كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 45)

قَال: " إِنَّمَا الْخَيْرُ خَيْرُ الآْخِرَةِ ". وَفِي رِوَايَةٍ: " لَبَّيْكَ إِنَّ الْعَيْشَ عَيْشُ الآْخِرَةِ (1) .
وَأَمَّا الأَْدْعِيَةُ وَالأَْذْكَارُ فَإِخْفَاؤُهَا أَوْلَى إِلاَّ إِنِ احْتَاجَ أَنْ يُسْمِعَ مَنْ يَقْتَدِي بِهِ فِيهَا.
وَيُكَرِّرُ كُل دُعَاءٍ يَدْعُو بِهِ ثَلاَثًا، وَيَسْتَفْتِحُ الدُّعَاءَ بِالتَّحْمِيدِ وَالتَّمْجِيدِ وَالتَّسْبِيحِ وَالصَّلاَةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيَخْتِمُهُ بِذَلِكَ، وَبِآمِينَ، وَيَسْتَمِرُّ هَكَذَا إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ، وَيُلَبِّي فِي أَثْنَاءِ ذَلِكَ سَاعَةً فَسَاعَةً، وَلْيُحَافِظْ عَلَى طَهَارَةِ ظَاهِرِهِ وَبَاطِنِهِ، وَلْيَتَبَاعَدْ عَنِ الْحَرَامِ فِي أَكْلِهِ وَشُرْبِهِ وَلُبْسِهِ وَرُكُوبِهِ وَنَظَرِهِ وَكَلاَمِهِ، وَكُل أَمْرِهِ، وَلْيَحْذَرْ مِنْ ذَلِكَ كُل الْحَذَرِ، فَقَدْ قَال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ: " إِنَّ هَذَا يَوْمٌ مَنْ مَلَكَ فِيهِ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ وَلِسَانَهُ غُفِرَ لَهُ " (2) .
وَإِذَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ أَفَاضَ الإِْمَامُ - أَيْ سَارَ -
__________
(1) حديث: " تلبية النبي ? في عرفات: لبيك اللهم لبيك. أخرجه مسلم (2 / 933) من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه. وأما حديث التلبية بزيادة: " إنما الخير خير الآخرة. . " فأخرجها ابن خزيمة في صحيحه (4 / 260) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما. وأما رواية: " لبيك إن العيش عيش الآخرة. . فأخرجها الشافعي في المسند (ترتيب المسند 1 / 304 ـ 305) من حديث مجاهد مرسلاً.
(2) حديث: " إن هذا يوم من ملك فيه سمعه. . . " أخرجه أحمد (1 / 329) وابن خزيمة (4 / 261) من حديث ابن عباس.
مِنْ عَرَفَةَ وَسَارَ النَّاسُ مَعَهُ مِنْ غَيْرِ تَأَخُّرٍ، وَعَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ فِي بَاطِنِ نُفُوسِهِمْ، وَالْوَقَارُ؛ أَيِ الرَّزَانَةُ فِي الظَّاهِرِ، فَإِنْ وَجَدَ سَعَةً فِي الطَّرِيقِ أَسْرَعَ بِلاَ إِيذَاءٍ، مَاشِيًا أَوْ رَاكِبًا، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ فِي سَيْرِهِ مُلَبِّيًا مُكَبِّرًا مُهَلِّلاً مُسْتَغْفِرًا دَاعِيًا مُصَلِّيًا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ذَاكِرًا كَثِيرًا، بَاكِيًا أَوْ مُتَبَاكِيًا، وَيَدْعُو اللَّهَ أَلاَّ يَجْعَلَهُ آخِرَ الْعَهْدِ بِعَرَفَةَ. وَيَظَل عَلَى الذِّكْرِ وَالْخُشُوعِ حَتَّى يَصِل إِلَى الْمُزْدَلِفَةِ، وَلاَ يَلْتَفِتُ إِلَى شَيْءٍ، وَلاَ يُصَلِّي الْمَغْرِبَ وَلاَ الْعِشَاءَ حَتَّى يَدْخُل الْمُزْدَلِفَةَ، فَيَكُونُ بِذَلِكَ أَدَّى رَكْنَ الْوُقُوفِ تَامًّا بِفَضْل اللَّهِ تَعَالَى. (1)
وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَمْضِيَ عَلَى طَرِيقِ الْمَأْزِمَيْنِ، لأَِنَّهُ يُرْوَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَلَكَهَا (2) ، وَإِنْ سَلَكَ الطَّرِيقَ الأُْخْرَى جَازَ. (3)

الأَْدْعِيَةُ الْمُسْتَحَبَّةُ فِي الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ:
38 - يُسْتَحَبُّ الإِْكْثَارُ مِنَ الدُّعَاءِ (4) وَمِنْ صِيَغِهِ
__________
(1) هداية السالك 3 / 1021 - 1028، والإيضاح ص285، والفتاوى الهندية 1 / 229.
(2) حديث: " أن رسول الله ? سلك طريق المأزمين. . " أخرجه البخاري (فتح الباري 3 / 519) ومسلم (2 / 934) .
(3) المغني لابن قدامة 3 / 418، والإيضاح ص271، وابن عابدين 2 / 176.
(4) هداية السالك 3 / 1021 - 1028، والإيضاح ص285، والفتاوى الهندية 1 / 229.

الصفحة 333