كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 45)

وَالصِّلَةُ بَيْنَ يَوْمِ النَّحْرِ وَيَوْمِ عَرَفَةَ أَنَّ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا مَنَاسِكَ لِلْحَجِّ.

فَضْل يَوْمِ النَّحْرِ:
3 - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّ لِيَوْمِ النَّحْرِ فَضْلاً كَبِيرًا، لِمَا شُرِعَ فِيهِ مِنْ مَنَاسِكَ وَعِبَادَاتٍ، وَلِمَا يَحْفُل بِهِ مِنْ طَاعَاتٍ وَقُرُبَاتٍ، وَمِنْ فَضْل يَوْمِ النَّحْرِ أَنَّهُ أَطْلَقَ عَلَيْهِ جَمْعٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَْكْبَرِ، وَهُوَ الْمُرَادُ عِنْدَهُمْ بِيَوْمِ الْحَجِّ الأَْكْبَرِ الْمَذْكُورِ فِي قَوْل اللَّهِ تَعَالَى: {وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَْكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ (1) } . لِمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَفَ يَوْمَ النَّحْرِ بَيْنَ الْجَمَرَاتِ فِي الْحَجَّةِ الَّتِي حَجَّ، فَقَال: أَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟ قَالُوا: يَوْمُ النَّحْرِ، قَال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " هَذَا يَوْمُ الْحَجِّ الأَْكْبَرِ (2) .، وَلِمَا ثَبَتَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَذَّنَا بِمَا جَاءَ فِي الآْيَةِ الْكَرِيمَةِ السَّابِقَةِ يَوْمَ النَّحْرِ. (3) ، وَوَرَدَ أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: يَوْمُ الْحَجِّ الأَْكْبَرِ يَوْمُ
__________
(1) سورة التوبة / 2.
(2) حديث: " أن رسول الله ? وقف يوم النحر بين الجمرات. . . أخرجه أبو داود (2 / 483) من حديث ابن عمر، وصححه ابن القيم في زاد المعاد (1 / 55) .
(3) حديث: " أن أبا بكر وعلياً أذنا بما جاء في الآية. . . أخرجه البخاري (الفتح 8 / 317) ومسلم (2 / 982) .
النَّحْرِ (1) ، وَقَالُوا: لأَِنَّ فِيهِ تَمَامَ الْحَجِّ وَمُعْظَمَ أَفْعَالِهِ. . مِنْ وُقُوفٍ بِالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ، وَدَفْعٍ مِنْهُ لِمِنًى، وَرَمْيٍ، وَنَحْرٍ، وَحَلْقٍ، وَطَوَافِ إِفَاضَةٍ، وَرُجُوعٍ لِمِنًى لِلْمَبِيتِ بِهَا، وَلَيْسَ فِي غَيْرِهِ مِثْلُهُ، وَلأَِنَّ الإِْعْلاَمَ - أَيِ الأَْذَانَ - الْمَذْكُورَ فِي الآْيَةِ كَانَ فِيهِ. (2)
وَقَال الْعَلاَّمَةُ نُوحٌ فِي رِسَالَتِهِ الْمُصَنَّفَةِ فِي تَحْقِيقِ الْحَجِّ الأَْكْبَرِ: قِيل أَنَّهُ الَّذِي حَجَّ فِيهِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ.
وَقِيل: يَوْمُ عَرَفَةَ جُمُعَةٌ أَوْ غَيْرُهَا. وَإِلَيْهِ ذَهَبَ عَلَيٌّ وَابْنُ أَبِي أَوْفَى، وَالْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، وَقِيل: إِنَّهُ أَيَّامُ مِنًى كُلُّهَا، وَهُوَ قَوْل مُجَاهِدٍ وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَقَال مُجَاهِدٌ: الْحَجُّ الأَْكْبَرُ الْقِرَانُ، وَالأَْصْغَرُ الإِْفْرَادُ.
وَقَال الزُّهْرِيُّ وَالشَّعْبِيُّ وَعَطَاءٌ: الأَْكْبَرُ: الْحَجُّ، وَالأَْصْغَرُ الْعُمْرَةُ. (3)
__________
(1) حديث: " يوم الحج الأكبر يوم النحر. . . أخرجه الترمذي (3 / 282) من حديث علي ابن أبي طالب وذكر المباركفوري في تحفة الأحوذي (4 / 30) أن في إسناده راويا ضعيفاً.
(2) الجامع للقرطبي 8 / 69 ـ 70، وفتح الباري 3 / 574، 576، 8 / 321، وعون المعبود 5 / 420، وفيض القدير 2 / 3، وحاشية الجمل على شرح المنهج 2 / 470، ومطالب أولي النهى 2 / 428، وكشاف القناع 2 / 504، والمغني 3 / 295، وزاد المعاد 1 / 54 ـ 55.
(3) حاشية ابن عابدين 2 / 254.

الصفحة 338