجَّهَ إِلَى عَرَفَاتٍ مَعَ السَّكِينَةِ وَالْوَقَارِ، مُلَبِّيًا مُهَلِّلاً مُكَبِّرًا، وَهَكَذَا مِنْ سَائِرِ الأَْذْكَارِ، وَيُسَنُّ أَنْ يَغْتَسِل لِلْوُقُوفِ، وَإِلاَّ فَلْيَتَوَضَّأْ.
وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُول فِي التَّوَجُّهِ إِلَى عَرَفَاتٍ: اللَّهُمَّ إِلَيْكَ تَوَجَّهْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وَوَجْهَكَ الْكَرِيمَ أَرَدْتُ، فَاجْعَل ذَنْبِي مَغْفُورًا، وَحَجِّي مَبْرُورًا، وَارْحَمْنِي وَلاَ تُخَيِّبْنِي، وَبَارِكْ فِي سَفَرِي، وَاقْضِ بِعَرَفَاتٍ حَاجَتِي إِنَّكَ عَلَى كُل شَيْءٍ قَدِيرٌ. (1)
37 - وَإِذَا قَرُبَ مِنْ عَرَفَةَ وَوَقَعَ بَصَرُهُ عَلَى جَبَل الرَّحْمَةِ وَعَايَنَهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَقُول: اللَّهُمَّ إِلَيْكَ تَوَجَّهْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وَوَجْهَكَ أَرَدْتُ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَتُبْ عَلَيَّ، وَأَعْطِنِي سُؤَالِي، وَوَجِّهْ إِلَيَّ الْخَيْرَ أَيْنَمَا تَوَجَّهْتُ، سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ. ثُمَّ يُلَبِّي إِلَى أَنْ يَدْخُل عَرَفَةَ وَيَنْزِل مَعَ النَّاسِ حَيْثُ شَاءَ،
__________
(1) تبيين الحقائق 2 / 23، ومغني المحتاج 1 / 496، والأذكار للنووي ص325 ط دار ابن كثير.
إِلاَّ الطَّرِيقَ، وَقُرْبُ الْجَبَل أَفْضَلُ، هَذَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ. (1) .
وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ يَنْزِل بِنَمِرَةَ وَيَمْكُثُ إِلَى الظُّهْرِ لِيَشْهَدَ مَعَ الإِْمَامِ الْخُطْبَةَ وَجَمْعَ صَلاَتَيِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ. (2)
وَلاَ يَشْتَغِل بَيْنَ الصَّلاَتَيْنِ بِالسُّنَنِ أَوِ التَّطَوُّعِ أَوْ بِشَيْءٍ غَيْرِهِمَا مِنْ أَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ، وَيَقِفُ بِعَرَفَةَ إِلَى الْغُرُوبِ، وَالأَْفْضَل أَنْ يَنْزِل قُرْبَ جَبَل الرَّحْمَةِ، وَيُحَاوِل أَنْ يَكُونَ فِي مَوْقِفِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَهَذَا إِنْ تَيَسَّرَ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ، وَإِذَا نَزَل فِي عَرَفَاتٍ يَمْكُثُ فِيهَا وَيَقِفُ لِلدُّعَاءِ مُسْتَقْبِلاً الْقِبْلَةَ رَافِعًا يَدَيْهِ بَاسِطَهُمَا، كَالْمُسْتَطْعَمِ الْمِسْكِينِ، كَمَا وَرَدَ فِي صِفَةِ دُعَاءِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَفَةَ (3) .
وَيَجْهَرُ فِي التَّلْبِيَةِ مِنْ غَيْرِ مُبَالَغَةٍ، وَيَأْتِي بِصِيغَتِهَا الْمَعْرُوفَةِ: " لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لاَ شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ، لاَ شَرِيكَ لَكَ " وَمِمَّا وَرَدَ فِي التَّلْبِيَةِ بِعَرَفَةَ خَاصَّةً أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا وَقَفَ بِعَرَفَاتٍ قَال: " لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ " ثُمَّ
__________
(1) تبيين الحقائق 2 / 23، وابن عابدين 2 / 173.
(2) الذخيرة 3 / 255، والمجموع 8 / 85، ومغني المحتاج 1 / 496، والمبدع 3 / 230.
(3) حديث: " أن رسول الله ? دعا بعرفة يداه إلى صدره كالمستطعم المسكين. . " أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (5 / 117) من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما.

الصفحة 332