كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 45)

فَكَرِّهْهُ إِلَيْنَا وَجَنِّبْنَاهُ، وَلاَ تَنْزِعْ عَنَّا الإِْسْلاَمَ بَعْدَ إِذْ أَعْطَيْتَنَا " (1) .

التَّعْرِيفُ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ بِالأَْمْصَارِ:
39 - التَّعْرِيفُ هُوَ اجْتِمَاعُ النَّاسِ فِي الْبُلْدَانِ وَالأَْمْصَارِ بَعْدَ عَصْرِ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَالأَْخْذُ فِي الدُّعَاءِ وَالذِّكْرِ وَالضَّرَاعَةِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ كَمَا يَفْعَل أَهْل عَرَفَةَ. (2)
وَقَال الطَّحْطَاوِيُّ: التَّعْرِيفُ هُوَ تَشْبِيهُ النَّاسِ أَنْفُسِهِمْ بِالْوَاقِفِينَ بِعَرَفَاتٍ. (3) وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ التَّعْرِيفِ:

الرَّأْيُ الأَْوَّل: ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ (الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَنَافِعٌ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَالْحَكَمُ وَحَمَّادٌ) إِلَى أَنَّ التَّعْرِيفَ مَكْرُوهٌ.
قَال الطَّحْطَاوِيُّ: وَظَاهِرُ كَلاَمِ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهَا كَرَاهَةٌ تَحْرِيمِيَّةٌ، لأَِنَّ الْوُقُوفَ عُهِدَ قُرْبَةً بِمَكَانٍ
__________
(1) أثر ابن عمر: " أنه كان عشية عرفة يرفع صوته. . . " أخرجه الطبراني في الدعاء (2 / 1208 ـ ط البشائر) ، وعزاه ابن جماعة في هداية السالك إلى الطبراني في مناسكه وقال: بإسناد جيد.
(2) مغني المحتاج 1 / 497.
(3) حاشية الطحطاوي على مراقى الفلاح ص294، والفتاوى الهندية 1 / 152، والمجموع 8 / 117، والحوادث والبدع للطرطوشي 1 / 9.
مَخْصُوصٍ. فَلَمْ يَجُزْ فِعْلُهُ فِي غَيْرِهِ كَالطَّوَافِ وَنَحْوِهِ، أَلاَ تَرَى أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ الطَّوَافُ حَوْل مَسْجِدٍ أَوْ بَيْتٍ سِوَى الْكَعْبَةِ تَشَبُّهًا. (1)
وَقَال الإِْمَامُ مَالِكٌ: إِنَّ التَّعْرِيفَ لَيْسَ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ، إِنَّمَا مَفَاتِيحُ هَذِهِ الأَْشْيَاءِ مِنَ الْبِدْعَةِ.
وَعَنْ شُعْبَةَ قَال: سَأَلْتُ الْحَكَمَ وَحَمَّادًا عَنِ اجْتِمَاعِ النَّاسِ يَوْمَ عَرَفَةَ فِي الْمَسَاجِدِ فَقَالاَ: هُوَ مُحْدَثٌ. وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ: هُوَ مُحْدَثٌ. (2)
وَقَال ابْنُ مُفْلِحٍ وَتَبِعَهُ الْمِرْدَاوِيُّ: لَمْ يَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ التَّعْرِيفَ بِغَيْرِ عَرَفَةَ، وَأَنَّهُ لاَ نِزَاعَ فِيهِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ، وَأَنَّهُ مُنْكَرٌ، وَفَاعِلُهُ ضَالٌّ. (3)

الرَّأْيُ الثَّانِي: رَخَّصَ فِي التَّعْرِيفِ الإِْمَامُ أَحْمَدُ، وَهُوَ مَا يُؤْخَذُ مِنْ عِبَارَاتِ الشَّافِعِيَّةِ. قَال أَحْمَدُ: لاَ بَأْسَ بِالتَّعْرِيفِ بِالأَْمْصَارِ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ. (4)
وَقَال الأَْثْرَمُ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنِ التَّعْرِيفِ فِي الأَْمْصَارِ يَجْتَمِعُونَ فِي الْمَسَاجِدِ يَوْمَ عَرَفَةَ، قَال: أَرْجُو أَنْ لاَ يَكُونَ بِهِ بَأْسٌ، قَدْ فَعَلَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ،
__________
(1) حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح ص294.
(2) الحوادث والبدع للطرطوشي 98، والمجموع 8 / 117.
(3) الفروع 2 / 150، والإنصاف 2 / 441.
(4) الإنصاف 2 / 441، والفروع 2 / 150، والمغني 2 / 399، وتحفة المحتاج مع حواشيه 4 / 108.

الصفحة 335