كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 45)

أَنْ تَكُونَ لَهُ أُضْحِيَّةٌ وَإِمَّا أَنْ لاَ تَكُونَ.
فَمَنْ كَانَتْ لَهُ أُضْحِيَّةٌ فَقَدِ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يُسَنُّ لَهُ تَأْخِيرُ الْفِطْرِ يَوْمَ النَّحْرِ وَالإِْمْسَاكُ عَنِ الأَْكْل لِيُفْطِرَ عَلَى كَبِدِ أُضْحِيَّتِهِ، لِمَا وَرَدَ عَنْ بُرَيْدَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَال: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاَ يَخْرُجُ يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يُفْطِرَ، وَلاَ يَطْعَمُ يَوْمَ الأَْضْحَى حَتَّى يُصَلِّيَ (1) ، وَفِي رِوَايَةٍ: وَلاَ يَأْكُل يَوْمَ النَّحْرِ حَتَّى يَذْبَحَ (2) ، وَلأَِنَّ فِي الأَْضْحَى شُرِعَتِ الأُْضْحِيَّةُ وَالأَْكْل مِنْهَا فَاسْتُحِبَّ أَنَّ يَكُونَ الْفِطْرُ عَلَى شَيْءٍ مِنْهَا، وَلأَِنَّ النَّاسَ أَضْيَافُ اللَّهِ تَعَالَى فِي هَذَا الْيَوْمِ فَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ أَكَلُهُمْ مِنْ لُحُومِ الأَْضَاحِي الَّتِي هِيَ ضِيَافَةُ اللَّهِ تَعَالَى، وَلأَِنَّ الصَّدَقَةَ فِي عِيدِ الْفِطْرِ قَبْل الصَّلاَةِ فَاسْتُحِبَّ لِلْمُتَصَدِّقِ الأَْكْل قَبْل صَلاَةِ عِيدِ الْفِطْرِ لِيُشَارِكَ الْمَسَاكِينَ، وَالصَّدَقَةُ فِي عِيدِ النَّحْرِ إِنَّمَا هِيَ بَعْدَ الصَّلاَةِ مِنَ الأُْضْحِيَّةِ فَاسْتُحِبَّ مُوَافَقَةُ الْمَسَاكِينِ فِي الأَْكْل مِنْهَا، وَلأَِنَّ مَا قَبْل يَوْمِ الْفِطْرِ يَحْرُمُ الأَْكْل فَنُدِبَ الأَْكْل فِيهِ قَبْل صَلاَةِ الْعِيدِ لِيَتَمَيَّزَ عَمَّا قَبْلَهُ. . وَفِي يَوْمِ الأَْضْحَى لاَ يَحْرُمُ الأَْكْل قَبْلَهُ فَأُخِّرَ. . لِيَتَمَيَّزَ كُلٌّ مِنْهُمَا.
وَالأَْوْلَى لِلْمُضَحِّي أَنْ يَأْكُل مِنْ كَبِدِ أُضْحِيَّتِهِ
__________
(1) حديث: " كان النبي ? لا يخرج يوم الفطر. . . أخرجه الترمذي (2 / 426) ، ونقل ابن حجر في التلخيص (2 / 198 ـ علمية) عن ابن القطاح أنه صححه.
(2) رواية: " ولا يأكل يوم النحر حتى يذع أخرجها البيهقي في السنن الكبرى (3م283) .
لِحَدِيثِ: أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْكُل مِنْ كَبِدِ أُضْحَيَّتِهِ (1) وَلأَِنَّ الْكَبِدَ أَسْرَعُ تَنَاوُلاً مِنْ غَيْرِهِ.
وَأَمَّا مَنْ لاَ يُضَحِّي فَيَرَى جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ (الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ، وَهُوَ مَا يُؤْخَذُ مِنَ اطْلاَقِ عِبَارَاتِ الشَّافِعِيَّةِ) أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَيْضًا تَأْخِيرُ الأَْكْل.
وَصَرَّحَ الْحَنَابِلَةُ بِأَنَّ مَنْ لَمْ يَكُنْ يُضَحِّي خُيِّرَ بَيْنَ الأَْكْل قَبْل الصَّلاَةِ وَبَعْدَهَا. (2) لِحَدِيثِ بُرَيْدَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاَ يَخْرُجُ يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَطْعَمَ، وَكَانَ لاَ يَأْكُل يَوْمَ النَّحْرِ شَيْئًا حَتَّى يَرْجِعَ فَيَأْكُل مِنْ أُضْحِيَّتِهِ (3) . وَقَالُوا: إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَبْحٌ لَمْ يُبَال أَنْ يَأْكُل.

صَوْمُ يَوْمِ النَّحْرِ:
7 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ (الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ
__________
(1) حديث: " أنه كان يأكل من كبد أضحيته. . . " أخرجه البيهقي في السنن (3 / 283) ، وذكر الذهبي في ميزان الاعتدال (3 / 86) تضعيف أحد رواته.
(2) الدر المختار ورد المحتار 1 / 562، والزرقاني 2 / 75، والدسوقي 1 / 399، والفواكه الدواني 1 / 322، والخرشي 3 / 38، ومغني المحتاج 1 / 313، 4 / 290، والمجموع شرح المهذب 5 / 6، والمغني لابن قدامة 2 / 371 ـ 372، وحاشية الجمل 2 / 100، كشاف القناع 2 / 51، ومطالب أولي النهى 1 / 796.
(3) حديث بريدة: " كان النبي ? لا يخرج يوم الفطر حتى يطعم أخرجه الدارقطني (2 / 45) .

الصفحة 341